تجدد الجدل بين حكومتي بغداد وأربيل بشأن إدارة إقليم كردستان لملفه النفطي، على أثر تجميد شركات نفطية أجنبية عملها بالإقليم انصياعا لقرار المحكمة الاتحادية العليا في بغداد.
وكان قرار المحكمة الاتحادية عدّ أنشطة إقليم كردستان النفطية بمعزل عن بغداد مخالفة قانونية، وهو ما عدته حكومة الإقليم استجابة لـ"ضغوطات" تمارسها بغداد على تلك الشركات، مؤكدة أنها ستدافع عن المستحقات المالية للإقليم وحقوقه الدستورية بكل السبل.
ويعد ملف النفط من الملفات المعقدة بينها وبين حكومة بغداد، إذ قضت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة تشريعية بالعراق)، أخيرا برفض قانون "النفط والغاز" الخاص بالإقليم، والذي سنته حكومة الإقليم عام 2007، والذي يخولها إدارة ملفها النفطي بمعزل عن بغداد، معتبرة (المحكمة) أنه "غير دستوري"، وألزمت حكومة الإقليم بتسليم نفطها إلى الحكومة بغداد المركزية، إلا أن حكومة الإقليم أعلنت رفضها تطبيق قرار المحكمة، الذي منعها من التحكم بمواردها النفطية.
وعلى أثر قرار المحكمة، جمّدت الأسبوع الحالي شركتا "شلمبرجير" و"بيكر هيوز" الأميركيتان لخدمات حقول النفط، نشاطها في الإقليم، تنفيذاً لقرار المحكمة، فيما تتعرض حقول نفطية في الإقليم تستثمر بها شركات أخرى لهجمات صاروخية، ما قد يدفعها لتعليق عملها.
ويثير ذلك قلق حكومة الإقليم، بشأن إمكانية إدارتها لملفها النفطي، وقدرتها على استمرار عمل الشركات الاستثمارية بالقطاع، وتجاوز قرار المحكمة، محاولة استغلال حراك التوافق لتشكيل الحكومة، والذي يقوده تحالف "الإطار التنسيقي"، والذي يسعى لاستقطاب القوى الكردية لضمان تأييدها له، وضمان أصواتها في البرلمان.
وليل أمس الأربعاء، عقد مجلس وزراء الإقليم، اجتماعا برئاسة رئيس وزراء الإقليم مسرور البارزاني، وبحضور نائب رئيس مجلس الوزراء قوباد طالباني، تمت خلاله مناقشة عدد من الموضوعات المدرجة ضمن جدول أعماله، ومنها ملف النفط.
وذكر بيان لحكومة الإقليم، أن "البارزاني أكد خلال الاجتماع أن بغداد حرمت الإقليم من مستحقاته المالية، إذ لم ترسل من إجمالي 26 شهراً سوى 13 شهراً، بواقع 200 مليار دينار عراقي كسلفة، في حين خفضت حصة الإقليم من الموازنة في جميع التزاماته المالية".
وجدد البيان تأكيده أن "حكومة الإقليم ملتزمة بالدستور ومستعدة دائماً للاتفاق مع بغداد، وحلّ المشاكل على أساس الدستور والشفافية، وقد قدمت بالأرقام جميع المعلومات حول الإيرادات والنفقات والديون والملاكات الوظيفية إلى فريق ديوان الرقابة المالية العراقي". وشدد "لن نقبل أي حلّ خارج إطار الدستور".
ودعا المجلس حكومة بغداد ووزارة نفطها، إلى "إيقاف الضغوطات غير العادلة على المستثمرين الدوليين في قطاع النفط والغاز في الإقليم"، مؤكدا أنه "على حكومة بغداد أن تدعم التنمية والازدهار الاقتصادي في الإقليم، وتكف عن ممارسة الضغوط غير المبررة لتعطيل هذا الانتعاش". وشدد على أن "حكومة الإقليم ستدافع عن المستحقات المالية للإقليم وحقوقه الدستورية بكل السبل، إذ تجري هيئة قانونية استعداداتها بهذا الصدد".
ووسط هذا الجدل، دخلت الولايات المتحدة الأميركية على الخط، إذ دعت حكومتي بغداد وأربيل، إلى التفاوض بشأن الخلاف النفطي، والاستفادة من بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالمساعدة في هذا الشأن.
ونقلت قناة "الحرة"، تصريحا عن متحدث في الخارجية الأميركية، دعا فيه الطرفين لـ"الجلوس إلى طاولة المفاوضات، للتوصل إلى حلّ لقضية النفط يكون مقبولاً للطرفين، وتجنب اتخاذ خطوات تؤجج التوترات". وأضاف، أن "التفويض الجديد لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) يكلفها على وجه التحديد بمساعدة الأطراف على تحقيق ذلك"، مؤكدا "نشجع الحكومتين على تحقيق أقصى استفادة من مساعي بعثة الأمم المتحدة الحميدة".
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق، قد أثار مخاوف من تراجع تحالف "الإطار التنسيقي"، عن تعهداته التي قطعها للحزب بتنفيذ شروطه لتشكيل الحكومة الجديدة، والتي من بينها ملف النفط والغاز في الإقليم، وقرار المحكمة الاتحادية بهذا الشأن، والتفاهم على تشريع قانون جديد للنفط والغاز في البرلمان.
وينتج الإقليم 400 إلى 420 ألف برميل نفط يوميا، يتم تصدير أغلبه، وتبقى 25 ألف برميل للاستهلاك المحلي.