تحركات احتجاجية في لبنان وعون يلتقي أمير قطر في الدوحة

29 نوفمبر 2021
احتجاجات شعبية اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد الساحة اللبنانية، اليوم الاثنين، تحركات احتجاجية متفرقة في مختلف المناطق اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية واستمرار تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار، الذي يحلق عالياً متجاوزاً للمرة الأولى في تاريخ البلاد عتبة 25 ألف ليرة.
وأقفل محتجون منذ الساعة السادسة صباحاً عدداً من الطرقات والشوارع الرئيسة، خاصةً في بيروت والبقاع والشمال، وذلك تلبيةً لدعوات أطلقتها مجموعات عبر منصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف منذ يوم أمس الأحد، وصل بعضها إلى حدّ اعتبار الاثنين يوم غضب شعبي.
 كذلك، أقفل عدد من المدارس أبوابه اليوم لتعذر وصول التلامذة والأساتذة وتحسباً لأي تطوّر أمني ومنعاً لتكرار ما حدث في المدارس عقب أحداث الطيونة – بيروت (أسفرت عن سقوط 7 قتلى وأكثر من 30 جريحاً خلال تحركات لمناصري حزب الله وحركة أمل (برئاسة نبيه بري) لإقالة المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، والتي يتهم الطرفان "حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع بافتعالها).

 

 

وكان وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أعلن أمس، في بيان، أن الاثنين يوم تعليم عادي في المدارس والثانويات والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة كافة، قبل أن يعود ويكلف مديري المدارس التنسيق مع المعلمين ورؤساء المناطق التربوية لاتخاذ القرار في ما يتعلق بترك مدارسهم مفتوحة أو إغلاقها، تبعاً لموقع كل مدرسة والطرق المؤدية إليها، حفاظاً على سلامة المدرسة ومعلميها وتلامذتها وأهاليهم.

من جهته، دعا المكتب التربوي في "تيار المستقبل" (برئاسة سعد الحريري)، عبر بيان أمس، "جميع الروابط والهيئات النقابية التربوية والإدارية إلى إعلان الإضراب العام الشامل وتصعيد التحركات وصولاً إلى الإضراب المفتوح حتى تحقيق المطالب".
وقال "الرواتب قيمتها تنخفض أكثر فأكثر مع استمرار انهيار سعر صرف العملة الوطنية إلى أدنى المستويات، ولا بد من عملية إنقاذية سريعة، فقد طفح الكيل".

وسأل "أين الدولة ورئيس جمهوريتها وحكومتها من كل هذا؟ ألا يستحق المواطنون بعضاً من اهتمامكم بدل الغوص في مماحكات ومهاترات أوصلتنا إلى الحضيض؟".

ميشال عون يصل إلى الدوحة

وبالتزامن مع التحركات في الشارع اللبناني، وصل الرئيس ميشال عون صباحاً إلى الدوحة تلبية لدعوة من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للمشاركة في افتتاح فعاليات كأس العرب لكرة القدم – فيفا 2021. مع الإشارة إلى أن هذه الزيارة هي الأولى له إلى الخارج منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020، والتي اتصلت فقط بزيارة خاطفة قام بها إلى الكويت لتقديم التعزية بأميرها صباح الأحمد الجابر الصباح، وكانت سبقتها زيارة في سبتمبر/أيلول 2019 إلى نيويورك، يوم ترأس عون وفد لبنان إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتناولت المحادثات بين أمير قطر والرئيس عون العلاقات الثنائية وسبل تطويرها والدعم القطري للبنان في مجالات عدة، بحسب ما ذكرت الرئاسة اللبنانية.

أمير قطر يؤكد مساندته للبنان

وأكد أمير قطر للرئيس اللبناني أن "قطر تقف إلى جانب لبنان، ومستعدة لمساعدته في كل المجالات التي يتطلبها نهوض لبنان من الظروف الصعبة التي يعيشها والتي انعكست سلباً على اللبنانيين في حياتهم اليومية" وذلك بحسب بيان الرئاسة اللبنانية.

وتبعاً للبيان "تحدث امير قطر عن الظروف الصعبة التي يمر بها اللبنانيون وقدرتهم على النهوض من جديد، لافتاً إلى أن بلاده سعيدة جداً بأي تعاون يقوم بين البلدين في المجالات كافة. وأبدى استعداد بلاده للمساهمة في الاستثمار في لبنان بعد انجاز القوانين المناسبة لذلك، مؤكداً الرغبة في العمل مع لبنان على تجاوز الظروف الراهنة، ومشيراً إلى أنه سوف يوفد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت في الفترة المقبلة، لمتابعة البحث في التطورات، وتقديم المساعدة الضرورية للبنان. كما أعرب عن امله في أن تجد الأزمة القائمة بين لبنان وعدد من دول الخليج حلولاً في القريب العاجل".

وقال المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية إن "البحث بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس عون تناول مواضيع عدة، لا سيما منها اعادة تأهيل مرفأ بيروت وتأمين الطاقة الكهربائية والتعاون في مجال النفط والغاز وكان اتفاق على أن يعقد الوزراء المعنيون في كل من لبنان وقطر، اجتماعات للبحث في المواضيع المشتركة التي تهم البلدين وفق الاتفاقات المعقودة بينهما".

عون يدعو إلى الاستثمار في لبنان

وبعد اللقاء أدلى الرئيس عون ببيان أعلن فيه أنه دعا أمير قطر إلى "توجيه رجال الأعمال القطريين إلى الاستثمار في لبنان حيث الفرص متاحة في المجالات كافة، لا سيما في قطاع الطاقة للاستفادة من الخبرات القطرية المشهود لها في هذا المجال. وكانت الآراء متفقة على أن المرحلة تتطلب وقوف الدول العربية الشقيقة، ودول الخليج خصوصاً، إلى جانب لبنان، لا سيما أن العلاقات اللبنانية - الخليجية كانت دائماً ويجب أن تبقى، مبنية على الأخوّة المتبادلة، ما يعني ضرورة تجاوز أي خلل يصيب هذه العلاقات، خصوصاً أن لبنان يتطلع إلى أفضل العلاقات وأمتنها مع هذه الدول الشقيقة".

وأضاف عون "توافقت مع سمو الأمير، على تفعيل أعمال اللجنة العليا المشتركة اللبنانية - القطرية والإسراع في توقيع مشاريع الاتفاقات التي هي قيد التحضير، ووجهت إليه دعوة لزيارة بلده الثاني لبنان".

وقال عون في حديث إلى صحيفة "الراية" القطرية إن "زيارة قطر تعبير عن عمق الصداقة وقوة العلاقة بين البلدين، ووقوفها إلى جانب لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت هو محل تقدير وشكر".

وأشار إلى أن "الدبلوماسية القطرية حاضرة في المحافل الإقليمية والدولية، والعالم بحاجة اليوم إلى تغليب لغة العقل والحوار على لغة التقاتل والتباعد"، معلناً أنه سيدعو "الأمير تميم إلى التوجيه للاستثمار في لبنان، خصوصاً أن الأرض خصبة في الوقت الراهن".

ولفت الرئيس اللبناني إلى أن "المماحكة السياسية والاعتبارات الشخصية حالت دون تنفيذ خطة الكهرباء، والذين تولوا العرقلة باتوا معروفين من اللبنانيين كافة".

من جهة ثانية، قال عون "أنا مع فصل السلطات ولا أتدخل في عمل القضاء، ولا أعرف ملابسات انفجار المرفأ، ولم أطلع على الصور التي وفرتها روسيا بل طلبت تسليمها إلى القضاء".

وأوضح عون أن قوله "لن أسلم الفراغ" وأستثمر بشكل خاطئ، والتمديد غير وارد، وعلى الرئيس الجديد التمتع بتمثيل صحيح وأن يكون عنصر تلاق وليس تفرقة.
وقال مصدر في قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس عون سيفتح ملف الأزمة بين لبنان والسعودية وعدد من دول الخليج، التي أحدثتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي حول حرب اليمن، ليؤكد حرص لبنان على أفضل العلاقات مع محيطه العربي ودول الخليج كافة، وأن هذا هو الموقف اللبناني الرسمي الوحيد، كما سيكرّر طلب دعم لبنان الذي يحتاج أكثر من أي وقتٍ مضى للمساعدة في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد".

كذلك، سيبحث وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وهو ضمن الوفد اللبناني المرافق، شؤوناً متعلقة بالطاقة مع المسؤولين القطريين وإمكان الاستفادة من خبراتهم في مجال التنقيب واستخراج الغاز والنفط، بحسب ما أفادت الرئاسة اللبنانية.
حكومياً، لم يحدث أي خرق جديد يعيد اجتماع مجلس الوزراء المعلّقة جلساته منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتلمّح أوساط رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي عاد إلى بيروت أمس الأحد قادماً من الفاتيكان، إلى أن لا أجواء إيجابية ملموسة حتى الساعة على صعيد حلّ الخلاف مع "حزب الله" و"حركة أمل" حول المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، المستمرّ في مهامه كاسراً حصار الدعاوى الذي تعرّض له من المسؤولين السياسيين المدعى عليهم في القضية، وذلك في ظل إصرار الطرفين على إطاحته كلياً وكف يده تماماً عن الملف.

المساهمون