بعد سجن نبيل القروي... ماذا يقول القانون التونسي عن رفع الحصانة البرلمانية؟

26 ديسمبر 2020
القروي متهم بتبييض الأموال (تييري موناس/ فرانس برس)
+ الخط -

طفا ملف محاسبة النواب المشتبه في تورطهم في قضايا عدلية ومالية إلى السطح، إثر توقيف رئيس حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، ليتجدد الجدل بقوة حول الحصانة البرلمانية والإفلات من العقاب، خصوصاً بعد إعلان القضاء إمكانية رفع الحصانة عن شقيقه النائب غازي القروي.

وأكد رئيس مكتب الإعلام والاتصال ونائب وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائيّة بتونس، محسن الدالي، في تصريح صحافي، أنّ غازي القروي متهم برفقة شقيقه في القضية نفسها المرتبطة بغسل الأموال. وأشار الدالي إلى إمكانية اللجوء إلى إجراءات طلب رفع الحصانة عن غازي القروي في حال رفضه التخلي عنها.

في المقابل، أفاد عضو هيئة الدفاع عن نبيل القروي، نزيه الصويعي، في تصريح لإذاعة "الديوان أف أم"، أنه لم يحصل إلى حد الآن توجيه أي استدعاء من قبل قاضي التحقيق للاستماع إلى غازي القروي.

وتعليقاً على ذلك، قالت أستاذة القانون الدستوري وخبيرة القانون البرلماني، منى كريم الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحصانة البرلمانية ليست مطلقة، ولها إجراءات محددة، مضيفة أن "دستور 2014 منح لنواب الشعب في البرلمان الحصانة باعتبارها شكلاً من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أداء وظائفه الدستورية كاملة، باعتباره مشرعاً اكتسب سلطته مباشرة من الشعب الذي انتخبه مباشرةً".

وتابعت قائلة: "الحصانة البرلمانية ليست مطلقة، ويستوجب تفعيلها تمسك عضو مجلس نواب الشعب بحصانته عبر طلب كتابي يحرره النائب عند توجيه تهم إليه أو عند إيقافه على ذمة تحقيق بما يترك أثراً كتابياً لدى التحقيق يحول دون استجوابه، ويجري تضمين طلب التمسك بالحصانة ضمن ملف توجهه النيابة العمومية ممثلة برئيسها، وزير العدل، الذي يطلب من البرلمان رفع الحصانة عن النائب المظنون فيه والمعني بالقضية لمباشرة التحقيق معه".

ويمكّن القانون، وفق الدريدي، "النيابة العمومية من توجيه التهم ودعوة النواب إلى التحقيق مباشرة دون العودة إلى البرلمان وطلب رفع الحصانة عنهم، ولا تطلب النيابة العمومية من البرلمان رفع الحصانة إلا في حالة تمسك النائب بحصانته كتابياً".

وكان النائب في الكتلة الديمقراطية والقيادي بحزب "التيار الديمقراطي"، نبيل حجي، قد تقدم بطلب رسمي إلى رئيس مجلس الشعب، راشد الغنوشي، للحصول على المعلومات حول قائمة النواب الذين طلبت النيابة العمومية رفع الحصانة عنهم.

ويلزم القانون والدستور بتمكين طالب النفاذ إلى المعلومة من المعطيات المطلوبة ما لم تكن متعارضة مع المعطيات الشخصية، وتفصل الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة في ذلك في حالة رفض رئيس البرلمان الكشف عن قائمة المعنيين برفع الحصانة.

وتزايد الجدل حول عدد النواب المتهمين في شبهات قضايا مالية وقضايا جزائية، لتتصاعد معها مطالبات المجتمع المدني ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لرفع الحصانة عنهم ومحاسبة المتورطين وإنهاء الإفلات من العقاب.

ومنذ سنتين تقريباً، أكّد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي سفيان السليطي في تصريحات صحافية، أن القطب القضائي المالي وجّه طلباً برفع الحصانة على عدد من النواب تتعلّق بهم شبهات فساد ولم يُستجَب لهذا الطلب.

وكانت النيابة العمومية في تونس قد استمعت وقتها إلى النائبة سامية عبو عن حزب "التيار" بخصوص تصريحات إعلامية تحدثت فيها عن شبهة فساد لبعض النواب في المجلس. وأكدت عبو وقتها وجود معطيات تشير إلى الاشتباه في تلقي عدد من النواب أموالاً لتسهيل تمرير قوانين تخدم رجال أعمال نافذين في تونس، على حد تعبيرها. 

ويتابع التونسيون عشرات القضايا التي يعلنها سياسيون ونواب ضد بعضهم في إطار صراعهم السياسي اليومي، فمنذ أسبوعين تقريباً تقدم نواب الكتلة الديمقراطية بشكوى ضد نواب من "ائتلاف الكرامة" إثر الاعتداء بالعنف الذي طاول نائباً عن حزب "التيار الديمقراطي"، لتدخل الكتلة في اعتصام مفتوح داخل البرلمان لليوم الثامن عشر، مطالبين رئيس البرلمان راشد الغنوشي برفع حمايته عن رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة"، سيف الدين مخلوف، ومساعديه والتسريع برفع الحصانة حتى يتمكن القضاء من التحقيق معهم.

إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم "قلب تونس"، الصادق جبنون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة بالحزام السياسي الداعم للحكومة تمحور حول عمل وبرنامج الحكومة ومزيد من دعم الائتلاف البرلماني لهشام المشيشي، مضيفاً أنه تم التطرق لبعض المسائل ذات العلاقة بالسياسات العامة خلال الفترة القادمة.

وأضاف جبنون أن الحديث عن تأثر الحزام السياسي الداعم للحكومة بالمتغيرات الأخيرة، خاصة إثر إيقاف رئيس حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، "غير صحيح، فالحزام متماسك والكتلة البرلمانية  كذلك، وستتم أيضاً في قلب تونس مواصلة الالتزامات تجاه الناخبين والبرنامج الذي تم التعهد به، وسيواصل قلب تونس عمله بجميع هياكله؛ من مكتب تنفيذي وهياكل قائمة، ويؤمل أن تسير الأمور نحو التوجه الإيجابي".

المساهمون