تجري إيران تحركات دبلوماسية مكثفة تسبق استئناف مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، كما اتفقت عليه أخيرا مع مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، باعتبارها منسق الاتفاق المتعثر منذ الانسحاب الأميركي منه.
وفي إطار هذه التحركات، أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أميرعبداللهيان، خلال الأيام الأخيرة، اتصالات هاتفية منفصلة مع جميع نظرائه في الدول الأعضاء بالاتفاق النووي، المشكلة من روسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.
وأجرى وزير الخارجية الإيراني، اليوم الثلاثاء، مباحثات هاتفية مع نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، بعد محادثة مماثلة، أمس الإثنين، مع نظيره الألماني هايكو ماس ونظيرته البريطانية، ليز تراس.
وقال عبداللهيان للودريان إن بلاده "في علاقاتها الثنائية والمفاوضات النووية تسلك توجها عمليا لتحقيق نتائج"، معربا عن أمله في أن تفضي الاتصالات بين طهران وباريس إلى "تعاون عملي".
وحمّل الوزير الإيراني الولايات المتحدة مسؤولية ما آل إليه الاتفاق النووي، منتقدا "صمت الدول الأوروبية الثلاث تجاه الأطماع الأميركية"، مؤكدا أن "إيران مستعدة للتوصل فورا إلى اتفاق جيد، لكن ذلك يستدعي عودة جميع الأطراف إلى كامل التزاماتها ورفع مؤثر للعقوبات"، التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، على طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018.
كما انتقد عبداللهيان العقوبات الأميركية الجديدة ضد سلاح المسيرات بـ"الحرس الثوري"، الجمعة الماضي، غداة الإعلان عن موعد استئناف المفاوضات النووية، مشيرا إلى أن ذلك "يؤكد استمرار عدم ثقة الجمهورية الإسلامية بأميركا".
ودعا إلى "ضرورة تقديم ضمانات" لإيران خلال المفاوضات لعدم خروج واشنطن لاحقا من الاتفاق النووي، وكذلك "ضرورة التحقق عمليا وبشكل مؤثر" من رفع العقوبات قبل عودة طهران إلى التزاماتها النووية.
من جانبه، قال لودريان لنظيره الإيراني إنه "لا بد من استمرار المحادثات مع القوى العالمية بهدف إحياء الاتفاق النووي من حيث توقفت" في يونيو/ حزيران.
وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز"، أن لودريان شدد خلال مكالمته مع عبداللهيان على "أهمية وضرورة استئناف المفاوضات التي أوقفتها إيران في 20 يونيو (حزيران) على أساس ما تم التفاوض عليه حتى ذلك التاريخ، بهدف العودة السريعة" للاتفاق.
#Iran | @JY_LeDrian s'est entretenu par téléphone avec son homologue iranien @Amirabdolahian. Le ministre a souligné l'importance et l'urgence de reprendre les négociations interrompues le 20 juin dernier par l’Iran.
— France Diplomatie🇫🇷 (@francediplo) November 9, 2021
Déclaration complète → https://t.co/wXAYjrFUYY pic.twitter.com/dc3NDWZQR8
وفيما تدعو الأطراف الأميركية والأوروبية طهران إلى التفاوض حول القضايا الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، مع الحديث عن أن مفاوضات فيينا والاتفاق فيها تشكل نقطة انطلاقة نحو اتفاق شامل مستقبلا بشأن جميع القضايا العالقة، لكن وزير الخارجية الإيراني أكد لنظيره الفرنسي، خلال الاتصال الهاتفي، أن "البرنامج الدفاعي الإيراني حق سيادي"، مشددا على أن طهران "من دون أن تولي اهتماما بالسلوك الأميركي غير البنّاء المتمثل في العقوبات ستزيد من قدراتها الدفاعية بقوة".
جولة كبير المفاوضين
وعلى صعيد العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تشهد توترا على خلفية اتهامات الوكالة لإيران بعدم الرد على أسئلة لها حول مواقع مشتبهة بممارسة أنشطة نووية، وحديثها عن خفض أنشطتها الرقابية في المنشآت النووية الإيرانية، دعا عبداللهيان الوكالة الدولية إلى "تجنب التسييس" في مواقفها، مع تأكيده على استمرار إيران في "التعاون الفني" مع الوكالة.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الفرنسي دعم بلاده عودة جميع الأطراف إلى الاتفاق النووي، مشيرا إلى أن باريس "ستبذل كل ما في وسعها في هذا الصدد"، مع إعرابه عن أمله في تحقيق "تقدم سريع للمفاوضات المقبلة".
ويستعد عبداللهيان لإرسال نائبه للشؤون السياسية، كبير المفاوضيين الإيرانيين الجديد، علي باقري كني، إلى عواصم الدول الأوروبية الثلاث الشريكة في الاتفاق النووي خلال الأيام المقبلة.
وقال باقري كني، في تغريدة على "تويتر"، إنه سيجري خلال الأيام المقبلة مباحثات مع نظرائه في الدول الأوروبية الثلاث، مشيرا إلى أنها ستتركز على قضايا ثنائية وإقليمية ومفاوضات فيينا المقبلة.
وأكد باقري كني، المعروف بتشدده تجاه الاتفاق النووي ورفضه له، قبل توليه المنصب خلال سبتمبر/ أيلول الماضي: "لن نألو جهدا في متابعة مصالحنا القومية، منها إلغاء العقوبات غير القانونية"، في إشارة إلى العقوبات الأميركية.
در ادامه رایزنی با همکاران خود در دیگر کشورها، در روزهای آینده با چند همتای اروپایی ملاقات خواهم کرد. تبادل نظر درباره موضوعات دوجانبه و منطقه و نیز گفتگوهای آتی در دستورکار است.
— علی باقریکنی (@Bagheri_Kani) November 8, 2021
ما از هیچ کوششی برای پیشبرد منافع ملی خود از جمله لغو تحریمهای غیرقانونی فروگذار نخواهیم کرد.
وتربط إيران التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي خلال مباحثات فيينا بتحقيق شروط ثلاثة، تطرحها كمطالب، وهي:
- رفع مؤثر لجميع العقوبات الأميركية
- إمكانية التحقق عمليا من رفع هذه العقوبات قبل العودة إلى التعهدات النووية
- تقديم واشنطن "ضمانات" بعدم الخروج لاحقا من الاتفاق النووي على غرار ما فعله ترامب عام 2018
وجدد عبد اللهيان، أمس الإثنين، التأكيد على هذه الشروط، في تغريدة على "تويتر"، عقب مباحثاته الهاتفية مع وزيرة الخارجية البريطانية، والتي وصفها بأنها كانت "مفيدة"، قائلاً: "بشأن مفاوضات فيينا، أكدت عودة الأطراف الأخرى إلى تنفيذ كامل لتعهداتها، ورفع جميع العقوبات والتحقق من رفعها وتقديم ضمانات".
طهران تسوّق مطالبها قبل استئناف المفاوضات النووية
وتعزى التحركات الدبلوماسية المكثفة هذه الأيام إلى مساعي إيران للتسويق لمطالبها قبل استئناف المفاوضات، في محاولة لإقناع الأطراف المشاركة بها بالضغط على الجانب الأميركي للقبول بهذه المطالب للتوصل إلى اتفاق سريع خلال المفاوضات المرتقبة، أو كما تقول الخارجية الإيرانية للتحضير لـ"مفاوضات تؤدي إلى نتائج عملية".
وتأتي هذه الاتصالات واللقاءات المكثفة بعدما سعت طهران لتحويل مسألة استئناف المفاوضات إلى ورقة ضاغطة لدفع بقية الأطراف إلى القبول بمطالبها، أو إن صح التعبير قبول شروطها.
وأطلقت مباحثات مع الاتحاد الأوروبي في طهران وبروكسل لاقت انتقادات روسية. وبينما تم الاتفاق بين الطرفين على إطلاق جولة تفاوضية جديدة نهاية الشهر الجاري، لا توجد مؤشرات على أن هناك تجاوبا أميركيا أو أوروبيا مع المطالب الإيرانية.
وتؤكد ذلك التصريحات الإيرانية الأخيرة، سواء التصريحات التي تلي اتصالات عبداللهيان مع وزراء خارجية أعضاء الاتفاق النووي، أو تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أو التصريحات الأميركية والأوروبية.
وسبب هذا حالة تشاؤم حول المفاوضات المرتقبة في فيينا، إذ أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، مطلع الشهر الجاري: "إذا لم تتغير الظروف الراهنة، فنتيجة المفاوضات واضحة من قبل"، أي قبل استئنافها، قائلا إن الرئيس الأميركي جو بايدن يرفض تقديم ضمانات لطهران بعدم الخروج من الاتفاق النووي.
وفي السياق، تصر إيران على تقديم واشنطن ضمانات لها لعدم الانسحاب من الاتفاق النووي، سواء من قبل الإدارة الأميركية الراهنة أو الإدارات المقبلة لاحقا، إلا أن الخبير الإيراني، هادي خسرو شاهين، يستبعد في حديثه مع "العربي الجديد" أن تتجاوب واشنطن مع هذا المطلب لأسباب سياسية وحقوقية.
وأشار إلى أن الأمر بحاجة إلى تحويل الاتفاق النووي إلى معاهدة دولية في الكونغرس الأميركي، "لكن تركيبة مجلس الشيوخ لا تسمح بإقراره كمعاهدة، إذ إنه بحاجة إلى موافقة ثلثي أعضاء المجلس".
وعلى الضفة الأميركية أيضا، يظل التشاؤم سيد الموقف، فعلى الرغم من تحديد موعد لاستئناف مفاوضات فيينا، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قبل أمس الأحد، في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الأميركية، أن الولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي، لكن طهران "لم تظهر جدية" لذلك.