مواقف متباينة داخل "المعارضة الراديكالية" في الجزائر بشأن حوارات الرئاسة

02 يونيو 2022
هذه هي المرة الثانية التي توافق فيها جبهة القوى الاشتراكية على الحوار مع السلطة (فيسبوك)
+ الخط -

وافق حزب سياسي من المعارضة الراديكالية في الجزائر، كان قد قاطع ثلاثة من الاستحقاقات الانتخابية التي جرت منذ عام 2019، على المشاركة في لقاءات الحوار السياسي التي يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون، وتقرر لقاء بين قيادة الحزب، وعلى رأسها السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش، مع الرئيس تبون اليوم الخميس، في مؤشر قد يوحي بتحول نسبي في مواقف بعض القوى المعارضة في مسألة الحوار مع السلطة.

واستبقت "جبهة القوى الاشتراكية" جدلاً سياسياً قد يثار بسبب قبولها المشاركة في الحوار السياسي مع السلطة، على الرغم من مواقفها الراديكالية المناوئة للخيارات السياسية للسلطة للمسار الذي فرضته منذ عام 2019، وملف الحريات والإغلاق الإعلامي الراهن، حيث أصدرت بياناً بررت فيه قرارها قبول الاستجابة لدعوة الرئاسة بكونها حزباً "لديه رغبة صادقة في الحوار، وعبر عن ذلك في كل مبادرة من مبادراته السياسية، وأنه مقتنع بأن حل الأزمة متعددة الأبعاد، التي تمر بها بلادنا، لا يمكن أن يأتي إلا من خلال توافق مؤسسي وأساسي بين جميع القوة الحيوية للأمة".

وهذه هي المرة الثانية التي توافق فيها "قيادة جبهة القوى الاشتراكية" على المشاركة في حوارات السلطة، بعد مشاركة أولى في فبراير/شباط 2020، كانت أثارت جدالاً سياسياً كبيراً، بسبب رفض جزء من قيادات الحزب وكوادره المشاركة ولقاء الرئيس تبون، خاصة أن تلك الفترة كانت تتسم بقمع شديد لتظاهرات الحراك الشعبي. وتُعرف "جبهة القوى الاشتراكية" بمواقف معارضة وحادة ضد السلطة، وكانت قاطعت الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور والانتخابات النيابية الماضية، لكنها شاركت في الانتخابات المحلية الأخيرة بمبرر خدمة المواطنين، ضمن مؤسسات الحكم المحلي.

لكن موقف الجبهة قد يؤشر إلى إمكانية تحول نسبي في مواقف بعض القوى من كتلة المعارضة الراديكالية، للقبول بالحوار مع السلطة، خاصة بعد إعلان سابق لـ"حزب العمال"، وهو أيضاً من الكتلة الراديكالية، موافقته على المشاركة في الحوار مع السلطة، بعد تلقيه مراسلة من طرف رئاسة الجمهورية من أجل تعيين ممثل عن الحزب في اللجنة الوطنية لإصلاح الدعم الاجتماعي، والتي كان مقرراً أن تُعيين من قبل الرئيس تبون في 18 مايو/أيار، قبل أن يُأجل ذلك إلى وقت لاحق. وبرر الحزب موقفه الموافق على المشاركة في الحوار الاقتصادي، بـ"المشاركة من أجل التعبير عن موقفه للإبقاء على دعم الدولة للمنتوجات والخدمات العمومية ذات الاستهلاك الواسع والتحويلات الاجتماعية".

غير أنه وبخلاف موقف "القوى الاشتراكية" و"حزب العمال"؛ فإن الأمين العام لـ"الحركة الديمقراطية الاجتماعية" فتحي غراس يؤكد أن حزبه لن يوافق على أي حوار مع السلطة في الوقت والظروف الحالية، وقال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "موقفنا واضح، يستحيل أن يكون حوار في مناخ قمعي، ويستحيل أن النظام السياسي يمكن أن يخلق حواراً جدياً، لا يمكن أن يكون هناك حوار داخل منظومة مغلقة، السلطة ترغب في حوار يخلق نوعاً من التبعية السياسية للتسليم بخيار السلطة، واذا قبلنا الحوار، فسيكون داخل ما تطرحه السلطة، لذلك نحن نعتبر أن الحوار يجب أن يجرى في إطار استحقاقات الحراك الشعبي والانتقال الديمقراطي الحقيقي".

وفيما لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان في نية الرئاسة أصلاً توجيه الدعوة إلى قوى وأحزاب المعارضة الراديكالية، التي ظلت متمسكة برفضها الاعتراف بالمسار الانتخابي ومخرجاته منذ الحراك الشعبي عام 2019، وهي "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، و"الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، و"حزب العمال" الذي تقوده مرشحة الرئاسة السابقة لويزة حنون، و"الاتحاد من أجل التغيير" وتقوده القاضية السابقة زبيدة عسول، في إطار المبادرة السياسية للرئيس تبون، للمشاركة في اللقاءات المنفردة، أو في اللقاء الجامع الذي يعتزم رئيس الجمهورية تنظيمه قبل الخامس من يوليو/تموز المقبل، خاصة أن العنوان الأساسي لهذه المبادرة، يتعلق بـ"لم الشمل". وتبقى مواقف هذه الكتلة متباينة، حيث يرجح أن يجنح "حزب العمال" إلى الحوار السياسي بعد موافقته على المشاركة في الحوار الاقتصادي، كما لا يُعرف ما إذا كانت القيادة الجديدة لـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، التي ستنتخب في مؤتمر السبت المقبل، ستغير خيارها السياسي من عدمه.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أطلق، قبل أسبوعين، سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب السياسية الفاعلة، في إطار مبادرة سياسية "للم الشمل"، حيث كان قد التقى، قبل قيادة "جبهة القوى الاشتراكية"، قيادات أربعة أحزاب من الحزام الحكومي؛ هم الأمين العام لـ"حزب جبهة التحرير الوطني" أبو الفضل بعجي، ورئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، والأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" الطيب زيتوني، ورئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة، إضافة إلى رئيسي حزبين من صف المعارضة، هما رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري، ورئيس "حزب جيل جديد" جيلالي سفيان، والدبلوماسي السابق المستقلّ عبد العزيز رحابي، كما استقبل مؤخراً أمين عام اتحاد العمال الجزائريين سليم لعباطشة، ورئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني (هيئة استشارية تتبع الرئاسة) عبد الرحمن حمزاوي.

المساهمون