تلتزم السلطات العراقية الصمت إزاء القصف الجوي الذي تعرضت له شاحنات نقل بعد مغادرتها الأراضي العراقية عبر منفذ القائم باتجاه سورية، مساء الثلاثاء الماضي، على الرغم من الحراك الواسع للفصائل المسلحة الحليفة لإيران في المنطقة الحدودية ذاتها بعد القصف، والذي تضمّن إخلاء مقار لها، واستحداث أخرى ضمن مثلث الزوية والسكك ومبنى الجمارك القديم عراقياً، والطلائع والفتحة سورياً، وهي مناطق التداخل العراقي السوري الجغرافي، التي تُحكم الفصائل سيطرتها عليها منذ مطلع عام 2017.
وكانت طائرات مجهولة قد وجّهت، الثلاثاء الماضي، ضربات جوية استهدفت رتلاً من الصهاريج بعد قليل من مغادرته الأراضي العراقية ودخوله ساحة التبادل السورية، التي تضم مخازن ومنطقة استراحة ومحطة تزود بالوقود الثقيل.
مسؤول عراقي: ما يقال عن أن الصهاريج تحمل أسلحة غير صحيح
وأدى ذلك القصف إلى تدمير عدد منها وتسجيل قتلى من سائقي الرتل. كما جرت ملاحظة انفجارات ثانوية في أحد تلك الصهاريج، لم يجر التأكد من طبيعتها بسبب إغلاق المنطقة ومنع الوصول إليها.
طائرات إسرائيلية نفذت الهجوم
وكشف مسؤولان عراقيان في بغداد، طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، لـ"العربي الجديد"، أمس الأحد، أن الولايات المتحدة أبلغت العراق رسمياً عدم صلتها بالقصف، من دون أن توضح هوية الطائرات التي نفذت الهجوم، لكن المعلومات المتوفرة حالياً تؤكد أنها طائرات إسرائيلية.
وقال أحد المسؤولين، وهو ضابط في وكالة الاستخبارات ضمن قوات حرس الحدود في محافظة الأنبار غربي العراق، إن الصهاريج، وعددها 22، دخلت العراق من إيران وتحمل الوقود، وخرجت منه بشكل رسمي ووفق الأصول، وكانت متجهة إلى لبنان ضمن مساعدة إيرانية مجانية.
وأضاف أن الصهاريج دخلت بشكل رسمي من منفذ زرباطية بمحافظة واسط العراقية، وتوجهت إلى منفذ القائم بمحافظة الأنبار للدخول إلى سورية ثم إلى لبنان. وشدد على أن عملية تنقّلها وخروجها من العراق جرت بشكل رسمي، وتحمل الوقود، وجرى تفتيشها والتأكد من حمولتها قبل عبورها العراق وفقاً للضوابط.
لا أسلحة في الصهاريج
واعتبر أن "كل ما يقال عن أنها تحمل مواد أو أسلحة غير صحيح على الإطلاق". وأكد أنه "بعد عبورها الحدود العراقية، تعرضت للقصف، والأضرار شملت 8 صهاريج، لكن الصهاريج الأخرى أكملت في اليوم الثاني طريقها إلى لبنان".
من جهته، أكد المسؤول الآخر أن "التحقيقات الخاصة بالعراق أثبتت أن عملية القصف تمت من قبل طيران مسيّر تابع للكيان الصهيوني، لكن بما أن القصف وقع داخل أراضٍ سورية، فإن الجانب السوري (قوات النظام) هي المسؤولة عن إصدار الموقف الخاص بالقصف".
وفي السياق، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي، لـ"العربي الجديد"، إن "الصهاريج التي قُصفت عند الحدود العراقية - السورية هي إيرانية، ودخلت العراق وفق الأصول، وهي كانت تحمل مساعدات إلى لبنان، بسبب ما يعانيه من أزمة في المشتقات النفطية".
وبيّن تقي أن "عملية القصف جرت خارج الحدود العراقية، وكل المعلومات المتوفرة لدينا حالياً، والتي يمكن الكشف عنها، هي أن الكيان الصهيوني يقف خلف عملية القصف".
وأضاف أن "كل المعلومات والأنباء التي تحدثت عن أن هذه الصهاريج تحمل مشتقات نفطية مهربة، أو مواد ممنوعة من العراق، عارية من الصحة. ونؤكد أن هذه الصهاريج دخلت بشكل رسمي إلى العراق، وخرجت عبر منفذ رسمي توجد فيه كل الجهات الأمنية المسؤولة".
وتعليقاً على هذا التطور، اعتبر الخبير في الشأن الأمني العراقي أحمد الشريفي أن عملية استهداف الصهاريج بعد خروجها من الأراضي العراقية تؤكد أن "العراق ما زال غير قادر على السيطرة على أجوائه".
مراقبة وترصد للأراضي العراقية
وأضاف الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "القصف يشير بوضوح إلى وجود مراقبة وترصّد جوي للأراضي العراقية وكل ما يدخل ويخرج عبر المنافذ العراقية، من خلال السيطرة على السماء العراقية، وهذا بحد ذاته يشكل خطورة وتهديداً للأمن القومي العراقي".
مهدي تقي: الصهاريج كانت تحمل مساعدات إلى لبنان، بسبب ما يعانيه من أزمة في المشتقات النفطية
وتابع: "من نفذ الهجوم إسرائيل أو الولايات المتحدة، لكن بالنظر للوضع الحالي، فإن المرجح وقوف إسرائيل وراء العملية، خصوصاً أن هذه المساعدات الإيرانية كانت متجهة إلى لبنان، والتهمة أن هناك مواد غير نفطية كانت على متن هذا الرتل، وهذا ربما يكون أحد أسباب استهداف الصهاريج".
واعتبر أن انتظار استهداف الرتل إلى حين خروجه من الأراضي العراقية هو "لحسابات سياسية بالدرجة الأولى، حتى لا يدفع القصف إلى توتر جديد ما بين الحكومة الجديدة والجانب الأميركي، ولهذا جرت عملية القصف خارج الأراضي العراقية".
يذكر أن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية كان قد بحث، في فبراير/شباط الماضي، في بغداد، حركة الترانزيت عبر الأراضي العراقية، ودعم إدراج لبنان في خطوط الترانزيت، لا سيما مع الكويت وإيران، انطلاقاً من المنافذ الحدودية العراقية - السورية والحدود العراقية - الأردنية إلى منطقة الخليج، بالإضافة إلى مناقشة دخول الشاحنات اللبنانية التي يكون مقصدها النهائي الأراضي العراقية إلى داخل المدن والمحافظات العراقية، بحيث لا تبقى عملية تفريغ الحمولة أو شحن المقطورة في ساحات التبادل عند الحدود العراقية - السورية.