كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن أن قانون العفو الخاص "لم الشمل" سيسهم في تحرير عدد من المسلحين وعناصر "المجموعات الإرهابية" الذين سلموا أنفسهم للسلطات في وقت سابق، إضافة إلى الإفراج عن عدد من المعتقلين الإسلاميين الذين يُعرفون باسم "سجناء التسعينيات".
وقال الرئيس تبون في حوار بثه التلفزيون الرسمي إن "مبادرة لم الشمل تمسّ بعض ما نتج من ضحايا المأساة الوطنية (كسجناء التسعينيات)، والقانون المقبل سيكون امتداداً لقوانين الرحمة عام 1996، والوئام المدني عام 1999، والمصالحة الوطنية عام 2006، هذه القوانين كلها أعطت آجالاً ضيقة أقصاها ستة أشهر (للمسلحين لتسليم أنفسهم وتسوية وضعيتهم)، لكن هناك من سلم نفسه بعد انتهاء هذه الآجال القانونية، ووجد نفسه معلقاً، لذلك فإنّ القانون المقبل سيحررهم من هذه الوضعية غير القانونية، ويمكّنهم من العيش مثل الآخرين".
ويُقصد بهؤلاء عدد من عناصر وقيادات في الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقاً، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذين سلموا أنفسهم للسلطات بعد انتهاء الآجال القانونية لقانون المصالحة الوطنية الذي أقر في استفتاء شعبي في سبتمبر/أيلول 2005، والذي يتيح فترة ستة أشهر حتى مارس/آذار 2006 للمسلحين ونشطاء الجماعات الإرهابية لتسليم أنفسهم قبل هذا التاريخ، للاستفادة من تدابير العفو. ويوجد بين هؤلاء الأمير السابق للجماعة السلفية حسان حطاب، والذي أعلن وقف العمل المسلح منذ 22 سبتمبر/أيلول 2007، والمسؤول السابق للجنة الإعلامية للقاعدة عمر عبد البر، والمسؤول السابق للجنة الطبية أبو زكريا، وأمير المنطقة التاسعة للتنظيم المسلح مصعب أبو داود، والأمير السابق لكتيبة الجند أبو حذيفة عمار وغيرهم.
ولا يُعرف ما إذا كان هذا القانون الجديد سيشمل بالعفو عدداً من القيادات البارزة في "القاعدة" الذين تم توقيفهم من قبل قوات الجيش والأمن، ولم يسلموا أنفسهم، بينهم المتحدث السابق باسم "القاعدة" في المغرب الاسلامي محمد أبو صلاح، وأمير كتيبة الصحراء عمار صايفي المعروف بعبد الرزاق البار، (قاد عملية خطف 33 سائحاً ألمانياً في الصحراء الجزائرية عام 2003)، والذي كان أصدر في مايو/أيار 2009 مراجعة شرعية، ودعا مسلحي "القاعدة" إلى وقف العمل الارهابي والنزول من الجبال وتسليم السلاح.
وأوضح الرئيس الجزائري أن قانون العفو الخاص، في إطار مبادرة "لم الشمل"، سيشمل أيضاً الناشطين المعارضين في الداخل والخارج، و"كل من تم تغليطهم، فهموا أخيراً بأن مستقبلهم مع بلادهم وليس مع السفارات الأجنبية"، إضافة إلى "أولئك الذين ابتعدوا عن الركب نتيجة تعرضهم لسوء المعاملة"، مشدداً على أنه يتعين على الجميع أن يعي أن المحاولات التي تقوم بها بعض الأطراف المعادية للجزائر لا يمكن أن تفلح بوجود شعب يعتمد فكره على المقاومة".
وأشار تبون إلى أن بعض هؤلاء المغرر بهم "كانوا ينادون بالمرحلة الانتقالية، والسعي لتأسيس لطابور خامس، لكن لم ولن ينجحوا في مبتغاهم"، مضيفاً أن "من يسعون لتعكير الأجواء وفتح الباب أمام إحدى العواصم الأوروبية للتدخل في الجزائر، يضيّعون وقتهم، لأننا لن نقبل بذلك، ولن نسمح به إطلاقاً، ولن نقوم بما يبرر التدخل الأجنبي"، مضيفا "هناك من اعتبر لجوئي للعفو سابقاً ضعفاً وهؤلاء مخطئون تماماً".
وأكد تبون أنه اختار أن يتم تمرير هذا القانون عبر البرلمان، ليصادق عليه خلال الدورة النيابية المقبلة التي تبدأ في الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل، "لكون البرلمان الممثل الحقيقي للشعب"، بدلاً من تمريره كمرسوم رئاسي بصفة منفردة من قبل رئيس الجمهورية.
ورفض في السياق الحديث عن وجود معتقلي رأي في الجزائر، ووصف ذلك بأنه "أكذوبة القرن"، قائلاً: "لا يوجد شخص مسجون بسبب أفكاره، بينما السب والشتم يعاقب عليهما القانون"، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي صحافي في السجن بسبب ممارسة المهنة في الجزائر، "يوجد في الجزائر ثمانية آلاف صحافي، دخل منهم اثنان أو ثلاثة السجن، في قضايا لا تخص الصحافة"، مشدداً على أنه مصمم على "متابعة هؤلاء الذين يسيئون للجزائريين ولن يتركهم لحالهم".
وعاد الرئيس الجزائري إلى ملف الاعتداءات على رعايا جزائريين في مالي، مشيراً إلى أن "الاعتداء الدامي الذي تعرض له رعايا جزائريون من سائقي شاحنات تجارية في مدينة غاو مالي (قبل أسبوعين) وقبلهم ملف الدبلوماسيين الذين تم اختطافهم وقُتل منهم اثنان لم يُطوَ بعد، وسيأتي يوم للحساب مع من يقوم بهذه الأعمال، لدينا فكرة عمن يقف وراء ضرب الجزائريين، وشكوكنا تقترب من أن تكون هي الحقيقة، وعندما تتضح الأمور سنتدخل في الحساب الدقيق"، مشيراً إلى أن "جزءاً من الإرهاب في مالي مفتعل من قبل دول أخرى".