يُجري رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع أعضاء محدودين في مكتبه، إلى جانب وزير الخارجية فؤاد حسين، تحضيرات واسعة للقاء جديد بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين قد يكون الأول من نوعه على مستوى التمثيل الذي ستشارك به الدولتان.
وقالت مصادر رفيعة في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء قد يعقد في الأيام المقبلة في حال حسم بعض التفاصيل حول القضايا التي سيتم بحثها، وهي على الأغلب مشتركة بين البلدين، فيما سيتم تجنب الخوض في قضايا مفصلية، أبرزها الملف اليمني على الأقل في المرحلة الحالية.
يأتي ذلك بعد نحو أسبوع من زيارة أجراها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى كل من جدة وطهران، والتقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيث ضم الوفد عددًا من أعضاء مكتب الكاظمي ومسؤولين في جهاز المخابرات، الذي ما زال عمليا تحت إشراف الكاظمي.
وقال مسؤول في مكتب الكاظمي لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء الذي يجري التحضير له في بغداد قد يكون على مستوى وزراء من البلدين أو وكلائهم، حيث يشرف الكاظمي بنفسه على تهيئة الملفات التي سيجري بحثها، متوقعا أن يكون اللقاء خلال أيام.
غياب ملف اليمن.. تصلب إيراني وسعودي
لكن مسؤولا آخر في مستشارية الأمن القومي العراقي استبعد، خلال حديث مع "العربي الجديد"، تحقق اللقاء خلال عطلة عيد الأضحى، دون "تفاهم على صيغة البيان الختامي الذي سيصدر عنه"، مؤكدا أن "الجانبين لهما رغبة في التهدئة، لكنهما بحاجة إلى وسيط وبشكل لا يظهر أن أيا منها قدم تنازلات".
ورجح المسؤول ذاته ألا يشمل اللقاء طرح ملف اليمن على الأغلب لوجود تصلّب إيراني وسعودي في الموضوع، و"قد يتم تجاوزه نهائيا في هذه المرحلة على الأقل"، كما رجح أن يجري الكاظمي أو وزير الخارجية فؤاد حسين زيارة إلى السعودية ضمن التحضيرات المتواصلة لتهيئة اللقاء ببغداد، مشددا على أن زيارة الكاظمي إلى جدة وطهران كانت تنصب بشكل رئيس على الوساطة العراقية بين إيران والسعودية.
من جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن الأجواء بين الإيرانيين والسعوديين مهيأة تماما للجلوس إلى طاولة الحوار في بغداد قريبا.
وأضاف الفايز: "هناك معلومات أيضا عن أن التمثيل السياسي سيكون مختلفا عن الحوارات السابقة، وليس مستبعدا أن يشارك فيه وزراء خارجية"، مبينا أن الملفات التي ستخضع للنقاش والحوار بين الطرفين هي استكمال لما جرى الحديث عنه في جولات سابقة، فيما أكد أن السعودية "تريد أن تتراجع الهجمات ضدها من قبل الجماعات المسلحة التابعة لإيران".
ولفت إلى أن الجهود الدبلوماسية العراقية حققت نجاحا على مستوى الوساطات بين الدول، وتحديدا بين السعودية وإيران، لا سيما أن الخلافات بينهما أثرت كثيرا على الداخل العراقي، وأسهمت بتوترات على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية.
وانطلق الحوار بين إيران والسعودية في إبريل/ نيسان 2021، في بغداد، بعدما تكللت جهود الحكومة العراقية بالنجاح لجمع الطرفين على طاولة واحدة. وعقدت طهران والرياض حتى الآن خمس جولات، آخرها كانت في شهر إبريل/ نيسان الماضي.
بدوره، أشار المحلل السياسي إحسان الشمري، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الزيارة الأخيرة التي أجراها الكاظمي إلى السعودية كانت إيذانا بالخطوة القادمة التي تتمثل في اللقاء السعودي الإيراني على مستوى رفيع، وقد يشهد حضور وزيري الخارجية للدولتين"، معتبرا أن "هذا اللقاء يشير إلى التقدم الواضح في السياسة العراقية، والتوازن الفاعل الذي مضى عليه العراق، الذي بات يترجم على أرض الواقع".
وأضاف الشمري: "الجولات الخمس الماضية ساهمت بتقريب وجهات النظر بين البلدين رغم التعقيدات قبل الاتفاق على بعض المفاهيم، لأن إيران متحمسة لإنهاء فصل الخلافات مع السعودية، وهي بحاجة بهذا الوقت إلى أن تظهر أنها دولة لا تعمل على زعزعة الاستقرار، كما أن هذه اللقاءات مهمة جدا، خصوصا في ما يخص ارتداداتها الإيجابية على الداخل العراقي، وما توفره من استقرار للمنطقة بالكامل، لكن أعتقد أن إيران لن تصمد طويلاً باتفاقاتها مع السعودية".
والشهر الماضي، أعرب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عن ارتياح بلاده للمحادثات السعودية الإيرانية التي تجري في بغداد بين وقت وآخر على مستوى منخفض من التمثيل، مؤكدا استعداد بلاده لمواصلة تسهيل تلك المحادثات.
ونقل بيان لوزارة الخارجية العراقية عن الوزير العراقي "ارتياحه" للمحادثات الجارية بين طهران والرياض، مؤكداً "عزم الحكومة العراقية على مواصلة التسهيلات لإجراء محادثات مباشرة بين وزيري خارجية البلدين في بغداد وعودة العلاقات بينهما إلى حالتها الطبيعية".
وبحسب البيان، فقد وصف وزير الخارجية الإيراني الجولة الأخيرة من المفاوضات مع السعودية التي جرت في بغداد بـ"الإيجابية"، ورحب عبد اللهيان بتنفيذ نتائج المفاوضات بين الجانبين، مشيداً بالدور الذي تلعبه وزارة الخارجية العراقية في هذا الإطار.