تحفّظ مصري يمنع اجتماع "الاطار القيادي لمنظمة التحرير"

03 سبتمبر 2014
حاجة لوقف التراشق الإعلامي بين فتح وحماس (Getty)
+ الخط -
ترى أوساط سياسيّة فلسطينيّة، أن اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينيّة في الوقت الراهن، هو الضمان الوحيد لعدم تدهور العلاقة بين حركتي "فتح" و"حماس"، على ضوء التراشق الإعلامي الأخير بينهما. وتعتبر تلك الأوساط، أن هذا الاجتماع، سيكون كفيلاً ببلورة استراتيجيّة وطنيّة، تجمع الفصائل والحركات الفلسطينيّة، وتعيد إليها الاعتبار، لكنّ تحفّظ القيادة المصريّة وعدم إبداء استعدادها لاستضافة هذا الاجتماع، يقف حائلاً أمام حصوله. وفي سياق متّصل، تؤكّد مصادر فلسطينيّة مطّلعة لـ"العربي الجديد"، أن القيادة المصريّة وضعت "فيتو" على اسم رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، وترفض حضوره إلى القاهرة. وتكشف أنّ "إصرار القاهرة والرئيس الفلسطيني محمود عباس على عدم انعقاد الاجتماع في مكان آخر"، يزيد الأمر سوءاً.

وتبرّر مصادر في الرئاسة الفلسطينيّة، تمسُّك عبّاس بانعقاد الاجتماع في القاهرة، باعتبار أنّ الأخيرة "رعت المصالحة الفلسطينيّة على مدار السنوات الماضية، ولا يمكن تجاهل دورها الأساسي الآن". وتوضح أنّ "أبو مازن يرى في القاهرة طرفاً وليس وسيطاً، ويعوّل على الجهود الدبلوماسية لإقناع القاهرة"، مع التأكيد أنّه "لن يفعل ما يُغضب القيادة المصريّة، ولن يسعى إلى أيّ احتكاك معها، مهما كلّف الأمر".

انطلاقاً ممّا تقدّم، يبدو أنّ اقتراح عقد الاجتماع في دولة محايدة، بعيدة عن المحاور والاستقطابات السياسيّة الإقليميّة، كالجزائر على سبيل المثال، مرفوض أيضاً من قبل القاهرة والقيادة الفلسطينيّة، وهو ما يدخل الأمر في مزيد من التعقيد.

وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قد دعت، خلال العدوان على قطاع غزة، إلى عقد لقاء وطني، يضمّ كل قيادات العمل الوطني الفلسطيني، في إطار المنظمة وخارجها، برعاية جامعة الدول العربية وبمساندة من القيادة المصريّة، بهدف إيجاد توافق فلسطيني على خطّ سياسي مشترك. وتبدّدت الدعوة إلى عقد اجتماع مماثل، خصوصاً بعد إعلان التهدئة ووقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي.

يؤكّد سياسيّون ومراقبون أنّ الحاجة لاجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير باتت أكثر إلحاحا بعد التهدئة، خصوصاً في ظلّ التراشق الإعلامي الحالي بين الحركتين، وبعد تصريحات عباس المتلاحقة، لناحية أنّ "قرار السلم والحرب يجب ألا يكون مقتصراً على فصيل أو جهة فلسطينيّة واحدة، ويجب أن يكون قراراً وطنياً، فضلاً عن عدم السماح لفصيل فلسطيني بجرّ الشعب الفلسطيني إلى معركة مع الاحتلال الإسرائيلي". ويعوّل الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أهميّة اجتماع الإطار القيادي، لناحية "وضع استراتيجيّة وطنيّة، وتمكين الوحدة الوطنيّة، ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة".

وفي حين أنه لم يحدد بعد أي موعد لاجتماع مماثل، يوضح الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، أنّ "الرئيس أبو مازن هو من يدعو إلى الاجتماع"، لافتاً إلى "الضغوط كبيرة ومستمرة لعقده في القاهرة". ولم يستبعد الصالحي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "تكون العلاقة المتوتّرة بين حماس والقاهرة، أحد العوائق، خصوصاً أنّ الاجتماع مخصص لأمناء الفصائل الفلسطينية، وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وبالتالي يجب حضور خالد مشعل، ليمثّل حماس في الاجتماع".

وفي حين يربط نائب الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، قيس عبد الكريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عدم وجود أي دعوة قريبة لاجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير، بـ"أسباب لوجستية"، تشدّد النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني عن "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، خالدة جرار، لـ"العربي الجديد"، على أنّ "تفاصيل عقد الاجتماع، سواء مكانه أو زمانه، هي أمور ثانوية"، وتشير إلى أن "البحث فيها متروك إلى وقت لاحق، والمهم هو الدعوة لعقد هذا الاجتماع الآن". وتبدو الحاجة ملحّة إلى عقد الاجتماع، وفق ما يقوله الصالحي، للاتفاق على "آليات تنفيذ استراتيجية وطنيّة، بما فيها تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل مجلسها الوطني، وبحث واقع السلطة الفلسطينية، وكيفيّة التعامل، في ظلّ حكومة التوافق الوطني، إضافة إلى بحث قضايا تتعلق بمؤسّسات السلطة الفلسطينيّة".

من جهته، يرى الكاتب والمحلّل السياسي علاء الريماوي، أنّ عقد الاجتماع، الذي يعتبره أحد الاستحقاقات العمليّة للمصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، "ليس من أولويات عباس". ويقول الريماوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "هناك استحقاقات كثيرة فرضتها المصالحة، واجتماع الإطار القيادي أحد أركانها"، لافتاً إلى أن "ملفات عدّة، على غرار دمج الحكومتين، ودفع الرواتب والإعمار، كلها بحاجة إلى قرار سياسي موحّد، لن يكون إلا عبر اجتماع وقرارات الإطار القيادي لمنظمة التحرير".

ويوضح الريماوي أن وجود "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ضمن الموقف الرسمي الفلسطيني، يرتّب طريقة تعاطٍ فلسطينيّة سياسيّة مختلفة مع الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن وجود سقف سياسي فلسطيني جديد، ووجود استحقاق لقوى المقاومة، في حال وجود إطار قيادي فلسطيني موحّد". ويعرب عن اعتقاده بأنّ أداء "فتح" في الملفّ السياسيّ الفلسطينيّ، وما تعكسه مواقف أبو مازن حالياً، يؤكد أنه لم "يعتد على القيادة الجمعيّة، والقرار السياسي المشترك".

ويشدّد على أنّ "وجود قوى اليسار في المنظمة، أكبر دليل، إذ لا يتعدّى دورها الديكور، باعتبار أنّها غير شريكة في القرار، ويمرّر أبو مازن ما يريده برغم وجودها، في حين أننا نسمع عادة تحفّظ اليسار ورفضه لقرارات أبو مازن في الإعلام". في المقابل، يعارض عبد الكريم فكرة تفرّد عبّاس بالقرار في المنظمة، ويصرّ على أنّ عباس "يجري حواراً وتواصلاً مع فصائل المنظمة، أو الفصائل غير المنضوية تحتها، حول القضايا المطروحة والقضايا الاستراتيجيّة"، في إشارة ضمنيّة إلى المشاورات الأخيرة التي أجراها عباس مع مشعل في الدوحة، بشأن المبادرة السياسيّة الفلسطينية لإقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، مع سقف زمني. ويرى البعض أنّ هذه المشاورات لن تتجاوز معناها الحقيقي، بمعنى أنها مشاورات فقط، وليست الشراكة الحقيقية المطلوبة في القرار السياسي.

من جهته، يقترح الصالحي أن "يكون هناك حوار ونقاش حول القضايا المذكورة، على أن تُتوّج هذه النقاشات باجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير". ويؤكد الصالحي أن حزبه يؤيّد اجتماع الإطار القيادي، لكنّه يفضّل أكثر "توحيد مكوّنات العمل الفلسطيني، وتنفيذ ما اتّفق عليه سابقا من نقاط هامّة، أبرزها: وضع استراتيجيّة وطنيّة موحّدة، وإعادة تشكيل كل من المجلس الوطني والسلطة وسياساتها من خلال حكومة التوافق، وإيجاد صيغة تضمن عدم التفرّد في القرار، مع إمكانية تنظيم انتخابات حسب التطورات التي تنشأ".

المساهمون