تجدد عمليات الخطف بين درعا والسويداء وشكوك بدور للنظام

10 مايو 2021
توقفت عمليات الخطف لفترة بين درعا والسويداء (فرانس برس)
+ الخط -

عادت محافظتا السويداء ودرعا في جنوب سورية إلى واجهة المشهد، إثر تجدد حالات الخطف المتبادل لمدنيين من قبل مجموعات تهدف إلى الحصول على فِدًى مالية، في ظل معطيات تؤشر إلى أن النظام السوري ربما يؤدي دوراً في توتير الأجواء بين المحافظتين الجارتين. وفي أحدث التطورات، أكد "تجمع أحرار حوران" أنّ مجموعة مسلحة من بلدة سميع في ريف محافظة السويداء اختطفت، أول من أمس السبت، 10 أشخاص من عمال البناء من بلدتي الحراك وناحتة التابعتين لمحافظة درعا، واقتادتهم إلى جهة مجهولة. وبيّن التجمع أنّ "المجموعة المسلحة اختطفت العمال على الطريق الواصل بين بلدتي صما والطيرة بريف السويداء، أثناء ذهابهم إلى العمل في إحدى ورش البناء هناك".

وأوضح المتحدث عن التجمع، أبو محمود الحوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن محافظة درعا "تشهد غلياناً بسبب حالات الخطف"، مشيراً إلى أن "معظم هذه الحالات تقوم بها مجموعات في ريف السويداء الغربي". وأضاف أن العمليات التي تقوم بها مجموعات من محافظة درعا بحق أشخاص من السويداء هي ردة فعل، لإجبار الخاطفين على إطلاق سراح المخطوفين. ولفت إلى أن أغلب عصابات الخطف في السويداء "مجنّدة من قبل جهاز الأمن العسكري"، وهو الجهاز الأكثر قسوة بين أجهزة النظام الأمنية في التعامل مع المدنيين، بعد جهاز المخابرات الجوية.

أغلب عصابات الخطف في السويداء مجنّدة من قبل جهاز الأمن العسكري

من جهتها، أكدت مصادر محلية في السويداء أنباء اختطاف العمال المنحدرين من محافظة درعا، ولكنها أشارت إلى أن العملية هي "ردة فعل" على اختطاف مجموعة من محافظة درعا لمدني من قرية سميع في ريف السويداء الغربي، أثناء ممارسته الرياضة على طريق صما ـ سميع، يوم الجمعة الماضي. ووفق موقع "السويداء 24" الذي يرصد الأحداث اليومية في المحافظة، فإن الخاطفين طلبوا من شقيق المخطوف "دفع مبلغ مالي مستحق عليه حسب ادّعائهم، الأمر الذي رفضه شقيق المخطوف". وأشار المصدر إلى "أن أقارب المخطوف استنفروا وردوا بخطف مدني من درعا لا علاقة له بالحادثة، يدعى منصور الزعبي، وهو من قرية المليحة بريف درعا الشرقي، كان ذاهباً إلى مشروع زراعي تملكه عائلته في المنطقة".

وتشهد بلدة بصر الحرير، شرقي درعا، احتقاناً شعبياً عقب ورود أنباء تفيد بمقتل شخص كان تعرّض للاختطاف أواخر فبراير/شباط الماضي على يد مجموعة مسلحة من محافظة السويداء. وكان الخاطفون قد طالبوا بفدية مالية مقابل إطلاق سراحه. وأفادت مصادر محلية بأن الخاطفين أرسلوا إلى ذوي المخطوف مقاطع فيديو تحتوي على مشاهد تعذيب ابنهم بشكل وحشي بغية استفزازهم. وهو ما دفع مجموعة من ريف درعا إلى خطف أربعة أشخاص من محافظة السويداء بغية الضغط على المجموعة الخاطفة، وأفرجت منذ أيام عن اثنين منهم كبادرة حسن نية، بعد اتفاق مع وجهاء السويداء، لكن المجموعة الخاطفة لم تطلق سراح الشخص المخطوف المنحدر من بلدة بصر الحرير.

من جهته، يقول القيادي في المعارضة السورية إبراهيم جباوي، المتحدر من محافظة درعا، إن وجهاء السويداء ودرعا "يسعون جاهدين إلى إصلاح الوضع في المنطقة وتكريس العيش المشترك ونبذ الطائفية والفرقة". ويضيف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "في المقابل، فإن أجهزة النظام الأمنية والمليشيات الإيرانية وحزب الله، يسعون بكل ما يمتلكون من قوى لإثارة الفتنة بين السهل والجبل". ويشدّد على أن "حوران (الجنوب السوري) كانت معروفة بأنها منطقة تعايش بين كل المكونات الطائفية والعرقية والدينية، لذلك فإن أجهزة النظام الأمنية تكرس جهودها لاستقطاب ضعيفي النفوس سواء من السهل (درعا) أو الجبل (السويداء)، لإثارة النعرات الطائفية من خلال عمليات الخطف المتبادل والقتل أحياناً".

ووثق مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران" خمس حالات اختطاف بينهم طفل، خلال شهر إبريل/نيسان الماضي، في محافظة درعا، قُتل 3 منهم بعد اختطافهم، بينما لا يزال مصير اثنين مجهولاً، وفق المكتب.

عمليات الخطف صارت خارج سيطرة مشغليها من فروع أجهزة الأمن التابعة للنظام

بدوره، يقول الكاتب نورس عزيز، المتحدر من محافظة السويداء، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات الخطف بين محافظتي درعا والسويداء صارت خارج سيطرة مشغليها من فروع أجهزة الأمن التابعة للنظام في الجنوب السوري"، مضيفاً: "أصبحت عمليات الخطف بابا للربح السريع، وفي الوقت نفسه وسيلة لتصفية حسابات معينة". ويرى أن تجدد عمليات الخطف "يهدف ربما إلى قطع الطريق أمام أي محاولة في السويداء للتظاهر ضد انتخابات بشار الأسد المقررة في 26 من الشهر الحالي"، مضيفاً أن "أكثر ما يزعج النظام هو التظاهرات، إن كان على شكل رسومات على الحائط، أو حتى على شكل تجمّعات كالاعتصامات والتظاهرات".

وتشهد محافظتا السويداء ودرعا حراكاً شعبياً متصاعداً ضد الانتخابات الرئاسية المقبلة التي أصر الأسد على تنظيمها، في تحد لإرادة المجتمع الدولي. وهو ما يعزز الاعتقاد بأن للنظام دوراً في تجدد التوتر بين المحافظتين لصرف الانتباه عن عمليات الخطف المتبادل.

في سياق آخر، لا تزال محافظة درعا تعيش تحت وطأة عمليات اغتيال "تطاول في غالب الأحيان معارضين للنظام ومشروع التمدد الإيراني في المنطقة"، وفق "تجمع أحرار حوران" الذي وثّق، خلال شهر إبريل الماضي، 29 عملية ومحاولة اغتيال أسفرت عن مقتل 20 شخصاً وإصابة 24 بجروح متفاوتة، ونجاة 6 آخرين. وبحسب التجمّع، فإنّ "جميع عمليات ومحاولات الاغتيال التي تم توثيقها في شهر إبريل جرت بواسطة إطلاق النار، من أسلحة رشاشة نارية أو بواسطة عبوات ناسفة. كما وثّق التجمع مقتل 20 مسلحا من قوات النظام في محافظة درعا خلال الشهر الماضي، بينهم 4 ضباط برتب متدنية.

المساهمون