تجاهل دولي لأزمة سد النهضة يقلق مصر

02 مايو 2023
جنديان أمام سد النهضة الإثيوبي، فبراير 2022 (ميناسي ونديمو هايلي/الأناضول)
+ الخط -

تلقّت مصر رسائل دولية سلبية أخيراً، رداً على مطالب قدمتها للإدارة الأميركية وقوى غربية، من أجل الضغط على إثيوبيا قبل الملء الرابع لسد النهضة، المقرر انطلاقه في يوليو/تموز المقبل، إذ سعى المسؤولون المصريون إلى استدعاء ضغط دولي على أديس أبابا، لمنعها من استغلال الأزمة السودانية التي اندلعت الشهر الماضي، لإلحاق الضرر بدولتي المصبّ.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة وأخرى مصرية، إن المسؤولين في مصر "أكدوا التزامهم بعدم الانخراط في الصراع السوداني، شريطة وجود ضمانات دولية بمنع أديس أبابا من توظيف الأزمة لصالحها في أزمة سد النهضة، مع اقتراب الملء الرابع".

انشغال دولي بالحرب السودانية

وأوضح دبلوماسي غربي رفيع المستوى في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن مصر "وجهت نداءات عقب اندلاع النزاع السوداني، للإدارة الأميركية، وحكومات فرنسا وإيطاليا وبريطانيا، من أجل ضمان عدم اتساع الهوة في أزمة سد النهضة لصالح أديس أبابا".

وأشار الدبلوماسي، الذي يعمل في إحدى سفارات الدول التي خاطبتها مصر، إلى أن السلطات في بلاده "أكدت للمسؤولين في القاهرة، صعوبة الموقف الراهن في المنطقة"، مشددة على أن "كافة الجهود الدولية منصبّة فقط على منع تصاعد الأزمة السودانية، والسيطرة على تداعياتها، وكذلك عمليات إجلاء الرعايا، وهو ما يعني أنه لا مجال في الوقت الراهن للحديث عن أزمة السد".

دبلوماسي غربي: الجهود الدولية منصبّة فقط على منع تصاعد الأزمة السودانية، ما يعني أنه لا مجال في الوقت الراهن للحديث عن أزمة السد

وكان وزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونين، قد أعلن، الجمعة الماضي، عن أن بلاده "شكلت لجنة وطنية لمتابعة تطورات ما يجري في السودان"، لافتاً إلى أن "الصراع في السودان سيؤثر على المفاوضات الثلاثية لسد النهضة".

في موازاة ذلك، أكد دبلوماسي مصري مطلع على التحركات الرسمية بشأن أزمة السد، لـ"العربي الجديد"، أن "ما يشهده السودان من اقتتال داخلي، أفقد القاهرة عاملاً مهماً من عوامل الضغط في معادلة التحركات التي كانت تتّبعها من أجل الضغط على أديس أبابا ودفعها إلى التفاوض مجدداً".

وأوضح الدبلوماسي أن "التنسيق والمناورات العسكرية التي جرت في قاعدة مروي (نسور النيل) شمال السودان بين القوات الجوية المصرية ونظيرتها السودانية، وكذلك استمرار تواجد المقاتلات المصرية في القاعدة، في إطار بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين، تسبّب في إزعاج كبير، وكان مثار استفهام من جانب عدد من القوى الدولية، وهي التساؤلات التي كانت القاهرة تؤكد دائما في ردها عليها، بأن الأمر يأتي في إطار التدريبات المشتركة فقط، وليس معني به أحد".

وتابع: "انعدام هذا التنسيق أفقد القاهرة ورقة ضغط مهمة، ليست على إثيوبيا بقدر ما هي على القوى الدولية المعنية باستقرار المنطقة".

تحديات أمام مصر والسودان

وعن ذلك، قالت أستاذ مساعد العلوم السياسية، خبيرة الشؤون الأفريقية المصرية، نجلاء مرعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تحدياً أمام مصر والسودان بخصوص مصالحهما الاستراتيجية سواء المشتركة أو المنفردة، في ما يتعلق بملف سد النهضة، وطبيعة الأداء الإثيوبي المرتقب على المستوى الإقليمي الذي سيؤثر على مصر والسودان معا".

ولفتت إلى أنه "في ظل استمرار الصراع الحالي في السودان، لا يمكن التعويل على موقف سوداني متماسك أو موحد، وقد يكون غائباً تماماً، هذا يعني حضوراً إثيوبياً إقليمياً ودولياً على حساب السودان، ويضيف وزناً آخر لإثيوبيا في دورها الإقليمي والدولي، ما يجعل من ملف سد النهضة أكثر تعقيداً".

وقالت إن "الارتباك السياسي والأمني يضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر، وذلك يلقي بالمزيد من الأعباء على مصر فيما يتعلق بتحركاتها الدولية والأممية في هذا الملف، فالأوضاع السودانية تستحوذ على أولويات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة".

وأشارت إلى أن "مصر ليست الخاسر الوحيد من الأزمة السودانية، ومن الضروري أن توضح القاهرة تلك النقطة للدول الأفريقية والعربية المنقسمة الآن ومواقفها متضاربة تجاه ملف سد النهضة، وأن هذا الملف سيؤثر على النطاق العربي والأفريقي، خصوصاً أمن البحر الأحمر".

مرعي: مصر ستلجأ مرة أخرى إلى مجلس الأمن، ولن يتوقف الأمر عند الاتحاد الأفريقي الذي لن يقدّم أي شيء

وأعربت مرعي عن اعتقادها بأن "مصر ستلجأ مرة أخرى إلى مجلس الأمن، ولن يتوقف الأمر عند الاتحاد الأفريقي الذي لن يقدّم أي شيء ولن يكون قادراً على إدارة ملف سد النهضة، أو أي ملف آخر".

من جهته، رأى أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة عباس شراقي، أن "الأوضاع التي يشهدها السودان، تزيد من صعوبة الموقف بشأن أزمة سد النهضة".

وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "في ظل الأزمة الراهنة في السودان، لن يذكر أحد ضرورة العودة إلى طاولة التفاوض، قبل الملء الرابع الذي سيبدأ فعلياً الشهر الحالي"، لافتاً إلى أن "تساقط الأمطار سيزداد مع بداية مايو/أيار، ومعه سيزداد إيراد النهر عند سد النهضة، ومن المقرر أن يصل الإيراد اليومي إلى 60 مليون متر مكعب في مايو ويونيو، حتى تتزايد تلك الكميات بالوصول إلى أشهر الأمطار الرئيسية بدءاً من يوليو/تموز حتى أكتوبر/تشرين الأول".

تقارير عربية
التحديثات الحية