استمع إلى الملخص
- الانتخابات التشريعية شهدت أدنى نسبة مشاركة منذ 1979 بنسبة 41%، مع تنافس داخلي بين المحافظين وعزوف الإصلاحيين، حيث فاز قاليباف بمقعد عن طهران رغم التحديات والانتقادات.
- قاليباف، بخبرته الطويلة في الخدمة العامة ومحاولاته الثلاث للرئاسة، يُعتبر مرشحًا محتملًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، مواجهًا انتقادات بالفساد والتوجهات الغربية، لكنه يسعى لتقديم نفسه كسياسي تنموي.
جدّد المشرعون في مجلس الشورى الإسلامي الجديد (البرلمان) في إيران، اليوم الثلاثاء، رئاسة القيادي المحافظ محمد باقر قاليباف للبرلمان بدورته الجديدة الثانية عشرة. ويُختار رئيس البرلمان في إيران لعام واحد فقط، وتتكرر عملية الانتخاب بعد انتهاء المدة. وبعد تسليم رئاسة البرلمان الإيراني الجديد لقاليباف، يكون قد اختير لهذا المنصب لخمسة أعوام متتالية اعتباراً من 2020. ووفقاً للتلفزيون الإيراني، حصل قاليباف على 198 صوتاً من مجموع 287 صوتاً مشاركاً في عملية التصويت، من أصل 290 عدد نواب البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون.
ونافس قاليباف، المقرب من قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني، على منصب رئاسة البرلمان الجديد النائبان المحافظان مجتبى ذوالنور عن مدينة قم، والذي حصل على 60 صوتاً، ومنوجهر متكي وزير الخارجية الإيراني الأسبق، والذي حصل على خمسة أصوات فقط. وخلال جلسة التصويت، اليوم الثلاثاء، اختار المشرعون النائبين المحافظين حميد رضا حاجي بابائي وعلي نيكزاد لمنصبي النائب الأول والنائب الثاني، بعد حصولهما على 175 و169 صوتاً بالترتيب.
وأجريت الانتخابات التشريعية الإيرانية في مطلع مارس/آذار الماضي، وسط تنافس داخلي بين المحافظين، وعزوف الإصلاحيين عن الترشح والمشاركة فيها، فسجلت هذه الانتخابات أدنى نسبة مشاركة منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، بلغت 41 في المائة. ولم يُحسم في انتخابات مارس مصير 45 مقعداً برلمانياً من أصل 290، بسبب عدم حصول المرشحين في هذه الدوائر الانتخابية على النصاب اللازم، وهو 20 في المائة من الأصوات المأخوذة، ما دفع السلطات الإيرانية لإجراء جولة ثانية فيها خلال الشهر الماضي.
وعلى الرغم من فوز قاليباف بمقعد عن طهران في هذه الانتخابات، لكن مراقبين ووسائل إعلام إيرانية اعتبروه خاسراً فيها، بعدما حل في المركز الرابع في قائمة الفائزين، وتقدمه متشددون محافظون، أمثال حميد رسائي المعارض له. كما أخفق أعضاء قائمته في الفوز بين ثلاثين نائباً عن طهران. واعتبر حينها البعض أن الموقع الضعيف لقاليباف في الانتخابات الأخيرة ربما يشكل خطراً على تجديد رئاسته للبرلمان الإيراني، غير أن آخرين توقعوا فوزه بالمنصب مرة أخرى، ولو بإشارات من خارج أروقة البرلمان.
من هو قاليباف؟
قاليباف، البالغ من العمر 62 عاماً، حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا السياسية من جامعة "تربية المدرس" (تربيت مدرس) بطهران، وشغل مناصب قيادية في الحرس الثوري الإيراني، منها قيادة السلاح الجوي في الحرس، وقيادة مقر خاتم الأنبياء، قبل أن يُعيّن قائداً لقوات الأمن الداخلي (الشرطة) من قبل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عام 2000، حيث بقي في المنصب لخمسة أعوام. كما ظفر عام 2005 بمنصب رئيس بلدية طهران لمدة 12 عاماً خلفاً للرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، الذي انطلق نحو الرئاسة من رئاسة بلدية طهران.
وترشح قاليباف ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية الإيرانية، إلا أنه أخفق فيها، لكن هذه المرة، فيما تجددت رئاسته للبرلمان الإيراني، ثمة توقعات بترشحه للانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة في 28 يونيو/حزيران المقبل، إثر رحيل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرته في 19 من الشهر الحالي. وعليه، إذا قرر قاليباف الترشح لهذه الانتخابات، عليه أن يتخذ قراراً بالاستقالة من البرلمان خلال الفترة الوجيزة المقبلة.
ويُحسب قاليباف على معسكر المحافظين التقليديين، ويصوّر نفسه على أنه سياسي تنموي، لكنه لا يحظى بشعبية كبيرة بين المحافظين، وخاصة المتشددين منهم، لاتهامات له من قبل أوساط أصولية متشددة بأن له ميولاً غربية، فضلاً عن شبهات بالفساد المالي كانت تدور حوله أثناء رئاسته لبلدية طهران، إلا أنه يرفض الاتهامات الموجهة إليه بهذا الشأن. كما أثار قيام أسرته عام 2022 بشراء البضائع للمولود المرتقب لابنة قاليباف جدلاً واسعاً في إيران على شبكات التواصل الاجتماعي.
ووجه ناشطون وإعلاميون إيرانيون اتهامات لزوجة محمد باقر قاليباف، وابنته وزوجها، بالتوجه إلى الخارج لشراء احتياجات المولود الذي يترقبونه في وقت تواجه فيه إيران أزمات اقتصادية، وفي ظل تأكيد السلطات والمسؤولين ضرورة شراء السلع الإيرانية لتنشيط الإنتاج المحلي. غير أن قاليباف رفض التهم الموجهة إليه، كما أن البرلمان الإيراني حينها طالب في رسالة موقعة من 233 نائباً، وزارة الاستخبارات وأجهزة الأمن بالتصدي لمن وصفوهم بأنهم يستهدفون مكانة البرلمان. وخلال المناظرات الانتخابية عام 2017، اتهمه الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بالسعي لقمع الطلاب المحتجين في طهران، عام 2002، لكنه نفى هذه التهم.