بوتين يعلن عزمه على الترشّح لولاية رئاسية جديدة في 2024

09 ديسمبر 2023
إصلاحات 2020 الدستورية تتيح لبوتين البقاء في السلطة أقله حتى 2036 (أسوشييتد برس)
+ الخط -

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في مارس/آذار 2024، ما سيتيح له إحكام قبضته المستمر منذ عقود على السلطة، أقله لما بعد 2030.

يحكم بوتين البالغ 71 عاماً روسيا منذ مطلع الألفية الثالثة، وفاز في أربعة انتخابات رئاسية، وتولى فترة قصيرة رئاسة الحكومة في نظام باتت فيه المعارضة غير موجودة فعلاً.

وجاء الإعلان على هامش حفل في الكرملين لأفراد الجيش، بينهم بعض من شاركوا في الهجوم في أوكرانيا الذي أمر به بوتين في فبراير/شباط العام الماضي.

وقال بوتين في الحفل: "لن أخفي ذلك، كانت لدي أفكار مختلفة في أوقات مختلفة، لكن هذا وقت اتخاذ القرار"، مؤكداً: "سأترشح لمنصب رئيس الاتحاد الروسي".

وأبلغ بوتين قراره هذا إلى الضابط في الجيش الروسي اللفتنانت كولونيل أرتيوم جوغا، عقب مراسم تقليد أوسمة في الكرملين لعدد من أفراد الجيش.

وقال جوغا: "شكراً لأفعالكم ولقراراتكم، كسبنا الحرية"، مضيفاً: "نحن بحاجة إليكم. روسيا بحاجة إليكم".

ورأت المحللة السياسية تاتيانا ستانوفيا، أن الإعلان المفاجئ على ما يبدو لبوتين خلال فعالية مخصصة لقدامى المحاربين، كان غير عادي، لكنه مليء بالمعاني الرمزية".

وقالت إن "الأبطال (آباء دونباس) يريدون رؤية بوتين رئيساً مجدداً". ويقول محللون إن بوتين لن يواجه أي منافسين رئيسيين، ويُرجَّح أن يسعى للحصول على أكبر تفويض ممكن لطمس الخلاف الداخلي بشأن النزاع في أوكرانيا.

قرار غير مفاجئ

وبعد إصلاحات دستورية مثيرة للجدل في 2020، يمكن لبوتين البقاء في السلطة أقله حتى 2036.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الانتخابات السابقة شابتها مخالفات، وإن من المرجح أن يُمنع المراقبون المستقلون من متابعة الانتخابات المقبلة.

في نوفمبر/تشرين الثاني شدد بوتين القواعد الإعلامية المتعلقة بتغطية انتخابات 2024، ومُنع بعض وسائل الإعلام المستقلة من الوصول إلى مراكز اقتراع.

ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية على مدى ثلاثة أيام، من 15 إلى 17 مارس، في خطوة يقول منتقدو الكرملين إنها تجعل ضمان الشفافية أكثر صعوبة.

ولم يكن قرار بوتين بالترشح مفاجئاً للروس. فعندما سألت وكالة فرانس برس مواطنين في شوارع موسكو التي تغطيها الثلوج عن رأيهم، رفض معظمهم إعطاء وجهة نظرهم، ومن وافق على الإجابة كان متحفظاً.

زويا فيدينا، البالغة 68 عاماً، أخذت نفساً عميقاً قبل أن تقول: "حسناً، ربما هذا ليس الخيار الأسوأ".

وعادت مدرّسة الرياضيات المتقاعدة بالذاكرة إلى حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي القاسية في التسعينيات، مضيفة: "هذا ما أعتقده، فليكن بوتين".

وقال فياتشيسلاف بوريسوف، ضابط الجمارك البالغ 49 عاماً، إنه سيعطي صوته لبوتين. أضاف: "رغم أن العديد من مواطنينا يعارضون العملية العسكرية الخاصة (في أوكرانيا)، أعتقد أنها جرت بشكل صحيح".

وتابع: "إذا نظرت إلى التاريخ، باستطاعتك رؤية أن الغرب عمل ضدنا سنوات عدة".

محاكاة ساخرة

وسُمح لخمسة أحزاب رئيسية بتقديم مرشح لانتخابات 2024، وجميع تلك الأحزاب تدعم الكرملين والهجوم في أوكرانيا. ويقضي المنافس الأبرز لبوتين، أليكسي نافالني، حالياً حكماً بالسجن لمدة 19 عاماً بتهم يقول أنصاره إنها ملفقة.

وفي بيان صدر عن فريقه، الخميس، شجع نافالني الروس على التصويت "لأي مرشح آخر" غير بوتين، واصفاً الانتخابات بأنها "محاكاة سخيفة" لعملية انتخابية.

وسخر البيت الأبيض، الجمعة، من إعلان بوتين أنه سيترشح لإعادة انتخابه عام 2024، مشيراً إلى أن النتيجة لا يوجد شك فيها. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جون كيربي: "حسناً، يبدو أنها ستكون معركة ملحمية، أليس كذلك؟". وأضاف: "هذا كل ما لدي لأقوله في هذا الموضوع".

يشنّ الكرملين منذ هجومه الواسع على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، حملة قمع واسعة على المعارضة شبّهتها جماعات حقوق الإنسان بالحقبة السوفييتية. واعتُقل وسُجن آلاف الأشخاص على خلفية احتجاجات، وفرّ آلاف آخرون من البلاد خشية استدعائهم للخدمة العسكرية.

وجعل الهجوم الأوكراني من الرئيس الروسي منبوذاً بين الزعماء الغربيين، وفُرضت على بلاده عقوبات غير مسبوقة تهدف إلى الحد من قدرتها على تمويل النزاع. لكن فيما سبّبت العقوبات في البداية رحيل الشركات الغربية واضطرابات في الصناعة، أثبت الاقتصاد مرونته، وظلت معدلات التأييد الداخلي لبوتين مرتفعة.

وأعادت موسكو توجيه جزء كبير من صادراتها من الطاقة إلى زبائن آسيويين، بينهم الصين، ما سمح لها بمواصلة تمويل الهجوم الذي دخل الآن شهره الثاني والعشرين.

ويقول محللون إن بوتين شعر بتحسن حظوظه مع تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا وفشل الهجوم المضاد الذي تشنه كييف في اختراق الخطوط الروسية.

ترحيب روسي بقرار بوتين

رحب مسؤولون على الفور بإعلانه عزمه على الترشح. وقال رئيس مجلس الدوما، فياتشيسلاف فولودين إن "قراره اليوم يعكس حبّه لبلاده".

وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2018 التي شهدت فوز بوتين بغالبية ساحقة في كل المناطق، صوّر المسؤولون الاقتراع بأنه معركة محورية ضد القيم الغربية.

ويبدو أن الكرملين يستخدم الاستراتيجية نفسها هذه المرة، إذ اعتبر في قرار قضائي في نوفمبر "الحركة الدولية للمثليين" جزءاً من حرب ثقافية أوسع مع الغرب.

(فرانس برس)

المساهمون