حكومة متطرفة تحكم دولة الصهاينة (إسرائيل)، ليست أول حكومة متطرفة، لكنها وبحسب توصيف المعارضة "حكومة يأجوج ومأجوج، حكومة تستعجل الحرب الأخيرة، حكومة مجانين متعصبين دينياً"، القول هنا لـ "موشيه يعلون" وزير الحرب الصهيوني الأسبق، أركان المعارضة الأخرى (لبيد وغانتس) وصفتها بالفاشية والنازية، وحكومة المجرمين والفاسدين. حكومة متطرفين دينيين صهيونيين تطالب بطرد الفلسطينيين من بلادهم، تنفي وجودهم الأصلاني؛ وفق بتسلئيل سموتريتش وزير المالية.
كل ذلك الوضوح في طبيعة هذه الحكومة وشعاراتها وممارساتها، لم تعره الإدارة الأميركية انتباهاً، الأمر الوحيد الذي يهمها هو مكافحة ردود الأفعال الفلسطينية الفدائية تجاه الأعمال الاستفزازية والإجرامية لجنود ومستوطني الاحتلال، لذلك أعدت خطة أمنية بواسطة الجنرال الأميركي "فينزل"، هدفها استحداث وتدريب 12 ألف جندي فلسطيني لمكافحة والقضاء على بؤر المقاومة في نابلس وجنين وغيرها.
الغريب في الأمر؛ أن السلطة الفلسطينية في البدء رفضت الخطة، ومن ثم استجابت وحضرت لقاءين؛ العقبة وشرم الشيخ، نتائجهما أمنية بامتياز، مع صياغة توحي بإحياء عملية تفاوضية تفتح مساراً سياسياً. يعلم أي مراقب أنه تسويق للوهم، وغطاء للإذعان واستجابة للضغط الأميركي- العربي.
معادلة لن تنجح ولن يقبلها شعبٌ حرٌ، لذلك لن تنجح الاجتماعات الأمنية في جر الفلسطيني لقتل الفلسطيني، حتى لو أرادت بعض القوى الفلسطينية التنفيذ
بما أنها حكومة متطرفين وما يربط عناصرها المتطرفة شعرة، نفت مكوناتها إمكانية تنفيذ بيانات العقبة وشرم الشيخ من قبلها، ولخصت تلك الأطراف النتائج بالقول: "ما جرى في العقبة يبقى في العقبة"، في حين لخص بنيامين نتنياهو ما ورد في بيان شرم الشيخ بالقول: "مجرد بيان للإعلام".
المجموعات المقاومة في الضفة الغربية المحتلة حضرت الاجتماعين الأمنيين بطريقتها، فقد استهدف فدائي مجموعة من المستوطنين في وضح النهار، وأسقط منهم قتلى وجرحى، حظيت العملية برضى وفرح لدى أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن وخارجه، وهاج الصهاينة جنوداً ومستوطنين، وأحرقوا منازل لإرهاب المواطنين الفلسطينيين، في قرية حوارة جنوب نابلس، الواقعة بالقرب من مجموعة مستوطنات، مع بدء اجتماعات شرم الشيخ نفذت المقاومة عملية فدائية ثانية في المكان نفسه، أسفرت عن قتل وجرح مستوطنين.
تعمل الإدارة الأميركية وبعض الأطراف العربية (لا نشكك في سعيها حماية الفلسطينيين)، كمطافئ الحرائق، بهدف تمرير شهر رمضان الكريم وأعياد الفصح اليهودية والمسيحية بسلام، يبدو الهدف نبيلاً وإنسانياً، لكنه يركز على طرف واحد دون غيره، هو ضحية الاحتلال والقتل والتهجير القسري والتطهير العرقي والعنصرية والفصل العنصري، أي الفلسطيني المضطهد، الأعزل إلا من الإرادة والتصميم على الحياة ونيل الاستقلال.
الشعار الأميركي: على الضحية أن تسكت، ألا تقاتل، ألا تدافع عن نفسها وأرضها وشعبها، عليها أن تقبل بالفتات الذي يقدم فقط، باسم المساعدات والتسهيلات؛ الإسرائيلية والأميركية والأوروبية. يجب أن تبقى حقوق الفلسطيني المشروعة محل تفاوض بين الجانبين، بين ذاك الذي يملك كل عناصر القوة؛ المحتل، والآخر الذي لا يملك إلا الخضوع للقوة ولإرادة حلفاء الاحتلال.
معادلة لن تنجح ولن يقبلها شعبٌ حرٌ، لذلك لن تنجح الاجتماعات الأمنية في جر الفلسطيني لقتل الفلسطيني، حتى لو أرادت بعض القوى الفلسطينية التنفيذ، جرائم الاحتلال واستفزازات مستوطنيه التي لن تتوقف، ستجعل أي فعل فلسطيني رسمي مساعد لها بمثابة خيانة.