تحشيد شعبي ليوم الزحف إلى بغداد

22 مايو 2021
دفع اغتيال الوزني إلى عودة الاحتجاجات في مدن جنوبية عدة (محمد صواف/فرانس برس)
+ الخط -

يستعد المئات من المتظاهرين في مدن جنوب ووسط العراق للتوجه نحو العاصمة بغداد، للمشاركة في تظاهرات يوم الثلاثاء المقبل، في 25 مايو/أيار الحالي، تلبية لدعوة سابقة وجهها ناشطو محافظة كربلاء لباقي ساحات وتنسيقيات محافظات العراق، بالتوجه إلى العاصمة وتنظيم تظاهرات واسعة عقب اغتيال الناشط المدني البارز إيهاب الوزني قبل نحو أسبوعين.

ومن المرجح أن يبدأ الناشطون التوافد إلى بغداد بشكل متفرّق، اعتباراً من يوم غد الأحد، من تسع مدن رئيسة هي البصرة وكربلاء والنجف وذي قار والقادسية وبابل وواسط وميسان والمثنى، وذلك تحسباً لقطع قوات الأمن الطرق ونصب حواجز تفتيش على غرار تجارب سابقة، بينما يتوقع أن يكون الثقل الأكبر من حيث العدد لناشطي ومحتجي بغداد. ويأتي ذلك وسط استمرار صمت الحكومة حيال الحدث المرتقب، فيما يحذر مراقبون من أن أي خطوة لمحاولة قمع المحتجين أو منع متظاهري الجنوب من الدخول إلى بغداد، ستكون بمثابة شرارة تفجّر الاحتجاجات في العراق مجدداً.

وتشير تسريبات عدة إلى أن التظاهرة المرتقبة ستكون أقرب لتجمع ضخم من أن تكون تظاهرة تجوب وسط بغداد، كما كان عليه الحال نهاية عام 2019 وعام 2020، وسيرفع المحتجون مطالب عدة؛ أولها وقف مماطلة حكومة مصطفى الكاظمي وتسترها على الجهات التي تغتال وتهدد الناشطين والمدونين والمحتجين وكل صوت مدني في الجنوب. من بين المطالب أيضاً إيفاء الحكومة بوعودها في محاسبة المتورطين من عناصر الأمن بقمع التظاهرات وقتل المتظاهرين الذين تجاوز عددهم 800 قتيل فضلاً عن أكثر من 27 ألف جريح، من بينهم ما لا يقل عن 900 شخص أصيبوا بإعاقات دائمة، عدا عن عدد غير قليل من المختطفين، غالبيتهم من بغداد والناصرية ولا يعرف مصيرهم لغاية الآن.

التظاهرة المرتقبة في بغداد ستكون أقرب إلى تجمع ضخم

ودفعت حادثة اغتيال الناشط المدني ورئيس تنسيقيات التظاهرات في مدينة كربلاء، إيهاب الوزني، في 8 مايو الحالي، إلى عودة الاحتجاجات في مدن جنوبية عدة، وهاجم المحتجون مقر القنصلية الإيرانية في 9 مايو، وأضرموا النيران بعدد من الغرف الملحقة بمبناها. كما تم إحراق مقر لحزب "الدعوة الإسلامية" وجداريات وصور لزعامات إيرانية أبرزها المرشد علي خامنئي وزعيم "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، فضلاً عن مقر ثانوي يتبع مليشيا تدعى "جند الإمام"، بمحافظة بابل. وأعلن الحزب الشيوعي العراقي وقوى مدنية عدة بدورها، تعليق مشاركتها في الانتخابات، احتجاجاً على استمرار عمليات قتل الناشطين وفوضى السلاح.
كذلك، أعلن متظاهرو محافظة كربلاء جنوب العراق، مقاطعتهم للانتخابات، المنتظر إجراؤها في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كما أعلنوا عما وصفوه بـ"الزحف" للتظاهر في بغداد، الثلاثاء المقبل، بحسب بيان تلاه متظاهرو كربلاء دعوا فيه باقي المحافظات إلى الانضمام إليهم.

في السياق، قال علي فاهم، وهو عضو تنسيقية تظاهرات بابل، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "جميع المحافظات التي انتفضت سابقاً ستُشارك بتظاهرات الثلاثاء في بغداد، للتأكيد على المطالب التي واصل المتظاهرون رفعها حتى قُتل المئات منهم، وأصيب الآلاف وغيّب العشرات، واضطر المئات من الناشطين إلى الهرب خارج محافظاتهم، وحتى إلى دول أخرى، بسبب المضايقات والتهديدات والملاحقات القانونية ضدهم". وأوضح فاهم أنّ "بعض المتظاهرين، وتحديداً ممن بادروا بتشكيل كيانات سياسية خلال الأشهر الماضية، يتجهون إلى خيار تحويل الاحتجاجات إلى وقفة أو تجمع كبير للمطالبة بالكشف عن قتلة الناشطين والمحتجين، إلا أنّ بعضهم الآخر يتوجه لخيار البقاء في بغداد ونصب خيام هناك، وإعلان عودة الاحتجاجات بطريقة شبيهة باحتجاجات أكتوبر 2019".

من جهته، أشار عضو اتحاد الطلبة العام في بغداد، أحمد طالب اليساري، إلى أن "الاتحاد سيُشارك إلى جانب المحتجين من المحافظات الذين قرروا الزحف إلى بغداد"، مؤكداً أنّ "الاتحاد لا يزال جزءاً من الحراك الشعبي الاحتجاجي ضدّ أحزاب السلطة والمليشيات التي تواصل العبث بأرواح الناشطين وتقوم بتهديدهم". وشدد اليساري في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، على أن "استمرار إهمال مطالب المتظاهرين، سيؤدي بكل تأكيد إلى تجدد التظاهرات، وقد تتدخل المليشيات والتيار الصدري لفرض هيمنتهم على المتظاهرين مرة أخرى، وتمنع استمرار جهودهم، وذلك في سبيل وأد مطالب الشعب العراقي، وبقاء الساحات والميادين خالية من أي أصوات معارضة للنظام الذي بات يشبه الأنظمة القمعية".

سيطالب المحتجون الحكومة بوقف التستر على قاتلي الناشطين

بدورها، قالت شروق العبايجي، وهي رئيسة "الجبهة المدنية العراقية"، إحدى القوى المدنية الفاعلة في دعم الاحتجاجات السلمية في العراق، إنّ "السلطة في النهاية لن تحصد إلا مزيداً من الغضب الشعبي طالما أنها تواصل إهمال المطالب الشعبية، ولا تهتم لها ولا تسعى إلى إصلاح نفسها". وأكدت العبايجي في حديث مع "العربي الجديد"، دعم الجبهة "للتظاهرات المقررة الثلاثاء المقبل، كونها تعدّ استكمالاً لجهود انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، التي لم تحصد بعد نتائج مطالبها المشروعة والسلمية".

في الأثناء، حذر عضو "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" فاضل الغراوي، من عدم توفير حماية للتظاهرة والمحتجين الثلاثاء المقبل. وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "السلطات العراقية عليها أن تبدي حسن نيتها في التعامل مع المحتجين، كما عليها أن تحمي المتظاهرين وتمنع عنهم نيران أي جهة مسلحة وخارجة عن القانون. كذلك، من واجب السلطات النظر بشكل واقعي في مطالب المحتجين والعمل على تحقيقها، في حين أنه من واجب المتظاهرين أن يحافظوا على السلمية حتى وإن كانوا غاضبين".

وكانت التظاهرات العراقية قد اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثر تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق. وطوال العام ونصف العام الماضي، شهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، ولا سيما بعدما دخلت جماعات مسلحة وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة بهذه الأعمال.

المساهمون