تدفع المناورات الصينية والتهديدات الدائمة لتايوان بإمكانية استردادها بالقوة تايبيه إلى زيادة ميزانيتها العسكرية إلى مستوى غير مسبوق، وهو ما يمثل نمواً للعام السادس على التوالي في الإنفاق الدفاعي للجزيرة.
وكانت المناورات العسكرية الضخمة التي أجرتها الصين خلال الشهر الحالي، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايبيه مطلع أغسطس/آب الحالي، أدت إلى تصعيد التوتر في مضيق تايوان إلى أعلى مستوى منذ سنوات، ما زاد المخاوف من استخدام بكين القوة للسيطرة على الجزيرة التي تعتبرها جزءا من أراضيها.
اقترحت تساي تخصيص 19 مليار دولار للإنفاق الدفاعي
واقترحت رئيسة تايوان تساي إينغ وين، أمس الخميس، تخصيص نحو 19 مليار دولار للإنفاق الدفاعي العام المقبل، في زيادة تتجاوز 10 في المائة مقارنة مع 2022، تشمل تمويلاً لطائرات مقاتلة جديدة.
تايوان لن تثير الحوادث
وخلال اجتماع مع أكاديميين يابانيين في تايبيه، كررت تساي، أمس الخميس، تأكيدها أن "حماية سيادتهم وحريتهم وديمقراطيتهم لن تتغير بسبب الضغوط أو التهديدات"، إلا أنها اعتبرت أنه "في الوقت نفسه، وبصفتها عضواً مسؤولاً في المجتمع الدولي، لن تثير تايوان الحوادث ولن تصعد الصراعات".
وتنص الميزانية الدفاعية الإجمالية، التي اقترحتها تساي إينغ وين، على زيادة بنسبة 13.9 في المائة على أساس سنوي، لتصل إلى رقم قياسي يبلغ 586.3 مليار دولار تايواني (19.41 مليار دولار).
ويشمل ذلك 108.3 مليارات دولار تايواني للإنفاق على الطائرات المقاتلة وغيرها من المعدات، بالإضافة إلى "أموال خاصة" أخرى لوزارة الدفاع. ولم يقدم بيان صادر عن المديرية العامة للموازنة والمحاسبة والإحصاء تفاصيل دقيقة عن أوجه صرف هذه الأموال.
وكانت الحكومة التايوانية أعلنت، العام الماضي، عن ميزانية دفاعية إضافية بقيمة 8.69 مليارات دولار بحلول العام 2026، والتي جاءت على رأس إنفاقها العسكري السنوي، ومعظمه على الأسلحة البحرية، بما في ذلك الصواريخ والسفن الحربية.
شراء تايوان طائرات مقاتلة
وأعلنت الهيئة المكلفة بالميزانيات، في بيان، أنه سيتم تخصيص مبلغ من الميزانية العسكرية الجديدة لشراء طائرات مقاتلة. وقال رئيس الوزراء سو تسينغ تشانغ، في بيان، إنه "من أجل حماية الأمن القومي ستصل الميزانية الإجمالية للدفاع العام المقبل إلى 586.3 مليار دولار تايواني، وهو رقم قياسي".
وقال وزير إدارة الإحصاءات التايواني تشو تزر مينغ، في بيان، إن الزيادة ستذهب بشكل رئيسي إلى التكاليف التشغيلية. وأضاف: "نعطي دائماً السلامة والأمن القومي أولوية قصوى. هذا هو السبب في أن (ميزانية) التكاليف التشغيلية ترتفع بشكل كبير"، مشيراً إلى تكاليف الوقود والصيانة للطائرات والسفن التي يتم توجيهها لمواجهة النشاط العسكري الصيني بالقرب من تايوان.
وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، إن الميزانية تولي الاعتبار الكامل "لتهديد العدو" وتعادل 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لتايبيه للعام المقبل.
وقالت: "في مواجهة استمرار الشيوعيين الصينيين بالتوسع في الأنشطة العسكرية المستهدفة في السنوات الأخيرة، واستخدام السفن الحربية والطائرات العسكرية للإغارة على البحار والمجال الجوي المحيط بتايوان وازعاجها، يلتزم الجيش بمبدأ الاستعداد للحرب دون السعي إلى الحرب والدفاع عن الأمن القومي بقوة".
تايوان تحتاج لتحديث معداتها العسكرية
وقال رئيس جمعية تايوان الدولية للدراسات الاستراتيجية وانغ كون ييه، لصحيفة "واشنطن بوست" أمس الخميس: "لأن تايوان تحتاج إلى تعزيز وتحديث معداتها العسكرية، فإنه من المرجح أن يكون هناك بضع سنوات من النمو المزدوج في الإنفاق العسكري قبل أن يستقر".
وكانت بكين أعلنت، في مارس/ آذار الماضي، أنها ستنفق 7.1 في المائة أكثر على الدفاع هذا العام. وحددت رقم الإنفاق عند 1.45 تريليون يوان (211.62 مليار دولار) رغم أن كثيرين من الخبراء، بحسب وكالة "رويترز"، يشتبهون في أن هذا ليس الرقم الحقيقي.
الدفاع التايوانية: الميزانية تولي اهتماماً "لتهديد العدو"
وما زالت بكين متفوقة عددياً وبفارق كبير على تايوان التي يضم جيشها 88 ألف جندي في سلاح البر مقابل مليون رجل للصين، حسب تقديرات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وحدثت الجزيرة أسطولها القتالي المتقادم في السنوات الأخيرة، وسط مخاوف متزايدة من عمل عسكري من قبل بكين، واستمرار طلعات الطائرات الصينية المتكررة في منطقة تحديد الدفاع الجوي لتايوان.
في هذا الوقت، تواصل الصين أنشطتها العسكرية بالقرب من تايوان، وإن كان على نطاق ضيق. وقالت سلطات مقاطعة فوجيان الصينية، الأربعاء الماضي، إنه سيتم، اليوم الجمعة وغداً السبت، إجراء تدريبات بالذخيرة الحية شمال جزر ووتشيو الصغيرة التي تسيطر عليها تايوان في مضيق تايوان، معلنة عن منطقة حظر الإبحار.
نشر مسيرات على الجزر التايوانية
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، أنها ستبدأ العام المقبل في نشر أنظمة دفاع بطائرات مسيرة على جزرها البحرية، بعد ظهور مقطع مصوّر لجنود تايوانيين يرشقون طائرة صينية مسيرة بالحجارة أثناء تحليقها فوق موقع حراسة بالقرب من ساحل الصين.
ويُظهر المقطع، الذي تم تداوله أولاً على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية قبل أن تنشره وسائل الإعلام التايوانية، جنديين يرشقان طائرة مسيرة اقتربت من موقع حراستهما بالحجارة.
وقالت القيادة الدفاعية لمجموعة جزر كينمن، التي تسيطر عليها تايوان وتقع قبالة مدينتي شيامن وتشوانتشو بالصين، إن الحادث وقع في 16 أغسطس/ آب الحالي في جزيرة إردان، مؤكدة أن الجنود ألقوا الحجارة لإبعاد ما سمته طائرة مسيّرة مدنية.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان منفصل إنها ستنشر أنظمة مضادة للطائرات المسيّرة اعتباراً من العام المقبل، وسيتم وضعها أولاً على الجزر الأصغر.
وأضافت أن "الضباط والجنود على كافة المستويات سيواصلون توخي اليقظة وفقاً لمبدأ عدم تصعيد النزاعات أو إثارة الخلافات ". وكان المقطع المصور أثار نقاشاً ساخناً في تايوان، حيث وصف بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الحادث بأنه "إذلال" للقوات المسلحة في الجزيرة، وحثوا وزارة الدفاع على تكثيف إجراءاتها المضادة لغارات الطائرات المسيرة المتكررة بشكل متزايد.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)