حذر جهاز الأمن الداخلي السويدي (الاستخبارات)، اليوم الأربعاء، من أنّ عمليات إحراق نسخ من المصحف في السويد أخيراً أدت إلى تدهور الوضع الأمني في البلاد، مشيراً إلى وجود "تهديدات متزايدة بحدوث هجمات".
وقالت نائبة رئيس قسم مكافحة الإرهاب في الجهاز المعروف بـ"سابو" سوزانا تريورنينغ، لهيئة البث العامة السويدية (إس في تي)، صباح اليوم الأربعاء، إنّ السويد "تجد نفسها في وضع خطير"، مؤكدة أنّ لدى الاستخبارات ثلاث نقاط من خمس يشملها تقييم الخطر وأن "ثمة تهديداً متزايداً بحدوث هجوم".
وأشارت تريورنينغ إلى "وجود أشخاص مؤثرين يرسلون الآن قصصاً واضحة جداً تدعو للانتقام من السويد، وذلك يؤثر إلى حد كبير جداً علينا، وخصوصاً حين تبدأ تلك القصص في الحديث عن العنف والإرهاب".
وقال "سابو"، إنّ حرق مصاحف في السويد، والحملات المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، أثرت سلباً على صورة السويد.
وأضاف، في بيان، اليوم الأربعاء، أنّ صورة السويد تغيّرت "من دولة متسامحة إلى دولة معادية للإسلام والمسلمين، حيث تحظى الهجمات على المسلمين بموافقة الدولة، وحيث تقوم مؤسسات الخدمات الاجتماعية التابعة للدولة بخطف الأطفال المسلمين".
كما ذكر "سابو" أنّ كل ذلك يخاطر بتأجيج التهديدات ضد السويد "من أفراد داخل أوساط إسلامية عنيفة"، وأنّ خطر الإرهاب في البلاد لا يزال مرتفعاً، إذ يقف عند المستوى الثالث على مقياس من خمس درجات.
وكشفت صحيفة "إكسبرسن" السويدية، اليوم الأربعاء، عن تلقي الاستخبارات، يوم الاثنين الماضي، "معلومات تفيد بالاستعداد لرفع مستوى التهديد الأمني من المستوى الثالث إلى الرابع".
ويعترف القائمون على الشرطة والاستخبارات في السويد بزيادة المخاوف بشأن "هجوم إرهابي في استوكهولم في الأيام الأخيرة"، وصدرت توجيهات واضحة للشرطة، أمس الثلاثاء، بأن تكون مزودة ببنادق رشاشة بهدف "الرد السريع على أي هجوم إرهابي". وأكدت مصادر من الاستخبارات، لصحيفة "إكسبرسن"، أنّ الجهاز "يقترب من رفع مستوى التهديد إلى أعلى درجاته".
ويأتي ذلك بعد أن أدت عمليات حرق نسخ من القرآن في السويد إلى احتجاجات وتظاهرات في بعض الدول، مثل العراق واليمن، حيث أبرزت الصحافة المحلية صوراً لتظاهرات مسلحة في صنعاء تحت عنوان "أسلحة وسكاكين في احتجاجات اليمن على حرق نسخة من القرآن".
ومع تزايد أعمال الحرق، التي انتقلت خلال الأيام الأخيرة إلى الدنمارك مستهدفة سفارتي مصر وتركيا على يد مجموعة متطرفة تدعى "وطنيون دنماركيون"، يخشى السياسيون في استوكهولم وكوبنهاغن من أن تؤثر تلك الأعمال على مصالحهما في العالمين العربي والإسلامي، وخصوصاً إذا ما جرى تطبيق نوع من المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية للبلدين.
وقالت مصادر أمنية في كوبنهاغن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك خشية من أن ينال توتر الوضع من المستوى الأمني وعواقبه على المصالح الدنماركية"، وبذات القدر يستشعر جهاز الاستخبارات السويدي خطورة ما يجري، ما يدفعه إلى رفع مستوى التأهب إلى الدرجة الرابعة.
الأزهر يدعو للمقاطعة
واليوم الأربعاء، دعا الأزهر الشريف الشعوب الإسلامية لمقاطعة منتجات السويد والدنمارك رداً على سماحهما لمن وصفهم بـ "المجرمين الإرهابيين" بحرق نسخ من القرآن.
وقال الأزهر، في بيان نشر على موقعه الإلكتروني، وأوردته "الأناضول"، إنه "يدعو الشعوب الإسلامية لاستمرار مقاطعة منتجات السويد والدنمارك نصرة لكتاب الله".
كذلك طالب المجتمع الدولي "بفرض عقوبات رادعة لوقف الحملات الهمجية العنصرية على الإسلام والمسلمين وتبني مشروع دولي يجرم الإساءة للمقدسات الدينية"، بحسب البيان.
وأضاف البيان أن "الأزهر الشريف يستهجن ويستنكر بأشد العبارات إصرار دولتي السويد والدنمارك على تمرير قرارات تفتح الأبواب لسياسات العداء والعنصرية المقيتة ضد الإسلام والمسلمين، وتسمح للمجرمين الإرهابيين بحرق المصحف واستفزاز ما يقارب الملياري مسلم حول العالم".
وجاء في البيان: "يطالب الأزهر الشعوب العربية والإسلامية، وكل مسلم ومسلمة على وجه الأرض، أن يستمروا في مقاطعة المنتجات السويدية والدنماركية، مهما كانت صغيرة؛ نصرةً لدين الله وكتابه".
كما دعا "حكومات العالم الإسلامي ومنظماته الإسلامية لضرورة التضامن لاتخاذ موقف موحَّد ومدروس تجاه انتهاكات هذه الدول التي لا تحترم المقدسات الدينية، ولا تفهم إلا لغة المادة والمصالح الاقتصادية"، على حد تعبيره.
وأبدى الأزهر استغرابه "من صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم الدولية الخطيرة، وما يتضمنه هذا الصمت من تشجيع لهذه الدول على الاستمرار في ارتكاب جريمة العداء السافر للإسلام والمسلمين".
في سبيل إقامة دائمة
من جانب آخر، وبحسب معلومات خاصة بـ"العربي الجديد" في استوكهولم، يبدو أنّ اللاجئ العراقي، سلوان موميكا، الذي قام بعمليات حرق نسخ من المصحف "كان بالأصل مُهدداً بملاحقات قضائية في السويد من قبل عراقيين جمعوا أدلة عنه خلال فترة تواجده مع مليشيات مسلحة في العراق".
ويؤكد مصدر مطلع على القضية أنّ موميكا (37 سنة) كان ينوي القيام بخطوته، في فبراير/ شباط الماضي، من أجل إثارة الانتباه وتغيير وضع لجوئه المؤقت وخشية قيام مصلحة الهجرة بمراجعة تاريخه المسلح في العراق.
ويشير المصدر الخاص بـ"العربي الجديد" إلى أنّ موميكا "حاصل على لجوء مؤقت لمدة 3 سنوات، وهي إقامة قابلة للمراجعة والتجميد، فوجد ضالته في اكتساب شهرة لفرض حماية لجوء سياسي له بعد أن أثار ضجة حول نفسه".
وتشير مصادر أخرى في استوكهولم إلى وجود "امتعاض كبير في صفوف سياسيين ومشرعين في اليسار ويسار الوسط من حرق الكتب المقدسة، ولكنهم يقفون عاجزين أمام قوانين تسمح بحرق المصحف".
وتؤكد تلك المصادر أنّ موميكا الذي أثار هذه الضجة الكبيرة "لا يتحدث أصلاً السويدية، وهناك من يقوم بمساعدته حتى في دفع مصاريف طلب الموافقة على التظاهرة وقيمتها 350 كرونة سويدية"، مضيفة أنّ محكمة سويدية وجدت موميكا مذنباً "بسبب تهديده لقاطن آخر معه بسكين" وحكمت عليه بعقوبة خدمة اجتماعية و"معظم تصرفاته مع المصحف واعتبار نفسه مهدداً بالقتل تهدف إلى فرض منحه إقامة دائمة وحماية أمنية".