استمع إلى الملخص
- **نجاحات الأحزاب الصغيرة**: حصل حزب الليبراليين الديمقراطيين على 71 مقعدًا، بينما حصل حزب الإصلاح اليميني على أربعة مقاعد. في أيرلندا الشمالية، حصل حزب الشين فين على سبعة مقاعد، وخسر الحزب الوطني الاسكتلندي 37 مقعدًا. حزب الخضر حصل على أربعة مقاعد.
- **تأثير المرشحين المستقلين**: فاز سبعة مرشحين مستقلين، من بينهم جيرمي كوربين. نجح مرشحون مستقلون مؤيدون للقضية الفلسطينية في هزيمة مرشحي حزب العمال في عدة مناطق، مما يعكس انزياح شرائح واسعة عن التصويت لحزب العمال بسبب موقف زعيمه من الإبادة الجماعية في غزة.
كما كان متوقعًا خلال الأسابيع الأخيرة، فاز حزب العمال بأغلبيّة كاسحة في انتخابات مجلس العموم البريطاني محققا نتيجة تاريخيّة للحزب أمام حزب المحافظين، الذي سينتقل إلى مقاعد المعارضة بعد 14 عامًا في السلطة. وجاءت النتائج النهائية متطابقة بشكل كبير مع نتائج استطلاع الرأي التقديري بالنسبة للحزبين الكبيرين، الذي يصدر عادة بعد إغلاق الصناديق، فيما جاءت مختلفة بالنسبة للأحزاب الأصغر، التي حققت نجاحات لافتة في النتيجة النهائيّة.
وحصل حزب العمال بقيادة كير ستارمر على نتيجة سيتذكرها البريطانيون طويلاً مع 412 مقعداً من 650، بازدياد 214 مقعداً إضافياً عمّا كان لديه قبل ستة أسابيع، ما يؤهله لتشكيل حكومة من دون الحاجة للتحالف مع أي حزب آخر، وهي نتيجة شبيهة بفوز عام 1997 بقيادة توني بلير في حينها. وكان من اللافت أن حزب العمال حصل على القوة الأولى في كل من إنكلترا وويلز واسكتلندا.
أمّا حزب المحافظين فخسر في هذه الانتخابات 251 مقعداً ليكون له 121 ممثلاً فقط داخل مجلس العموم، في نتيجة سيحتاج سنوات عديدة للتعافي منها بحسب العديد من المراقبين. وأعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته ريشي سوناك، في خطاب الوداع من أمام داونينغ ستريت، أنه يتحمّل المسؤولية، مقدمًا اعتذاره للحزب ومعلنًا أنه سيقدّم استقالته من الحزب في الوقت القريب قبل توجهه للقاء أخير مع الملك تشارلز في قصر بكنغهام. فيما خسر عدد من الوزراء السابقين مقاعدهم نواباً، من بينهم رئيسة الحكومة السابقة ليز تراس. وهي أكثر مرة يخسر فيها وزراء حاليون مقاعدهم النيابية في تاريخ بريطانيا (12 وزيراً يحملون حقائب و44 وزير دولة).
وكان من اللافت النتائج التي حققتها الأحزاب الصغيرة والمستقلون، إذ حصل حزب الليبراليين الديمقراطيين على المكان الثالث مع 71 مقعدا، بزيادة 63 مقعدا جديدا عن الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي سيعطيه تمثيلًا أوسع بكثير مما حملت توقعاته واستطلاعات الرأي.
أمّا حزب الإصلاح اليميني الشعبوي بقيادة نايجل فاراج فحصل فقط على أربعة مقاعد، بخلاف ما أعطته استطلاعات الرأي التي توقعت أكثر من ذلك. لكن اللافت في نتائج الحزب الذي يخوض الانتخابات لأول مرّة، نجاحه في الحصول على عدد أصوات كبير من حزب المحافظين، وحلوله في المرتبة الثانية في الكثير من المواقع الانتخابيّة بعد العمال، الأمر الذي سيثير القلق بالنسبة للمحافظين ويفتح صفحة جديدة لحزب الإصلاح ليكون جزءًا من الخريطة السياسيّة الفاعلة مستقبلًا. وبحسب نسبة الأصوات التي حصل عليها الإصلاح، فإنه حاز على ثقة 14 بالمائة من عدد الناخبين، وبهذه النتيجة، يقترب من نصف نسبة حزب العمال، إلا أن النظام الانتخابي البريطاني ليس نسبيًا، بل مناطقي.
المفاجأة الأخرى في هذه الانتخابات كانت بالنسبة للحزب الوطني الاسكتلندي الذي خسر 37 مقعدا ذهبت معظمها لـ"العمال" وحزب الليبراليين الديمقراطيين، ليصبح اليوم ممثلاً فقط بتسعة مقاعد، فيما اعتبرت النتيجة ضربة موجعة للحزب الذي يؤمن بالانفصال عن بريطانيا، والذي أعلن زعيمه حديث العهد جون سويني عن بداية إجراء مراجعات داخلية والاستماع إلى الناس.
لكن على الضفة الأخرى في أيرلندا الشمالية، حصل حزب الشين فين المطالب بتوحيد إيرلندا على سبعة مقاعد، بعدما لم يكن لديه أي تمثيل في مجلس العموم، وليفوز للمرة الأولى بغالبية مقاعد أيرلندا الشمالية (7 من 16). أمّا الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشماليّة الذي يؤيد البقاء ضمن المملكة المتحدة فحصل على خمسة مقاعد بعد أن خسر ثلاثة عن الدورة السابقة. كذلك، حصل حزب الحلفاء (يسار وسط) على مقعد واحد، وحزب أولستر الوحدوي على مقعد واحد.
أمّا الحزب الوطني الويلزي بلايد كاميري المحسوب على اليسار، فحصل على أربعة مقاعد بزيادة مقعدين إضافيين. فيما حقق حزب الخضر إنجازا مهما بالنسبة له بعد أن تمكن من الحصول على ثلاثة مقاعد إضافيّة ليصبح ممثلًا بأربعة مقاعد. وللمرة الأولى، لم يفز حزب المحافظين بأي مقعد في ويلز (32).
أمّا على صعيد المرشحين المستقلين، ففاز سبعة مرشحين أبرزهم جيرمي كوربين، الذي خاض هذه الانتخابات مستقلا لأول مرّة منذ أربعين سنة، ليتمكن من هزيمة مرشح حزب العمّال الذي كان ينتمي إليه وشغل منصب زعيمه عدداً من السنوات. ومن اللافت أن نسبة الدعم التي حصل عليها الزعيم السابق للعمال في منطقته الانتخابيّة إسلينغتون نورث في لندن أكثر من نسبة ما حصل عليها زعيم العمّال الحالي كير ستارمر في منطقته الانتخابيّة.
ونجح عدد من المرشحين المستقلين المحسوبين على تيار مناصرة القضيّة الفلسطينيّة في هزيمة مرشّحي حزب العمّال في أكثر من منطقة، أبرزها منطقة جنوب مدينة ليستر حيث فاز المرشح شوكت آدم على النائب من حزب العمّال الوزير في حكومة الظل جون أشورث. فيما صرّح آدم بأن هذا الفوز يهديه إلى غزّة.
كما هزم المرشح المستقل عدنان حسين ممثل حزب العمّال في بلاكبيرن. وفي نجاح آخر، حقق المرشح المناصر لغزة أيوب خان فوزا على ممثل العمّال لسنوات طويل في منطقة بيرري بار بيرمنغهام. فيما حصلت المرشحة الشابة الفلسطينيّة البريطانيّة ليان محمد على 32% من الأصوات في منطقتها الانتخابيّة لينقصها قرابة 500 صوت لتفوز على وزيرة الصحة في حكومة الظل للعمال. وعكست هذه النتائج وغيرها انزياح شرائح واسعة من الجاليات العربيّة والمسلمة واليساريّة من التصويت لحزب العمّال بسبب موقف زعيمه كير ستارمر من الإبادة الجماعيّة في قطاع غزة وقربه من إسرائيل. يذكر أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ هنأ ستارمر بالفوز قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء بشكل رسمي.
يحيط ستارمر نفسه بمجموعة من الشخصيات التي من المتوقع أن تلعب دوراً في الحكومة المقبلة
ويحيط ستارمر نفسه بمجموعة من الشخصيات التي من المتوقع أن تلعب دوراً في الحكومة المقبلة منها: راشيل ريفز مستشارة الظل، وتُعتبر واحدة من الأعضاء الأطول خدمة في حكومة الظل الحالية، ومن المتوقع أن تتولى وزارة الخزانة (المالية) مركزة على السياسة الاقتصادية والمسؤولية المالية. أما في وزارة الخارجية فيأتي ديفيد لامي الذي يشغل المنصب في حكومة الظل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ومن المحتمل أن يستمر في تشكيل سياسة "العمال" الخارجية. وفي وزارة الداخلية، تأتي إيفيت كوبر، وهي تُعد من الأعضاء المخضرمين في البرلمان ووزيرة سابقة، ومن المتوقع أن تقود قضايا الأمن الوطني والهجرة والشرطة. أما ويس ستريتينغ وزير الصحة في حكومة الظل، فمن المتوقع أن يقود المبادرات لدعم هيئة الخدمات الصحية الوطنية وتحسينها.
وشكر رئيس الحكومة الجديد كير ستارمر سلفه ريشي سوناك خلال خطابه أمام داونينغ ستريت بعد تكليفه من الملك. وقال إنه سيكرس وقته لخدمة البريطانيين، وسيحقق الوعود التي أطلقها حزبه خلال الحملة الانتخابيّة بتحقيق التغيير، وإن الوقت الآن هو وقت الأفعال وإن بريطانيا ستكون المكان الأفضل. وستكون الأنظار مسلطة الآن على أول 100 يوم في الحكم لحكومة العمّال، وهي عادة الفترة التي تعكس توجهات عمل الحكومة والأجندة التي تريد تحقيقها بناءً على الوعود التي أطلقها الحزب الفائز.