تجدد مظاهرات الحراك الشعبي بالجزائر وسط إجراءات أمنية مشددة

06 أكتوبر 2020
محاولات مستمرة من الناشطين لإحياء مظاهرات الحراك الشعبي قبل استفتاء الدستور(العربي الجديد)
+ الخط -

تجددت مظاهرات الحراك الشعبي في العاصمة الجزائرية ومدن أخرى، في الذكرى 32 لانتفاضة الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1988، وسط تشديد أمني لافت في كبرى المدن، واعتقالات لناشطين وصحافيين، فيما شهدت إحدى المدن مواجهات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين كانوا يطالبون بإطلاق سراح موقوفين.

وخرج العشرات من الناشطين والطلبة، يوم الاثنين، في مسيرة وسط العاصمة الجزائرية، حيث تجمعوا في شارع ديدوش مراد، وهتفوا بشعارات تطالب بالحريات والديمقراطية، وبإقامة دولة مدنية وإبعاد الجيش عن السلطة، وكذا هتافات تعتبر أن الرئيس عبد المجيد تبون هو صنيعة العسكر، من مثل: "تبون مزور، جابوه (أتى به) العسكر، ماعندوش (ليس له) الشرعية".

وحاصرت الشرطة المتظاهرين، واعتقلت عدداً كبيراً منهم، نقلوا إلى مراكز أمنية قريبة، بينهم الصحفي محمد لمين مغنين الذي كان يغطي المظاهرات لصالح موقعه الإخباري "الطريق نيوز".

كما خرج متظاهرون وناشطون في مدينة قسنطينة شرقي البلاد، في مسيرة شعبية للمطالبة بوقف التضييق على الحريات والسماح للجزائريين بانتقال ديمقراطي حر وسيد، واعتقلت الشرطة عدداً من المتظاهرين، قبل أن تفرج عنهم في آخر اليوم. وفي مدينة بجاية نظم ناشطون ومناضلون من أجل الحريات مسيرة احتفاء بذكرى الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1988، ووضعوا باقة ورد أمام نصب لشهداء الانتفاضة، كما تظاهر المئات في وسط مدينة تيزي وزو للمطالبة بالحق في الديمقراطية والدولة المدنية.

عمّت المظاهرات عدة مدن كبرى وتخللتها حملات اعتقال طاولت ناشطين وصحافيين، فيما شهدت إحدى المدن مواجهات عنيفة مع الشرطة

وفي مدينة خراطة، خرجت مظاهرة حاشدة جابت شوارع المدينة، دعا فيها المتظاهرون إلى إعادة إحياء مظاهرات الحراك ومنع النظام من تجديد نفسه عبر دستور مفروض واستفتاء شعبي ملتبس. وفي مدينة بني ورتيلان بولاية سطيف، خرج متظاهرون إلى الشارع رافعين الأعلام الوطنية وصور الناشطين الموقوفين، وهتفوا ضد شرعية الرئيس عبد المجيد تبون، كما خرجت مظاهرات مماثلة في مدن وهران غربي الجزائر وعنابة شرقي البلاد، وشارك طلبة وناشطون في مسيرة وسط مدينة تلمسان بمناسبة انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988.

وفي بلدية مشدالة بولاية البويرة قرب العاصمة الجزائرية، كانت الصورة مختلفة، حيث تحولت وقفة احتجاجية لعائلات ناشطين موقوفين إلى مواجهات مع قوات الأمن، إذ رشق متظاهرون قوات الشرطة بالحجارة، وألقيت زجاجة مولوتوف على سيارة شرطة، وتم إضرام النار في العجلات ورمي الحجارة، فيما ردت قوات الشرطة بالقنابل المسيلة بالدموع، ما أسفر بحسب مصادر محلية، عن إصابة عشرات المواطنين أحدهم شاب أصيب بعينه، وجرح ستة من عناصر الشرطة، وإغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة.

وتجري منذ نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي محاولات من قبل ناشطين لإعادة إحياء المظاهرات، والعودة إلى الشارع، رغم عدم وجود توافق بعد بين مكونات الحراك الشعبي للعودة إلى الشارع، بعد تعليق المظاهرات منذ مارس/آذار الماضي بسبب الأزمة الوبائية. ويحاول الناشطون العودة إلى الشارع قبل الاستفتاء على تعديل الدستور المقرر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ولم تدعُ إلى مظاهرات الاثنين أية جهة شعبية أو مكون مدني واضح، رغم دعوات سابقة لقوى البديل الديمقراطي التي تضم عدداً من الأحزاب والتنظيمات المدنية، بينها جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة الديمقراطية للجزائريين، للاستمرار في المقاومة السلمية. ووجهت قوى البديل نداء دعت فيه الجزائريين إلى التحفز "للدفاع عن الحريات الديمقراطية والتعددية الحزبية في مواجهة استبداد النظام، ولبناء دولة ذات سيادة ديمقراطية اجتماعية، لكونه المشروع الوحيد الذي يضمن الاستقرار والتنمية والأمن القومي في عالم متأزم ومليء بالمخاطر، فيما يصر النظام على فرض سياسة الأمر الواقع من خلال استفتاء الأول من نوفمبر/تشرين الثاني لتمرير تعديل الدستور".

ووصف بيان نشرته هذه الكتلة المسار السياسي الذي يفرضه النظام، بأنه "انحراف خطير تحت اسم الجزائر الجديدة، هدفه استمرارية النظام من خلال توظيف القضاء واستخدامه ضد الصحفيين المناضلين والنشطاء، والأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية والمهنية"، وأعلنت عن تنظيم مؤتمر مفتوح حول الحريات والتعددية الحزبية، لمناقشة الوضع السائد لا سيما حرية الصحافة، وتوظيف واستخدام مؤسسات الدولة في قمع الحريات السياسية والنقابية.

 
المساهمون