كشفت تصريحات عدة صادرة عن مسؤولين أتراك، اليوم الثلاثاء، عن قرب إجراء تركيا عملية عسكرية جديدة شمال سورية واستعداد القوات العسكرية لإجرائها.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، في تصريحات صحافية، إن القوات المسلحة التركية بعدتها وعتادها وجنودها ومعنوياتها وخبراتها مستعدة من أجل أي مهام تكلف بها، وهي قادرة وحازمة ولديها العزم لإجراء عملية عسكرية كهذه.
وأضاف أن "الهدف الوحيد لتركيا هو الأمن القومي وأمن الحدود (...) كان هناك خطط لإنشاء حزام إرهابي في المنطقة لم تسمح تركيا بذلك، ولو لم تفعل تركيا ذلك لكانت تركيا أمام واقع أصعب (...) اليوم تركيا تقييم الأمر كما في السابق، وبالتالي لن تسمح بأي تهديدات من هذه المنطقة وعلى الجميع أن يعلم حزم الجيش التركي في هذا الأمر".
وشدد على ضرورة تفهم جميع الدول الموقف التركي أن (حزب العمال الكردستاني) هو نفسه (وحدات الحماية الكردية)، مؤكداً أن بلاده لن تقبل بوجود هذه العناصر على حدودها مهما كانت الجهة التي تقف خلفهم.
كذلك أكد احترام تركيا وحدة وسيادة دول الجوار، وعلى رأسها سورية والعراق، إلا أن حماية أمنها القومي يدفعها إلى إجراء هذه العمليات العسكرية، معرباً عن أمله في أن "يفهم الجميع ذلك، وأن هدف تركيا هم الإرهابيون فقط، من دون أن يكون هدفها التمييز بين المذاهب والأديان والعرقيات. المستهدفون هم إرهابيون في الكردستاني ووحدات الحماية".
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في حديث لوكالة "الأناضول" إن "العمليات العسكرية التي أجريت في سورية سابقاً كانت ضد التنظيمات الإرهابية التي هي خطر على سورية وتركيا، حيث استُهدف السوريون وتركيا بالقصف، فكان من الضرورة تطهير هذه المناطق".
وأضاف "أطلقنا عملية نبع السلام في عام 2019 ولكن ما زالت هناك عناصر إرهابية في تل رفعت ومنبج وتل تمر وشمال شرق سورية، وفي نفس العام اتفقنا مع روسيا وأميركا الموجودتين بالمنطقة على تطهيرها، وتعهدوا بذلك ولكن عملية التطهير لم تحصل".
وتابع "الهجمات تواصلت داخل سورية وضد القوات التركية واستهدفت تركيا أيضاً، ومع تزايد التهديدات والهجمات تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي ومن مسؤولية تركيا أمام الشعب ملاحقة هذه العناصر أينما كانوا في سورية والعراق وهي مسألة أمن قومي".
وأكد أن لبلاده الحق وفق القوانين الدولية بإجراء العمليات العسكرية، مبيناً أن هناك اتصالات تصل إلى تركيا تطالب بالامتناع عن العمليات من قبل أطراف، منها أميركا، مطالباً الأخيرة بأن تقوم بمهامها بتطهير هذه المناطق، فيما قال إن الولايات المتحدة "تعمل على تسليح وتدريب هؤلاء الذين يهاجمون تركيا ولا يلتزمون بالاتفاقيات الموقعة، ويطلبون لاحقاً من تركيا بالامتناع عن العملية".
وتابع "يطالبون بالامتناع عن العملية العسكرية من أجل استقرار المنطقة، ولكن من هو الذي يعمل على تهديد المنطقة، هي هذه العناصر التي تمارس الانتهاكات بحق العرب والأقليات وتمنع عودة اللاجئين والتضييق على الأهالي".
وأعلن جاووش أوغلو أن نظيره الروسي سيرغي لافروف سيزور تركيا في 8 حزيران/ يونيو المقبل رفقة وفد عسكري سيجري لقاءات في وزارة الدفاع، وهو ما فسره خبراء بأنه يتعلق بجزء منه بالموضوع السوري.
من ناحيته، ألمح زعيم "حزب الحركة القومية" دولت باهتشلي، حليف الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى أن العملية العسكرية قادمة وضرورية بقوله "مؤخراً هناك هجمات من عين العرب وتل رفعت ضد مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام ودرع الربيع وهو ما يجعل العمل العسكري ضرورة لا مفر منها".
وقال إن خطوط إمداد "الإرهابيين" ستكون أهدافاً مشروعة أينما كانت، مؤكداً ضرورة "تحرير" تل رفعت ومنبج، وأن تركيا لا تضع عينها على أي جزء من سورية والعراق.
وأعرب عن دعم حزبه العمل العسكري "ومحاسبة الإرهابيين أينما وجدوا"، مشدداً على أن "لا مفر من التدخل العسكري من أجل الأمن القومي".
تصريح باهتشلي وهو الحليف للحكومة يظهر بوضوح أن من أولويات الحملة المقبلة هي غرب الفرات وبالدرجة الأولى بلدة تل رفعت ومدينة منبج والمناطق المحيطة بها.
إلى ذلك، نقلت قناة "خبر تورك" عن مصادر ميدانية قولها إن التحضيرات العسكرية متواصلة من أجل العمل العسكري، وأن التحضيرات ومراكز التنسيق والدعم اللوجستي تقام داخل الحدود السورية في المناطق الآمنة على عكس العمليات السابقة، إذ كانت مقرات العمليات والتنسيق يجريان داخل تركيا ويمكن رصدهما بسهولة أكبر.
وأكد المسؤولون الأتراك، وعلى رأسهم أردوغان منذ أكثر من أسبوع، أن أنقرة تسعى لإجراء عمل عسكري جديد في سورية يستهدف "وحدات الحماية الكردية" في ظل معارضة غربية، وعلى رأسها أميركا، في حين تحاول تركيا الاستفادة من المتحولات الدولية كالحرب الروسية الأوكرانية وطلب انضمام السويد وفنلندا لحلف الشمال الأطلسي "الناتو" في كسب تأييد العمل العسكري.