لم تلقَ الدعوة التي وجهها الخميس زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر اهتماماً جادّاً من قبل قوى "الإطار التنسيقي"، القريب من إيران، بشأن الإبقاء على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح لولاية ثانية، بهدف الإشراف على إجراء انتخابات جديدة بعدما باتت جلّ القوى السياسية متفقة على ذلك كمخرج لإنهاء الأزمة السياسية التي سببتها نتائج انتخابات 2021.
وأعلن المقرب من الصدر، الذي يعرف بـ"وزير الصدر"، صالح محمد العراقي، في بيان الخميس، رفض عودة نواب "التيار الصدري" المستقيلين إلى البرلمان (يمثلون العدد الأكبر من النواب بواقع 73 عضواً). وأعلن الصدر بذلك آخر مواقفه بشأن الوضع السياسي، مشدداً عبر البيان على أن "الحلّ يكون في بقاء رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، لتصريف الأعمال والإشراف على الانتخابات المبكرة أو بمعونة عراقيين أو دوليين".
ولم تردّ قوى "الإطار التنسيقي" رسمياً على هذه الدعوة، التي يراها مراقبون أنها تنهي الأزمة، وتبعد شبح عودة الاشتباكات المسلحة التي قد تتكرر في المستقبل بين "التيار الصدري" والفصائل المسلحة المنضوية ضمن قوى "الإطار التنسيقي"، في حال استمرار الأزمة.
وأفاد قيادي من منظمة "بدر"، بزعامة هادي العامري، أن "الصدر تمكن أخيراً من شق صفوف الإطار التنسيقي عبر فكرة منح مصطفى الكاظمي ولاية ثانية، وهو بذلك يُخير قوى الإطار، بين بقاء الكاظمي وصالح كحل وقتي إلى حين انتهاء الانتخابات المبكرة، والعودة مرة أخرى إلى الأزمة مجدداً بين الفريقين بعد الانتهاء من مراسم الزيارة الأربعينية"، التي توافق السابع عشر من شهر سبتمبر/أيلول الحالي، وتشهد توافد الزوار الدينيين إلى كربلاء والنجف.
وأضاف المصدر ذاته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أن "بعض أطراف الإطار التنسيقي لا مانع لديها في منح الكاظمي وصالح ولاية ثانية، بشرط عدم ترشحهم لمناصب هامة في المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى أن "ائتلاف النصر (بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي)، ومنظمة بدر والاتحاد الوطني الكردستاني، وبعض الأطراف السنية، لا تمانع منح الكاظمي ولاية ثانية، يتمحور عملها عند حدود الإشراف على الانتخابات المبكرة فقط".
وأشار المتحدث، في المقابل، إلى أن هناك "رفضاً كلياً" لهذا المخرج من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم مليشيات "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وزعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، ما يعني، بحسبه، احتمالية وقوع حالة توتر داخل "الإطار التنسيقي". ومع ذلك، استدرك بالقول إن "قوى الإطار لن تشهد أي تفتت، لكن قد تساند بعض الأطراف مقترح الصدر، فيما ستعارض أخرى".
من جهته، أكد عضو "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، رفضه أي مبادرة تقود إلى إعادة رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي إلى الواجهة مرة أخرى، مؤكداً، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الإطار التنسيقي يعتبر الكاظمي إحدى أبرز أدوات الصراع الشيعي ــ الشيعي، بسبب تدخلاته السلبية ونقل رسائل خاطئة من طرف إلى طرف آخر"، وفقاً لقوله.
وأكمل أن "هناك إجماعاً من قوى الإطار على استبدال حكومة الكاظمي، بحكومة جديدة تأخذ على عاتقها الإشراف على الانتخابات".
لكن عضو "التيار الصدري"، عصام حسين، قال إن "هناك من يظن أن الصدر يريد الإبقاء على حكومة الكاظمي لكونه يدعم الكاظمي شخصياً، وهذا غير صحيح، لأن الصدر يرى أن هناك حاجة إلى استبدال كل رموز العملية السياسية برموز جديدة لتصحيح كل العملية السياسية".
واعتبر حسين، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الصدر قدم هذا المقترح في سبيل تمشية الأمور السياسية، وصولاً إلى الهدف الرئيسي، وهو إجراء انتخابات نزيهة، وقطع الطريق على أي أطراف سياسية تسعى لتشكيل حكومة جديدة قد تلد أزمات وسرقات جديدة".
بدوره، يرى الباحث السياسي، علي البيدر، أن "دعوة الصدر للإبقاء على الكاظمي وصالح هدفها حقن الدماء وإنهاء التوتر السياسي والأمني الذي خلفته عاصفة الخلافات بين تياره السياسي والاجتماعي مع الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة".
وأكد البيدر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "انسحاب الصدر من المنطقة الخضراء أوحى لبعض قادة الإطار أن الصدر تعرض لهزيمة، وقد عادت بوصلة اتخاذ القرارات بأيديهم، إلا أن هذا الشعور غير حقيقي، فما زال الصدر هو المتحكم بكل شيء، لكونه يملك جماهير جاهزة لأي إعلان، سواء كان احتجاجاً أو اعتصاماً أو اشتباكاً، وأظن أن على الإطار استغلال الهدوء الحالي للصدر".