تبرير الإرهاب

30 يناير 2015
من لا يدين الإرهاب، فإنه يقبل بإرهاب ويدين آخر(الأناضول)
+ الخط -

من لا يدين الإرهاب بـ "أل" التعريف، يعني أنه يقبل بإرهاب ويدين آخر، وفقاً لاعتبارات مصلحته الشخصية أو مصلحة الجماعة التي ينتمي إليها، فإذا صبّ في مصلحته جعله مقبولاً وبحث له عن سياقات تجعله مفهوماً، وربما محموداً. ومن لا يدين التعذيب من حيث المبدأ، أي من لا يدينه كائنة ما تكون سياقات ممارسته، فيعني أنه يقبل بما يخدم مصلحته منه، وربما يدعمه في الخفاء.

أما بالنسبة لمن يمارس الكتابة الصحافية على وجه الخصوص، فالمسؤولية عن القول الداعم للإرهاب أو الداعي إليه أو الساكت عنه أو الذي يجمّله بسياقات خادعة مسؤولية مضاعفة، ذلك أن للرأي هنا بعداً ترويجياً. فترى مثلاً من يضع إلقاء البراميل المتفجرة في سورية في سياق "حرب النظام على الإرهاب"، فيقول إن الجيش يلقيها على المناطق التي يختبئ فيها المسلحون. فإذا بالفكرة مقبولة للتداول من حيث المبدأ مع حصر الاختلاف على تفاصيل تتعلق بوجود المسلحين بين الأهالي، أو استخدامهم دروعاً بشرية، وبالتالي تحميل مسؤولية وجودهم ومقتلهم للمسلحين، وليس لمن يلقي البراميل ويصدر أمراً باستخدامها. وضع مثل هذه القنابل الغبية في سياقات الأسباب، يعني نزع الصفة الجرمية والوحشية عنها من حيث المبدأ، ويعني قبولها من حيث المبدأ مع حق الاختلاف على إمكانات استخدامها في هذا السياق أو ذاك.

الشيء نفسه يمكن قوله حين يضع أحدهم قصف دمشق بصواريخ عشوائية في سياق الرد على مجازر النظام، مهما بلغت شناعة الأخيرة، هنا أو هناك، فهو يضعها في خانة ردود الفعل رافعاً عنها الصفة الجرمية قائمة بذاتها بما هي قصف عشوائي لا يميز بين ضحاياه. وهو يدعو بالتالي من خلال سياق خادع إلى التفكير بجواز قصف المدنيين من حيث المبدأ. والشيء نفسه حين يوضع أداء منظمات إرهابية في سياقات سياسية، فيقال عن جماعة إنها فصيل معارض في حين هي نفسها تنسب نفسها إلى القاعدة، ويبايع قادتها التنظيم الذي لا يختلف على إرهابه أحد في العالم. وضع أفعال جماعة إرهابية في سياقات العمل المعارض، يعني وضعها في سياقات السياسة، يعني الدعوة إلى قبول إرهابها.

المساهمون