أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في طهران اليوم السبت، اتفاقهما على استئناف مفاوضات فيينا خلال الأيام المقبلة.
وأكد بوريل أنه "من المقرّر أن تُستأنف المفاوضات خلال الأيام المقبلة، وأن نكسر هذا الانسداد. لقد مرت ثلاثة أشهر وعلينا أن نسرع وتيرة العمل. أنا مسرور للغاية لاتخاذ إيران هذا القرار وهو قرار اتخذ في طهران وواشنطن"، موضحاً أن "زيارته إلى طهران لها هدف أساسي، وهو كسر الجمود وخفض التوترات المرتبطة بمفاوضات إحياء الاتفاق النووي، وتوفير فرصة جديدة لإعادة المباحثات إلى مسارها".
وأكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا "يهم العالم أجمع، لأننا منذ فبراير/شباط نعيش في عالم مختلف بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا"، مشيراً إلى أنه "في ظل هذه الظروف، فإن التوصل إلى اتفاق نووي يكتب أهمية كبيرة، وستكون له منافع اقتصادية كاملة لإيران".
وشدد بوريل على العودة إلى "التنفيذ الكامل للاتفاق النووي"، لافتاً إلى أنه سيزور إيران مرة أخرى، واصفاً لقاءه اليوم مع وزير الخارجية الإيراني بأنه كان "إيجابياً".
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني في المؤتمر، بعد اللقاء الذي جمعه ببوريل، إنهما بحثا ملفات متعددة في مباحثاتهما، من العلاقات الثنائية ومفاوضات فيينا النووية واستئنافها، إلى ملفات الطاقة، وسورية، واليمن، وأفغانستان، والممارسات الإسرائيلية.
وقال أمير عبداللهيان إن زيارة بوريل تأتي بطلب سابق منه خلال مباحثات هاتفية بينهما، لتقييم الوضع المرتبط بالمفاوضات عن كثب، مضيفاً أن زيارته جاءت لهدف إخراج المفاوضات من حالة الانسداد بعد توقفها، وعلى خلفية القرار الغربي الصادر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران قبل أسبوعين.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أنه أجرى "مباحثات تفصيلية وعميقة ودقيقة حول مطالب إيران" بالمفاوضات النووية، معلناً استعداد إيران لاستئناف هذه المفاوضات خلال الأيام المقبلة.
وشدد أمير عبداللهيان على أن "ما يهم إيران هو انتفاعها الاقتصادي الكامل من الاتفاق المبرم عام 2015"، قائلاً: "نسعى إلى التغلب على المشاكل والخلافات في مسار المفاوضات التي ستستأنف".
وأعرب وزير الخارجية الإيراني عن أمله في أن "يكون الطرف الأميركي واقعياً ومنصفاً هذه المرة، ويتخذ خطوات جادة لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات"، مؤكداً أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه التصرفات المخربة للكيان الصهيوني ضد برنامجها النووي".
وفي السياق أيضاً، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي قوله في اجتماع مع جوزيب بوريل، إن إيران ستواصل تطوير برنامجها النووي إلى أن يغير الغرب "سلوكه غير المشروع".
وقال شمخاني إن "إجراءات إيران الانتقامية في المجال النووي هي مجرد ردود قانونية تتسم بالعقلانية على الممارسات الأحادية الأميركية والتقاعس الأوروبي وسوف تستمر طالما لم تتغير ممارسات الغرب غير القانونية".
ولم يذكر شمخاني تفاصيل عن الممارسات التي يعنيها.
والخميس، انفرد "العربي الجديد" بالكشف عن زيارة مرتقبة لبوريل إلى طهران نقلاً عن مصادر إيرانية مطلعة، قالت إنه سيجري مباحثات مع الإيرانيين، اليوم السبت، لبحث تطورات الاتفاق النووي واستئناف مفاوضات فيينا المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فضلاً عن موضوع الطاقة.
كما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، الجمعة، إن زيارة بوريل تأتي في إطار "المشاورات الجارية بين إيران والاتحاد الأوروبي"، مضيفاً أن "مباحثات بوريل في طهران ستركز على العلاقات الثنائية ومواضيع إقليمية ودولية، وكذلك آخر أوضاع المفاوضات الرامية إلى رفع العقوبات" الأميركية.
مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي نفسه قال، الجمعة قبل تحركه صوب طهران، في تغريدة عبر "تويتر"، إنه سيزورها كمنسق للاتفاق النووي، مضيفاً أن "الدبلوماسية هي الطريق الوحيد للعودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي، ومسار معاكس للتوترات الراهنة".
I am travelling to Tehran, as coordinator of the #JCPOA, to meet my counterpart @Amirabdolahian and other relevant Iranian authorities.
— Josep Borrell Fontelles (@JosepBorrellF) June 24, 2022
Diplomacy is the only way to go back to full implementation of the deal and to reverse current tensions. https://t.co/5RrrKnMEAO
فرصة دبلوماسية
واستبقت الخارجية الفرنسية وصول بوريل إلى طهران بإصدار بيان دعت فيه إيران إلى "اغتنام هذه الفرصة الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق نهائي"، مؤكدة: "إننا مستعدون لأن نصل إلى نتيجة حول هذا الاتفاق".
والخميس، قبل يوم من زيارة طهران، أجرى مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ونائبه منسق مفاوضات فيينا، إنريكي مورا، مباحثات مع المبعوث الأميركي للشأن الإيراني روبرت مالي في بروكسل، ما أثار توقعات بشأن إمكانية أن يكون مالي قد حمّله رسالة أميركية لنقلها إلى الجانب الإيراني بشأن القضايا العالقة أمام التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي.
وفي السياق، لم تستبعد المصادر الإيرانية التي رفضت الكشف عن هويتها، في حديثها مع "العربي الجديد" الخميس، أن يحمل بوريل معه رسالة أميركية رداً على "المبادرات المهمة التي نقلت إلى أميركا عبر الوسطاء" خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن "الكرة في الملعب الأميركي، وإذا ما تعاملت الإدارة الأميركية بمنطق وأبدت جدية كافية لإحياء كامل للاتفاق النووي، فالاتفاق في فيينا سيحصل في أقرب وقت ممكن".
وعلى الضفة الأميركية، أعاد مالي، الجمعة، نشر تغريدة لنائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، تتضمن صورة للقاء ثلاثي مشترك مع مالي.
وشكر مالي في تغريدته بوريل ومورا على تعاونهما "الوثيق" مع الولايات المتحدة الأميركية، مضيفاً: "نحن نظل ملتزمين بطريق الدبلوماسية الهادفة بالتشاور مع شركائنا الأوروبيين".
Thank you @JosepBorrellF and @enriquemora_ for your continued close coordination with the United States. We remain committed to the path of meaningful diplomacy, in consultation with our European partners. https://t.co/FIgBBvqTMg
— Special Envoy for Iran Robert Malley (@USEnvoyIran) June 24, 2022
وتأتي زيارة بوريل إلى إيران بغية إحياء الاتفاق النووي، بعدما ساد تشاؤم كبير أخيراً حول مصير مفاوضات فيينا لتفعيل هذا الاتفاق، إذ تعثرت على خلفية التوترات الأخيرة بشأن الملف النووي الإيراني، بين إيران من جهة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة والترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، من جهة أخرى.
وكان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تبنّى بأغلبية في فيينا، قبل أسبوعين، قراراً ينتقد إيران رسمياً على عدم تعاونها مع الوكالة بشأن التحقيقات الجارية حول ثلاثة مواقع غير معلنة، ومشتبه بممارسة أنشطة نووية فيها.
وجاء القرار الغربي بعدما أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أخيراً، تقريرين منفصلين بشأن القضايا الخلافية بين الوكالة وإيران، واحتياطياتها من اليورانيوم المخصب. وفي التقرير الأول، ذكرت الوكالة أن إيران لم ترد بمصداقية على أسئلة الوكالة المطروحة عليها منذ مدة طويلة، بشأن مصادر آثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة.
وفي التقرير الثاني، أوردت الوكالة أن مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران قد تجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي، المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، بأكثر من 18 مرة.
واستبقت إيران إصدار القرار بالإعلان عن وقف عمل كاميرات، وخفض تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشآتها النووية. ثم أعلنت لاحقاً أنها بدأت بتركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم، مع التهديد باتخاذ المزيد من الإجراءات، واصفة القرار بأنه "سياسي"، ومتهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها تبني على "مزاعم صهيونية" في تقاريرها بشأن البرنامج النووي الإيراني.