بين المشري وتكالة.. لمن تكون رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي؟

05 اغسطس 2024
خالد المشري أبرز المرشحين لرئاسة المجلس الأعلى، طرابلس 6 أغسطس 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي**: ستُجرى على جولتين لصعوبة حسمها في جولة واحدة، ويتنافس على المنصب محمد تكالة، خالد المشري، وعادل كرموس. تُعتبر الانتخابات حاسمة لمستقبل العملية السياسية في ليبيا.

- **التنافس بين المرشحين**: حظوظ تكالة والمشري متكافئة، بينما كرموس لا يمتلك فرصاً كبيرة. المنافسة محصورة بين تكالة والمشري، مع احتمال أن يشكل كرموس نقطة تحول لصالح تكالة.

- **تأثير الانتخابات على المشهد السياسي**: نتائج الانتخابات ستحدد مستقبل العملية السياسية في ليبيا. فوز تكالة سيعزز دعم الدبيبة، بينما فوز المشري سيعيد المجلس للتقارب مع مجلس النواب، مما يضع الدبيبة في موقف حرج.

قالت نعيمة الحامي، عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، إن انتخابات اختيار رئيس المجلس ستجري على جولتين لصعوبة حسمها في جولة واحدة، وأضافت في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، أنه يوجد ثلاثة مترشحين حتى الآن للمنصب هم: رئيس المجلس الحالي محمد تكالة ورئيس المجلس السابق خالد المشري ورئيس اللجنة القانونية بالمجلس عادل كرموس، مشيرة إلى إمكانية أن يتقدم غيرهم للترشح خلال الساعات المقبلة. وتترقب الأوساط السياسية في ليبيا نتائج انتخابات رئاسة المجلس لأنها تعد حاسمة في تحديد مستقبل العملية السياسية بالبلاد لاسيما في ملفات الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة.

وتُجرى انتخابات مكتب رئاسة المجلس الأعلى للدولة مرة كل عام، وفقاً للائحة الداخلية للمجلس، وتولى رئاسته عند تأسيسه في 2015 عبدالرحمن السويحلي لدورتين متتاليتين، تلاه خالد المشري الذي ترأسه لخمس دورات متتالية، وخلفه في انتخابات العام الماضي محمد تكالة. وكان مجلس الدولة أُنشئ من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) ضمن اتفاق الصخيرات الذي نتج عن الحوار السياسي الذي نظمته البعثة الأممية خلال عامي 2014 و2015 كجسم استشاري ضمن غرفة تشريعية مع مجلس النواب، ويقضي الاتفاق بضرورة تشاور وتنسيق المجلسين عند إصدار القوانين والقرارات الكبرى.

وفي وقت لم تحدد الحامي اتجاهات الأعضاء حيال أي من الشخصيات الثلاث، أفادت مصادر مقربة من المجلس أن بحظوظ تكالة والمشري تكاد تكون متكافئة، فيما لا يمتلك كرموس حظوظاً ترقى به لمستوى المنافسة على الفوز بالرئاسة. ويرى الباحث في الشأن السياسي، عيسى اهمومه، أن المنافسة محصورة بين تكالة والمشري، مذكّراً بأن المشري لم يترك منصبه العام الماضي إلا بفارق ضئيل في الأصوات، ولا يزال يملك أنصاراً في أوساط المجلس. واعتبر اهمومه أن دخول كرموس لمجال الترشح جاء كاحتياط لمنافسة تكالة في حال فشل المشري في الفوز، موضحاً أن كرموس "يقود تياراً داخل المجلس يُعرف بتيار التوافق، وهو كتلة من المعروف أنها تضم أعضاء المجلس الأعلى للدولة الموالين للمشري وهي التي استمرت في قيادة سياسات المشري في التقارب مع مجلس النواب خلال فترة رئاسة تكالة"، ويرجح اهمومه أن يشكل كرموس نقطة تحول خلال عملية التصويت في حال ميل كفة الأصوات لمصلحة تكالة، مضيفاً: "عندها من الممكن أن يحسم كرموس الأمر لمصلحة المشري بأن يمنحه أصواته ويتنازل عن ترشحه".

وعلى الرغم من مواقف المشري الرافضة لسياسات مجلس النواب الرامية لتمكين شخصيات موالية لها، مثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من الانخراط في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه أبدى مرونة في الفترة الأخيرة من رئاسته وتقارَب بشكل كبير مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ضمن العديد من اللقاءات التي جمعتهما في القاهرة وانقرة، وفي آخر محطات التقارب بين مجلسي الدولة والنواب في عهد المشري توافق المجلسان على إجراء تعديل في الإعلان الدستوري لتشكيل لجنة مكونة من ستة أعضاء عن كل مجلس لصياغة قوانين انتخابية توافقية، وعلى الرغم من المعارضة الواسعة داخل مجلس الدولة لهذا التقارب إلا أن المشري تمكن من تمريرها واعتمادها.

في المقابل، يمثل تكالة موقفاً معارضاً لسياسات مجلس النواب، فمنذ توليه منصب رئاسة المجلس الأعلى للدولة أبدى تحفظاً على مضمون القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 وأصدرتها في يونيو/حزيران العام الماضي، واشتد موقفه من مجلس النواب بعد إصدار الأخير القوانين الانتخابية وفقاً لنسخة معدلة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حيث أعلن تكالة رفضه للنسخة المعدلة استناداً لقانون إنشاء لجنة 6+6 الذي جعل مخرجاته المعلنة في يونيو من العام الماضي نهائية وملزمة. وبسبب خلفيات ومواقف الرجلين، يعتبر اهمومه أن موسم انتخابات رئاسة مجلس الدولة لهذا العام هي الأهم منذ تشكيله عام 2015.

ويتفق أستاذ العلوم السياسية، فاضل الطويل، مع اهمومه في أن فوز أي منهما سيحدد مستقبل العملية السياسية، ويقول الطويل لـ"العربي الجديد" إن "هذه الانتخابات ليست مرتبطة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية بقدر ما هي مرتبطة، أشد الارتباط، بالصراع الحكومي والتنافس الشديد بين عقيلة صالح ومعسكر شرق ليبيا من جهة وبين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة من جهة أخرى"، ويعتبر الطويل أن القوانين الانتخابية جرى توجيهها منذ البداية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة، حيث "تم تضمينها بنداً أساسياً هو ضرورة تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات، وغني عن البيان أن مجلس النواب لا رغبة لديه في إجراء الانتخابات ويزرع العراقيل أمامها ويمرر من خلال مراحل الإعداد لها مصالحه الخاصة، وأولاها إزاحة الدبيبة الذي برز منافساً قوياً منذ توليه رئاسة الحكومة عام 2021".

ويرى الطويل أن انضمام المشري لقائمة خصوم الدبيبة بعد حدوث خلافات بينهما هو ما دفعه للتقارب مع عقيلة صالح، وازداد خلاف المشري مع الدبيبة بعدما دعم الأخير تكالة في انتخابات مجلس الدولة للعام الماضي وتمكن من إسقاط المشري، ويضيف الطويل: "الآن كل الأوضاع مرتبطة بهذه الانتخابات، فإما أن يفوز تكالة ويستمر في دعم الدبيبة لعام جديد ضمن استراتيجيات فرض الواقع التي ينتهجها جميع القادة السياسيين، وإما فوز المشري الذي سيعيد مجلس الدولة للمسار السابق في التقارب مع مجلس النواب ويصبح الدبيبة على المحك"، مشيراً إلى العديد من الإجراءات التي اتخذها عقيلة صالح في الآونة الأخيرة، مثل إقرار ميزانية الدولة وفتح باب الترشح لمنصب رئيس الحكومة بشكل أحادي وبعيداً عن التنسيق مع مجلس الدولة.