أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا عند بعض الصحافة الغربية التذكير بتدخل موسكو في سورية، وتحت ذات التسمية "العملية العسكرية"، وفيما نشر بعضها مقارنات بينهما، بما فيها الموقف المتباين بين لجوء الأوكرانيين والسوريين، أطلت صحيفة "بيرلنغكسا" الدنماركية على القراء لتقدم لهم كيف يجرى تجنيد النظام السوري ومليشياته لدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقتاله ضد الأوكرانيين.
وفي تقرير أعد نهاية الأسبوع، استعرضت الصحيفة الدنماركية، تحت عنوان: "أبو علي.. هوس بوتين وملصقاته والاستعداد للقتال من أجله"، الحالة في دمشق، مبينة أنه "منذ بداية الغزو الروسي، أصبحت صوره (بوتين) منتشرة في المدينة السورية ويستعدون للقتال في أوكرانيا".
وعلى الرغم من أن الصحيفة فرّقت بشكل واضح بين استعداد "مليشيات مؤيدة للديكتاتور السوري بشار الأسد القتال كمرتزقة ضد الأوكرانيين" وبين بقية السوريين "الذين قصفوا من روسيا نفسها"، إلا أن الحالة الكرنفالية في جامعات سورية المؤيدة لقصف أوكرانيا أثارت انتباه الكثيرين ممن يهتمون. ففي الأجواء الأوروبية، العائدة لتاريخ خاص ومؤلم من دمار الحرب وشلل الحياة في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وتنامي الشعور بالتهديد والتعاطف الجارف مع أوكرانيا، توضع المواقف تحت مجهر الفحص، كما ذهب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأربعاء الماضي.
ومضت الصحيفة الدنماركية تنقل للقراء ما شاهده المتابع العربي والسوري سابقاً من صور تأييد غزو بوتين لأوكرانيا. وتحت عنوان فرعي: "هوس ببوتين" نقلت أن "ملصقات عملاقة تنتشر في دمشق ويبدي المقاتلون استعدادهم للقتال معه"، مدعمة تقريرها بعدد من الصور التي تحمل عبارات: نحن مع روسيا. الحق يعلو، وصور لتشكيل الطلبة حرف زد".
وذكرت "بيرلنغكسا" أنه "لولا مساعدة روسيا من خلال قصف المستشفيات والمدنيين لما تمكن الديكتاتور السوري بشار الأسد من البقاء في السلطة، وفي دمشق يعتبر بوتين بطلاً، في حين يصفه الغرب بأنه مجرم حرب".
وأشارت الصحيفة إلى استغلال الناس لإظهار دعم بوتين بقولها: "طلاب مراهقون يرفعون الأعلام مبتسمين، وإذا نظرنا من الأعلى فإن الحشد شكل نفسه على شكل حرف زد"، مشددة على أن "هذا لم يكن في سانت بطرسبرغ ولا موسكو، بل في سورية التي صوتت في الأمم المتحدة ضد وقف الحرب، حيث يضع البعض حرف زد على سياراتهم ويرفعون صورا تتمنى النصر لروسيا". بالطبع، إشارة الصحيفة إلى تفاصيل السعادة ورفرفة أعلام روسيا وقعها ليس جيداً على الرأي العام الذي كان يعيش وجوما وصدمة من مشاهد القصف الروسي وملامسة الحرب يومياتهم.
ونوهت الصحيفة بأنه "للمفارقة سمي التدخل في سورية: عملية عسكرية، كما أطلقوا على غزو أوكرانيا، فأنقذوا الأسد من السقوط، والآن يجب رد الجميل لبوتين من خلال المرتزقة المؤيدين للأسد، وجرت بالفعل مشاهدة الناس يسجلون الأسماء للسفر، وهو ما لفتت إليه منظمات حقوقية تقدر عدد المسجلين بـ40 ألفاً، قبل أن تجرى غربلتهم إلى النصف، وتساهم مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية باختيار نصف الموافق عليهم للسفر إلى أوكرانيا".
أوضحت الصحيفة أن هؤلاء "إما جنود أو من مليشيات مرتزقة النظام ودربهم الروس". واعتبرت أن الارتزاق "تصعب مقاومته في بلد لا يكسب فيه الجندي السوري إلا نحو 20 دولاراً تقريباً، ومع ذلك، يقدر الخبراء أن بضعة مئات سينضمون كمرتزقة إلى أوكرانيا".
وقدمت "بيرلنغكسا" نموذجاً لطبيعة المليشيات المستعدة للقتال، حيث سلطت الضوء على "قائد مليشيا يدعم الأسد، اسمه نابل عبد الله، ظهر في شريط مصور يقف أمام نسخة مصغرة لكنيسة آيا صوفيا مولتها روسيا، متوعداً بأن رجاله لا يخشون الحرب قائلًا: هزمنا الإرهابيين في سورية وسوف نهزمهم في أوكرانيا". هذا إلى جانب شهادات أخرى عن رغبة البعض في القتال "إذا كان الراتب جيداً، ويجب أن نكون أينما كانت روسيا، فالغرب يلاحق روسيا منذ قدومها إلى سورية".
وشرحت الصحيفة الدنماركية في تقريرها ما سمته "حالة عبادة بوتين"، معتبرة أنه "لسنوات كان يمكن شراء أكواب وسلاسل مفاتيح تحمل صورة فلاديمير بوتين في بازار دمشق، فالقطاعات المؤيدة للأسد قامت منذ سنوات بتغيير اسمه، وقد أطلق جنرالات الأسد عليه لقب (أبو علي)، وفي بعض المدارس يقومون بتعليم اللغة الروسية".
وختمت "بيرلنغكسا" بالتأكيد على أنه "فعلياً يذهب المحللون المختصون بالشأن السوري إلى أن بشار الأسد مجرد رئيس على الورق فقط، فسورية يحكمها الكرملين عملياً".
ورغم ذلك، نقلت أن أنصار الأسد بدأوا يشعرون بالإحباط من الروس، "وأصبح من الواضح ببطء أن بوتين يسعى في النهاية إلى تحقيق مصالحه الخاصة ويعتبون على سماحه لإسرائيل بقصفهم". واستدعت ما كتب من سمته "رجل الأعمال المقرب تقليدياً من موسكو فارس الشهابي" الأسبوع الفائت باعتبار الحرب "ليست حربنا، ولا يجب أن يقاتل أي سوري فيها، روسيا حليفنا لكنها ليست في خطر، والحرب لا تحدث على الأراضي الروسية".