بزشكيان يتولى مهامه رسمياً رئيساً لإيران بعد تنصيبه من خامنئي

28 يوليو 2024
خلال مراسم تنصيب بزشكيان بحضور خامنئي وكبار المسؤولين، 28 يوليو 2024 (إرنا)
+ الخط -

بدأ الرئيس الإيراني الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان اليوم الأحد، مهامه رئيساً تاسعاً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد تصديق المرشد الأعلى علي خامنئي على فوزه بالرئاسة. وانطلقت صباح اليوم مراسم التنصيب بحضور المرشد، وكبار المسؤولين الإيرانيين السياسيين والعسكريين. وجاء في نص مرسوم "حكم رئاسة الجمهورية" الذي سلمه خامنئي لبزشكيان، أنه ينصّب بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية "بناءً على خيار الشعب".

وينص البند التاسع من المادة الـ100 للدستور الإيراني على أن من صلاحيات المرشد الإيراني "إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب". وعليه، فإن تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب ليس إجراءً شرفياً، حيث يتوقف تولي الرئاسة من قبل الرئيس المنتخب على تنصيبه من المرشد الذي إن رفض لا تُسلَّم الرئاسة له. ومنذ عام 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية، لم يسبق أن رفض المرشد الإيراني تنصيب رئيس فاز في الانتخابات الرئاسية.

وبشأن مغزى التنصيب، قال عباسعلي كدخدائي، العضو الحقوقي في مجلس صيانة الدستور الإيراني المشرف على الانتخابات، إن إمضاء المرشد يعني إعطاء الطابع الرسمي لعهد الرئيس المنتخب من الشارع. وأكد كدخدائي أن أول أثر حقوقي للتنصيب "بدء فترة الرئاسة للرئيس الجديد"، مشيراً إلى أن "شرعية عمل رئيس الجمهورية والتصديق على خيار الشعب يكونان عبر التنصيب".

بزشكيان يدعو إلى تحقيق الوحدة والانسجام في الداخل

وفي كلمته خلال حفل التنصيب، أشاد بزشكيان بمؤسس الثورة الإسلامية آية الله الخميني وقادتها، وخصّ بالذكر أيضاً الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق الذي اغتالته الولايات المتحدة الأميركية مطلع عام 2020 في بغداد، مؤكداً أنه سيعمل تنفيذاً للدستور وأطر وخطوط عريضة حددها المرشد الإيراني علي خامنئي. وفيما دعا إلى ضرورة تحقيق الوحدة والانسجام في الداخل، أكد أنه "من دون ذلك لن تزدهر البلاد ولن تحقق أهدافها". كذلك دعا بزشكيان إلى "تحويل إيران وفق وثيقة الرؤية المستقبلية 2025 إلى بلد قدير في مجال إنتاج العلم والتقنيات وبلد مستقر وآمن ومقتدر بمنظومة دفاعية تعتمد الردع الشامل"، مؤكداً ضرورة "التعامل البناء والمؤثر" مع العالم، متعهداً أنه سيعمل على تحقيق رضا الشارع.

وأكد أيضًا ضرورة إيصال إيران إلى المكانة التي تستحقها في المنطقة، وقال إن الوحدة تضمن "إيران قوية"، داعياً خامنئي إلى دعمه خلال فترة الرئاسة لتحقيق تطلعات الشارع.

خامنئي يقدم جملة توصيات إلى بزشكيان

وفي كلمته، هاجم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي خلال حفل التنصيب، العهد الملكي في إيران قبل الثورة، مشيداً بالعملية الانتخابية في بلاده، ومتحدثاً عن "السيادة الشعبية فيها"، واعتبر أنها "نتيجة ثورة ونهضة الشعب في مواجهة الصعوبات"، وقال إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة جرت بـ"أفضل شكل ممكن في أجواء تنافسية جيدة".

كذلك، أشاد خامنئي بكلمة بزشكيان خلال حفل التنصيب، قائلاً إنها كانت "متقنة وعميقة، ودليلاً على تعهده بمبادئ السيادة الدينية الشعبية"، مؤكداً أنّ "علينا جميعاً دعمه". وقدم المرشد الإيراني جملة توصيات إلى الرئيس الإيراني المنتخب في بداية عهده، بدءاً من اختيار وزراء على قدر من الكفاءة و"العمل الجهادي المكثف دون كلل وملل"، وضرورة التعامل والتعاون بين السلطات الإيرانية الثلاث، الرئاسة والبرلمان والسلطة القضائية، إلى الاهتمام بالقضايا الثقافية والاقتصاد. وأكد أن "الأولوية هي للاقتصاد ورفع قيمة العملة الوطنية وزيادة الإنتاج"، داعياً إلى تجنب الدخول في الجدل والسجال والقطبية السياسية في البلاد.

يشار إلى أن بزشكيان بعد تنصيبه رئيساً من قبل خامنئي سيؤدي الثلاثاء المقبل اليمين الدستورية في البرلمان الإيراني بحضور كبار المسؤولين الإيرانيين وقادة ومندوبين من عدة دول. واختار الإيرانيون في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية المبكرة، في الخامس من الشهر الجاري، المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيساً جديداً لبلادهم، خلفاً للرئيس المحافظ الراحل إبراهيم رئيسي الذي توفي قبل نحو عام من انتهاء ولايته الرئاسية في حادث تحطم مروحيته في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربيّ إيران.

وفاز بزشكيان في الجولة الثانية من الانتخابات بعد حصوله على 16 مليوناً و384 ألفاً و403 أصوات، أي نحو 54% من الأصوات التي بلغت 30 مليوناً و530 ألفاً و157 ناخباً شاركوا في الانتخابات من أصل 61 مليوناً وأكثر من 400 ألف ناخب. وشارك في الجولة الأولى نحو 40% من الناخبين، لتسجل بذلك أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، لكن النسبة ارتفعت في الجولة الثانية في ظل التنافس المحموم بين بزشكيان وخصمه المحافظ سعيد جليلي إلى نحو 50%.

وبفوز بزشكيان عاد الإصلاحيون إلى السلطة مرة أخرى بعد نحو عقدين من الزمن منذ نهاية ولاية الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي عام 2005، وعليه فإن عودة الإصلاحيين إلى الحكم لها دلالاتها وتأثيراتها داخلياً وخارجياً.

ويواجه بزشكيان في عهده جملة تحديات داخلية وخارجية كبيرة، أهمها أزمات ومشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، أثرت سلباً في الرصيد الشعبي للحكومة الإيرانية. وخلال حملته الانتخابية، انتقد بزشكيان الوضع الراهن في البلاد، داعياً إلى تغييره. وكان محور حملة بزشكيان الانتخابية رفع العقوبات الأميركية عبر الوصول إلى تسوية مع واشنطن، و"التعامل البنّاء" مع العالم والمنطقة، سبيلاً لحل المشكلات المعيشية للإيرانيين، الذين يئنّون تحت وطأة الأزمات الاقتصادية المرتبطة بالعقوبات التي تعد أحد أهم ملفات إيران الخارجية.

المساهمون