بعض أسباب تعثر لقاء بايدن والسيسي في غلاسكو

04 نوفمبر 2021
السيسي وجونسون خلال قمة غلاسكو (كريستوفر فارلونغ/ Getty)
+ الخط -

لم يحقق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو ـ اسكتلندا الهدف المرجو الأساسي، وهو عقد لقائه الأول مع الرئيس الأميركي جو بايدن، لأسباب مختلفة، منها ما أبلغته واشنطن رسمياً للقاهرة، ومنها ما فُهم ضمنياً من سياق مشاركة بايدن في قمتي الدول العشرين في روما ـ إيطاليا (يومي 30 و31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضيين)، ثم قمة المناخ مباشرة مطلع الشهر الحالي. وحول هذه المسألة، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد" أن السلطات الأميركية أبلغت الخارجية المصرية بأن مشاركة بايدن في قمة المناخ ستكون مختصرة وتقتصر على المشاركة في الجلسة الرئيسية، ولن تتوسع للقاء زعماء من أي دولة، عدا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بحجة ضيق الوقت وتعدد الطلبات المقدمة لعقد لقاء معه. مع العلم أن بايدن التقى بمن يريد من الزعماء بشكل عاجل خلال حضوره قمة العشرين، وبالتالي لم تكن لدى البيت الأبيض أولوية لتنسيق لقاءات له في غلاسكو.
ولا يزال البيت الأبيض يحاذر من الانخراط بشدة في لقاءات من هذا النوع مع السيسي، نظراً للانتقادات الحادة من داخل الحزب الديمقراطي، بسبب التعامل الهادئ والحذر مع النظام المصري الحاكم، تحديداً في ملف حقوق الإنسان، والإفراج عن الجزء الأكبر من المعونة الأميركية السنوية للقاهرة، والاكتفاء بتعليق 130 مليون دولار فقط من أصل 300 مليون دولار.


يحاذر البيت الأبيض عقد لقاءات مع السيسي

وإلى جانب ذلك، أُبلغت الخارجية المصرية بأن الشروط الأميركية الخاصة بتحرير هذا المبلغ، والتي يبدو أيضاً أنها مقترنة بدعوة السيسي لزيارة واشنطن أو عقد لقاء له مع بايدن في أي مكان آخر، قد تم إبلاغ وزير الخارجية سامح شكري بها. وتمّ أيضاً إبلاغ الوفد المصري الرسمي الذي زار الولايات المتحدة مطلع الشهر الماضي برئاسة رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب، وعضو المجلس، منسق مبادرة الوساطة المعروفة باسم "الحوار الدولي"، محمد أنور السادات.

وبحسب المصادر، فإن الأولوية الآن من بين هذه الشروط بعد إلغاء حالة الطوارئ، هي للإغلاق النهائي لقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني 173 لسنة 2011، والمضي قدماً بخطى أسرع في رفع القيود المفروضة على الحقوقيين المتهمين في هذه القضية مثل المنع من السفر وتجميد الأموال، وتخفيف الإجراءات العقابية ضد 16 مواطناً مصرياً يحملون الجنسية الأميركية، المعتقلين والممنوعين من السفر.

وذكرت المصادر أن واشنطن، وغيرها من العواصم، تتابع عن كثب إفرازات إلغاء حالة الطوارئ وتأثير ذلك على المعتقلين البارزين الحاليين، وعلى رأسهم علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر وباتريك جورج ومعتقلو خلية الأمل ورامي شعث، وأن تصرف محاكم النظام في هذه الحالات قبل نهاية العام الحالي سيحدد إلى حد كبير كيفية التعاطي مع المطالبات المصرية والمخططات التي يرسمها السيسي لتقديم نفسه من جديد للمجتمع الدولي.

وارتباطاً بهذه الصورة المستهدفة، ذكرت المصادر نفسها أن السيسي حرص خلال مشاركته في قمة المناخ الأخيرة على إبداء انطباعات ومواقف أكثر إيجابية ومرونة خلال مناقشاته القصيرة مع القادة الأوروبيين. كذلك تعمّد تخفيف الإجراءات الأمنية الخاصة به، إلى جانب مشهد نزوله للقاء المواطنين المصريين بالقرب من مقر المؤتمر، رغم محدودية عددهم، علماً أن الصور المنشورة أثارت انزعاج دوائر مقرّبة من السيسي، بسبب السخرية من ندرة المشاركين، وتكرار نفس الوجوه في كل الصور. لكن السيسي وضع هذه الخطوة في إطار محاولة تقديم نفسه بشكل جديد للمجتمع الدولي، استكمالاً لحلقات أخرى، مثل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وإعلان العام المقبل عاماً للتعاون مع المجتمع الأهلي.


أولوية واشنطن حالياً الإغلاق النهائي لقضية التمويل الأجنبي

وأوضحت المصادر أن كل هذه الإجراءات تُعتبر من الاستعدادات المبكرة لعقد قمة المناخ المقررة العام المقبل في مصر، والتي يريد السيسي تحويلها إلى أكبر مناسبة دولية تنظمها البلاد في تاريخها. وبدأ في هذا السياق، بالفعل دعوة الزعماء بصورة شخصية لحضور القمة، موجّهاً السفارات المصرية، خصوصاً في واشنطن، للبدء في مباشرة تلك الدعوات والعمل على رفع مستوى المشاركة والمطالبة بالمساعدات الفنية والمالية الممكنة للمساهمة في عقد القمة.

كذلك بدأت من الآن الاستعدادات اللوجستية والأمنية لضمان تقديم صورة مبهرة وتحت السيطرة تماماً للعالم في هذه المناسبة المرتقبة، بما في ذلك اختيار الأماكن التي ستقيم فيها بعثات المنظمات الدولية والأهلية المهتمة بمجال المناخ، ورسم مسارات حركة الوفود الرسمية وإقامتها.

يذكر أنه وعلى الرغم من الإلغاء الرسمي لحالة الطوارئ، إلا أن السلطات ماضية في تقنين القمع من خلال تشريعات تم تعديلها حديثاً، كقانون مكافحة الإرهاب وقانون تأمين وحماية المنشآت العامة، اللذين يضمنان توسع الجيش في السيطرة على المجال العام وحركة المواطنين، خصوصاً في سيناء، التي ستستضيف على الأرجح قمة المناخ في شرم الشيخ. بالتالي تستمر إجراءات الطوارئ بقرار من وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي في بعض مناطق سيناء مع تشديد عقوبة المخالفين، كما ستستمر إحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية بتهم فضفاضة، مثل الاعتداء على المنشآت العامة، وذلك في مخالفة للدستور الذي ينص على حق الأفراد في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، وخروجاً عن الحالات الاستثنائية المنصوص عنها في المادة 204 من الدستور بشأن اختصاصات القضاء العسكري.

المساهمون