- هناك تضارب في المعلومات حول نوايا هيئة تحرير الشام تجاه "تجمع دمشق"، بين استخدام القوة لإجبارهم على الخروج وبين نفي النية لأي عمل عسكري، مما يسبب حالة من عدم اليقين والتوتر.
- "تجمع دمشق" يلعب دورًا في دعم الاحتجاجات ضد هيئة تحرير الشام، وعلى الرغم من التهديدات، يُعتبر استخدام القوة ضدهم أمرًا مستبعدًا بحسب بعض الخبراء، مما يعكس التعقيدات السياسية والعسكرية في المنطقة.
تسود حالة من الترقب في ريف إدلب، وسط مخاوف من توجه هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، والتي تشكل سلطة الأمر الواقع في شمال غربي سورية، لمهاجمة فصيل "تجمع دمشق" التابع للمعارضة بعدما وجهت الهيئة إنذاراً للفصيل، وفق مصدر في التجمع فضّل عدم ذكر اسمه.
وأشار المصدر في "تجمع دمشق"، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن تهديدات غير رسمية وصلتهم من الهيئة، مساء أول من أمس الجمعة، بوجوب مغادرة مقاتليهم المناطق التي ينتشرون فيها. مع العلم أن عناصر التجمع يقطنون مع عائلاتهم في بلدة الفوعة بريف إدلب، ويدعمون الحراك الشعبي ضد "تحرير الشام" وقائدها أبو محمد الجولاني، فيما ينحدر معظمهم من دمشق وريفها.
وبحسب المصدر نفسه، فقد ترافقت الرسائل التي وصلتهم مع تهديدات مماثلة عبر حسابات تتبع للهيئة، بالإضافة إلى تحريك الهيئة رتلاً عسكرياً إلى محيط مناطق التجمع. وفيما اعتبر المصدر أن هذه التطورات تشير إلى نية الهيئة تنفيذ تهديداتها، شدد على جاهزية مقاتلي الفصيل لـ"الدفاع عن مناطقنا"، وفق تعبيره.
مصادر في المعارضة: عدد مقاتلي تجمع دمشق لا يتعدى الـ800 عنصر
بدورها، ذكرت مصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد" أن هيئة تحرير الشام تريد خروج المقاتلين في المرحلة الأولى، على أن يعقبها خروج العائلات بعد ذلك إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري. ولم تستبعد المصادر نفسها لجوء الهيئة إلى "القوة لدفع مقاتلي هذا الفصيل للخروج من الفوعة".
في المقابل، قالت مصادر مطلعة على ما يدور داخل الهيئة لـ"العربي الجديد" إن الأخيرة "ليست بصدد القيام بعمل عسكري ضد تجمع دمشق"، مشيرة إلى أنه "لا يملك القدرة العسكرية على مواجهة الهيئة بأي حال من الأحوال، وغير قادر على تهديد الهيئة". واعتبرت أن "عناصر هذا التجمع يعملون حرساً للقواعد التركية في المنطقة لا أكثر".
وبحسب المصادر، فإن الرتل التابع للهيئة، والذي انتشرت مقاطع مصورة له على مواقع التواصل الاجتماعي أمس السبت في محيط مناطق التجمع، "توجه لفض مشاجرة بين عائلتين في ريف إدلب"، مشيرة إلى أنه يتبع لإدارة الأمن العام الخاصة بالهيئة.
ويقطن مقاتلو الفصيل مع عائلاتهم في بلدة الفوعة التي أخليت من سكانها في عام 2018 بموجب اتفاق عُرف في حينه باسم "صفقة المدن الأربع"، الذي تضمّن خروج سكان كفريا والفوعة الشيعيتين، والبالغ عددهم في حينه نحو 7 آلاف، إلى مناطق النظام مقابل خروج مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم من مدينتي الزبداني وبلودان شمال غربي دمشق. كما تضمن الاتفاق، الذي تم برعاية إقليمية، إطلاق سراح معتقلين من قبل النظام السوري مقابل إطلاق هيئة تحرير الشام معتقلين لديها تابعين للنظام.
800 عنصر
وبحسب مصادر في المعارضة السورية، فإن "مقاتلي تجمع دمشق لا يتعدى الـ800 عنصر"، معظمهم من منطقة الزبداني. ويتزعم التجمع أبو عدنان الزبداني وهو مناهض لهيئة تحرير الشام، وانضم أخيراً للفرقة 77 التابعة للجبهة الوطنية للتحرير، أكبر تجمع لفصائل المعارضة في شمال غربي سورية.
ويدعم الزبداني الحراك الشعبي المشتعل منذ أكثر من شهر في محافظة إدلب ضد هيئة تحرير الشام وتجاوزات جناحها الأمني ضد سكان الشمال الغربي من مدنيين وعسكريين. وانتقد الزبداني، في تسجيل مصور قبل أيام، هيئة تحرير الشام، معتبراً أنها "تستجلب أدوات المرحلة السابقة للثورة من ظلم وقهر لتطبقها على الشعب الحر (سكان الشمال الغربي من سورية)".
بسام أبو عدنان: من المستبعد أن تلجأ هيئة تحرير الشام لاستخدام القوة ضد تجمع دمشق
كما انتقد سكون الجبهات مع قوات النظام السوري "رغم توفر الإمكانيات والطاقات"، مشيراً إلى أن سياسة فرض الضرائب والاحتكار التي تطبقها هيئة تحرير الشام "ولّدت طبقتين، طبقة في القصور وأخرى على حافة القبور، وهو ما أفضى إلى نقمة عامة" في شمال غربي سورية. وتابع: "برعوا (تحرير الشام) في جانب واحد وهو الإرهاب والقمع، والاستقرار كذب متوهم".
وطالب الزبداني أبو محمد الجولاني بالتنازل عن السلطة لـ"رجل يحكم مرحلة انتقالية لإرساء أطر العمل الجماعي لنضمن عدم العودة إلى الفردية والتفرد"، مشيراً إلى أن الأزمة الحالية "لا تُقاس على غيرها من الأزمات".
وكان الجولاني لوّح باستخدام القوة ضد الجهات والفصائل التي تحرّض أو تدعم التظاهرات التي تخرج في مدن وبلدات في محافظة إدلب ضد سياسات هيئة تحرير الشام والتي تدعو إلى رحيله عن السلطة.
واعتبر الباحث السوري في مركز "كاندل" للدراسات، عباس شريفة، أن "الدور الذي يقوم به تجمع دمشق وقائده في التظاهرات ضد قائد تحرير الشام سبب التوتر بين الجانبين".
من جانبه، قال الباحث في مركز "جسور" بسام أبو عدنان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "من المستبعد أن تلجأ هيئة تحرير الشام لاستخدام القوة ضد هذا التجمع".
وبرأيه "لا توجد مقوّمات لعمل عسكري، والهيئة في حال أرادت تحييد هذا الفصيل، فإنها ستستخدم الحل الأمني باسم غرفة الفتح المبين (تضم العديد من الفصائل في إدلب)، كونها تتصرف خارج الإطار العام، لأن إقدام الهيئة وحدها على عمل (عسكري ضد تجمع دمشق) سيكون له تبعات سلبية عليها". ولفت إلى أنه يوجد تخوف لدى فصيل تجمع دمشق من تحرك الهيئة ضده، و"هذا ما يدفع هذا الفصيل للمبالغة في ردات الفعل".
وهذه ليست المرة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين "تحرير الشام" و"تجمع دمشق"، إذ سبق للهيئة أن وجهت إنذاراً للفصيل في عام 2021، وطالبته بإخلاء مواقعه من بلدة الفوعة شمال شرقي إدلب، والتوجه إلى مناطق سيطرة "الجيش الوطني" في منطقة عفرين شمال غربي حلب.