استمع إلى الملخص
- **استئناف المشاورات برعاية البعثة الأممية**: أعلنت البعثة الأممية استئناف رعايتها للمشاورات بين الأطراف الليبية لحل أزمة المصرف المركزي، بهدف تشكيل إدارة مؤقتة والاتفاق على محافظ وإدارة دائمين خلال ثلاثين يوماً.
- **تدخلات دولية وضغوط خارجية**: تدعم واشنطن وعواصم أوروبية جهود البعثة الأممية، حيث أصدر سفراؤها بياناً مشتركاً يحث الأطراف الليبية على تسوية الأزمة.
أُجِّل موعد إعلان نتائج المشاورات بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول أزمة المصرف المركزي الليبي إلى يوم غد الأربعاء، بعد أن كان مقرراً إعلانها أمس الاثنين، في الوقت الذي تنشط فيه البعثة الأممية لدفع اتجاهات الأزمة نحو استئناف العملية السياسية. وأكد ممثل مجلس النواب في المشاورات الدائرة بين مجلسي النواب والدولة، الهادي الصغير، لـ"العربي الجديد"، تأجيل إعلان نتائج المشاورات بين مجلسي النواب والدولة إلى يوم غد الأربعاء، في وقت تحفّظ فيه ممثل المجلس الأعلى للدولة في المشاورات، عبد الجليل الشاوش، عن التعليق على هذا التأجيل.
ومن جهتها أعلنت البعثة الأممية، مساء اليوم الثلاثاء، استئناف رعايتها للمشاورات بين الأطراف الليبية بشأن حل أزمة المصرف المركزي بمقرها في العاصمة طرابلس، وأضافت في بيان مقتضب "أن استئناف المشاورات يوم غد الأربعاء جاء بالاتفاق مع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من جهة، وممثل المجلس الرئاسي من جهة أخرى"، مشيرة إلى مواصلة مساعيها المكثفة مع كافة الأطراف المعنية، ومؤكدة أن "الوقت عامل حاسم في التوصل إلى حل توافقي للأزمة والحد من آثارها السلبية".
وكشفت مصادر مقربة من مجلسي النواب والدولة عن استئناف المشاورات بين ممثلي المجلسين، أمس الاثنين، لوضع اللمسات النهائية على اتفاقهما على تشكيل إدارة مؤقتة للمصرف وذهاب المجلسين بالتوازي الى مشاورات أوسع للاتفاق على محافظ وإدارة دائمين للمصرف في غضون ثلاثين يوماً، إلا أن مقترحاً دخل على خط المشاورات رفض ممثل مجلس الدولة قبوله.
وبحسب معلومات أدلت بها المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد"، فإن المقترح جاء من مسؤولين بسفارات أوروبية، حيث دفعوا من خلال البعثة الأممية بمقترح يقضي بتشكيل مجلس دائم للمصرف مكون من ثلاث شخصيات بمحافظ ونائبين، معبرين عن مخاوفهم من أن الإدارة المؤقتة قد لا تلبي التوافق المنشود بين المجلسين، ما يعرقل قدرتهما على التواصل إلى توافق حول محافظ وإدارة دائمة للمصرف.
وفيما أفادت المصادر بقبول مجلس النواب مقترح مجلس ثلاثي للمصرف، كونه يلبي رؤيته الخاصة بضرورة أن يعمل المصرف على توزيع واردات النفط بالتساوي بين أقاليم البلاد الثلاث، رفض ممثل مجلس الدولة ذلك، مصراً على تعيين إدارة مؤقتة للمصرف وذهاب مجلسي النواب والدولة بالتوازي في مشاورات أوسع لتعيين محافظ دائم للمصرف وإدارة تمثل كل أطراف الصراع القائم. وذكرت المصادر نفسها أن ممثل مجلس الدولة انسحب من المشاورات على أثر الضغوط الغربية، فيما حازت عودة الصديق الكبير لمنصب المحافظ جزءاً كبيراً من التوافق.
وتسعى البعثة الأممية، بدعم واشنطن وعواصم أوروبية، إلى أن يكون اتفاق المصرف المركزي الليبي أساساً لاستئناف العملية السياسية بين جميع الأطراف الليبية لوضع الملفات الخلافية على طاولة مفاوضات سياسية جديدة، وأهمها ملف توقف إنتاج النفط، والقوانين الانتخابية، وتشكيل حكومة موحدة.
وأصدر سفراء دول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا لدى ليبيا بياناً مشتركاً، مساء الأحد الماضي، طالبت فيه الأطراف الليبية بالإسراع في تسوية أزمة المصرف المركزي الليبي وتقديم التنازلات الضرورية لبدء استعادة نزاهة المصرف المركزي واستقراره ومكانته لدى المجتمع المالي الدولي. كما حث السفراء الثلاث "جميع الأطراف على العمل للتوصل إلى اتفاقات طويلة الأمد بشأن توزيع عائدات النفط الليبي لصالح جميع مواطني ليبيا"، ونبّهوا على ضرورة "أن تتجنب جميع الأطراف اتخاذ مزيد من الإجراءات الأحادية التي قد تقوّض استقرار ليبيا، وأن تتخذ بدلاً من ذلك خطوات جادة لتهدئة الأوضاع في هذه اللحظة الحرجة".
ويلفت المهتم بالشأن السياسي بلقاسم القمودي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الغموض لا يلف أسباب تأجيل مشاورات أزمة المصرف المركزي الليبي فقط، بل هناك اجتماعات وإجراءات أخرى جرى إلغاؤها بشكل مفاجئ دون وضوح أسبابها، ومنها إلغاء اجتماع للجنة العسكرية المشتركة 5+5 بعيد وصول أعضائها، يوم السبت الماضي، إلى مدينة سرت، وكان من المقرر أن تعلن اللجنة عن موقفها من المستجدات السياسية، وخاصة أزمة المصرف.
ووفقاً لمعلومات القمودي، فإن جميع أطراف الأزمة تنتظر وصول شخصيات أميركية وأوروبية عسكرية ومصرفية، للمشاركة في المشاورات الليبية على جميع مستويات الأزمة المحتدّة، مرجحاً أن يكون ذلك أحد أسباب التأجيلات والإلغاءات التي حدثت. وأشار إلى "زيارة وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روز ماري ديكارلو إلى ليبيا، التي بدأت الأحد الماضي، للقاء القادة الليبيين لإقناعهم بضرورة استئناف العملية السياسية، ومن المفترض أن تنتهي زيارتها غداً الأربعاء، وهو الموعد الذي جرى إليه تأجيل إعلان مشاورات مجلسي النواب والدولة حول أزمة المصرف".
وفيما يؤكد القمودي أن جملة هذه المعطيات تعكس تدخلاً غربياً واضحاً لتوجيه مسارات المشاورات نحو خطط تخدم مصالح دوله في إطار عملية حوار سياسي جديد، يوافق الأكاديمي والباحث في الشأن الليبي فاضل الطويل في حديث مع "العربي الجديد" على ذلك، لكنه في الوقت ذاته يذكّر بأن أطرافاً إقليمية، على رأسها مصر وتركيا، أعلنت عن تقارب كبير في رؤيتها في الملف الليبي، وقبل أيام كان مسؤول تركي رفيع يزور طرابلس عقب إعلان التقارب المصري التركي.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر ليبية مطلعة أن زيارة رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالن إلى طرابلس، يوم الخميس الماضي، أحدثت تغيراً كبيراً في مواقف أطراف أزمة المصرف المركزي الليبي، حيث ضغط الوفد التركي في اتجاه القبول بعودة الصديق الكبير، الموجود بتركيا، إلى منصبه ولو بشكل مؤقت، كما دفع بضرورة إنهاء أزمة الانقسام في رئاسة المجلس الأعلى للدولة ليتسنى لمجلسي النواب والدولة التوافق حول قرار توافقي لحل أزمة المصرف، وأشارت المصادر إلى أن الوفد التركي أظهر ميلاً واضحاً لصالح تولي خالد المشري رئاسة مجلس الدولة.
ويرى الطويل أن "تزايد حجم الضغوط الخارجية بآليات مختلفة، وإن كانت تجمع على رجوع الصديق الكبير لمنصبه، سيزيد من حدة التعقيد بين الأطراف الليبية، ما يسهل على البعثة الأممية ومن يدعمها من الخارج إطلاق عملية حوار سياسي جديدة، خاصة في ظل فشل المجلس الرئاسي والحكومة في طرابلس في تسيير المصرف المركزي بواسطة الإدارة الجديدة، وفشل مجلس النواب من جانبه في عقد تحالف مع مجلس الدولة لتمرير قراراته لمواجهة قرارات السلطة في طرابلس".