استمع إلى الملخص
- التجسس ودعم إسرائيل: نفذت بريطانيا 100 رحلة تجسس لدعم الاستخبارات الإسرائيلية، مما أثار مخاوف بشأن التواطؤ في جرائم الحرب، رغم تعليق بعض تراخيص الأسلحة.
- الانتقادات وردود الفعل: واجهت الأنشطة البريطانية انتقادات من ناشطين ومنظمات حقوقية، مع دعوات لإبرام صفقة مع حماس لضمان عودة المحتجزين الإسرائيليين بسلام.
اتخذت الحكومة البريطانية الجديدة مجموعة من الإجراءات المثيرة في بداية عهدها، تتعلق بحرب الإبادة على قطاع غزة، منها إعادة تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) وسحب الطعن القانوني أمام المحكمة الجنائية الدولية ووقف 10% من تراخيص السلاح لإسرائيل. إلا أن تقارير جديدة كشفت أن المملكة المتحدة، في عهد حزب العمال، مستمرة في إجراء طلعات استطلاعية تجسسية فوق سماء غزة، ما يثير تساؤلات حول مشاركة المعلومات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفقاً لتقرير نشره موقع "ديكلاسيفايد"، وهو مختص في التحقيق بأنشطة وكالات الاستخبارات والجيش البريطاني وتأثيرها على حقوق الإنسان، اليوم الخميس، فإن حكومة حزب العمال البريطانية أمرت بـ100 رحلة تجسس فوق غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية، وهو ما يعادل أكثر من رحلة واحدة يومياً منذ تولي كير ستارمر منصب رئيس الوزراء في 5 يوليو/تموز.
وعلى الرغم من أن إدارة ستارمر علقت 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة لإسرائيل الشهر الماضي، بسبب "خطر واضح" من أن الأسلحة قد تُستخدم في "انتهاك خطير" للقانون الدولي، فإن رحلات التجسس فوق غزة، التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2023 في عهد حكومة حزب المحافظين السابقة، استمرت بوتيرة سريعة.
وبحسب الموقع، فقد وجد بشكل مستقل أن الرحلات المغادرة من القاعدة الجوية البريطانية في قبرص، أكروتيري، تحلق فوق غزة تحت إشراف ستارمر، على الرغم من رفض وزارة الدفاع إعطاء تفاصيل. وخلال الشهر الأول الكامل لحزب العمال في منصبه في أغسطس/آب، نفذ سلاح الجو الملكي البريطاني 42 رحلة فوق الأراضي الفلسطينية المدمرة.
تواطؤ بريطاني
من جهته، قال مات كينارد، رئيس قسم التحقيقات في منظمة Declassified UK، إن "المعلومات الجديدة من المرجح أن تثير المزيد من المخاوف بشأن التواطؤ البريطاني في جرائم الحرب في غزة"، وذلك في وقت احتج فيه ناشطون مؤيدون لفلسطين خارج القاعدة العسكرية أكروتيري يوم الأحد.
وأشار كينارد إلى طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بالإضافة إلى تحقيق محكمة العدل الدولية مع إسرائيل حول ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية المعقولة" في غزة.
وتشير التوقعات إلى أن الرحلات الجوية البريطانية جمعت ما يصل إلى 500 ساعة من اللقطات فوق غزة، على الرغم من أن مصير هذه اللقطات ومحتواها لا يزال غير واضح. وذكرت المصادر أن الطائرة المستخدمة في هذه المهام هي شادو آر1، المعروفة بأغراض الاستخبارات والمراقبة واكتساب الأهداف.
وكشف الموقع أيضاً أنه في مساء الاثنين، حينما كانت القوات الإسرائيلية تدخل برّياً إلى لبنان، أرسلت المملكة المتحدة طائرة نقل عسكرية ضخمة من طراز A400M من أكروتيري إلى تل أبيب، قادرة على حمل 116 جندياً مجهزاً بالكامل وحمولة تصل إلى 81600 رطل. وفي مساء الثلاثاء، أرسلت المملكة المتحدة طائرات مقاتلة من طراز تايفون من قبرص للدفاع عن إسرائيل ضد الصواريخ من إيران.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، استفسر النائب الديمقراطي الليبرالي مايك مارتن، وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني خدم في أفغانستان، عما إذا كانت "المعلومات الاستخبارية البريطانية تُنقل إلى إسرائيل لأغراض الاستهداف العسكري". ورد وزير القوات المسلحة لوك بولارد من حزب العمال بأن رحلات المراقبة "تقتصر فقط على دعم إنقاذ الرهائن".
استمرار التجسس رغم الإجراءات
كذلك، كشف موقع "ديكلاسيفايد" أن الرحلات الجوية الاستطلاعية البريطانية استمرت بعد تولي حزب العمال السلطة، حيث نفذت 11 رحلة خلال الأسبوع الأول فقط. واستمرت الطلعات بواقع رحلة أو اثنتين يومياً منذ ذلك الحين، باستثناء فجوة لمدة أسبوع بين 10 و17 سبتمبر، التي جاءت عقب تعليق حزب العمال بعض صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. ومع ذلك، سرعان ما استؤنفت الرحلات، حيث سجل الأسبوع الماضي أكثر من رحلة يومية من قبرص للتحليق فوق غزة لمدة تصل إلى خمس ساعات.
وتدّعي وزارة الدفاع البريطانية، نقلاً عن متحدث رسمي، أن بريطانيا "ليست مشاركة في الصراع بين إسرائيل وحماس"، وأن المهام الجوية تركز فقط على تأمين إطلاق سراح الرهائن البريطانيين. وأكد المتحدث أن سلاح الجو الملكي يقوم برحلات غير مسلحة منذ ديسمبر 2023 لهذا الغرض المحدود.
في ما يتعلق بمشاركة المعلومات، أوضح المتحدث أن بريطانيا لا تقدم معلومات استخبارية لحلفائها إلا إذا تأكدت من استخدامها بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي. وفي حالة غزة، يجرى تبادل المعلومات المتعلقة بإنقاذ الرهائن فقط مع السلطات الإسرائيلية.
وعلّق مات كينارد، رئيس قسم التحقيقات في Declassified UK، بأن رحلات المراقبة هذه "تدعم الحملة العسكرية التي يقودها بنيامين نتنياهو لتحرير الإسرائيليين المحتجزين في غزة"، مشيرًا إلى الانتقادات الواسعة لهذا النهج من قبل عائلات المحتجزين ومنظمات حقوقية إسرائيلية مثل "نكسر الصمت". ويرى هؤلاء أن الطريقة الأكثر فعالية لضمان عودة المحتجزين أحياء هي عبر التوصل إلى صفقة مع حماس.
في مؤتمر صحافي عُقد في لندن، دعت مجموعة من عائلات المحتجزين الإسرائيليين إلى إبرام صفقة عاجلة مع حماس لإعادتهم.