استمع إلى الملخص
- يواجه موقف بريطانيا ضغوطًا متزايدة، حيث تدعو بعض الشخصيات السياسية لفتح حوار حول العدالة التعويضية، مع توقعات بممارسة ضغوط من مجموعة الكاريكوم خلال القمة.
- بدأت بعض المؤسسات البريطانية معالجة إرث العبودية بمبادرات فردية، مثل تعهد كنيسة إنكلترا بجمع مليار جنيه إسترليني واعتذار صحيفة ذا غارديان عن دور مؤسسيها.
أعلنت بريطانيا، يوم الاثنين، أن قضية التعويضات عن العبودية والاستعمار لن تكون على جدول أعمال قمة رؤساء حكومات الكومنولث المقرر عقدها الأسبوع المقبل، مؤكدةً أنها لا تنوي دفع أي تعويضات.
وفي رده على تساؤلات الصحافيين، قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "التعويضات ليست على جدول أعمال القمة، كما أنّ موقف الحكومة لم يتغير؛ نحن لا ندفع تعويضات". وأضاف أنّ ستارمر سيشارك في القمة في ساموا لمناقشة القضايا المشتركة التي تواجه الكومنولث، بما في ذلك تعزيز النمو الاقتصادي.
وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع حادثة مقاطعة الملك تشارلز الثالث خلال خطابه في البرلمان الأسترالي من قبل السيناتور ليديا ثورب، وهي من السكان الأصليين، التي اتهمت التاج البريطاني بسرقة أراضيهم. وعلّق رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر في وقت لاحق على هذه الحادثة بالقول إن الملك تشارلز "يقوم بعمل رائع ليس فقط لدولتنا بل للكومنولث".
ومن المرجح أن يضع موقف ستارمر الرافض لمناقشة قضية التعويضات في مسار تصادمي مع بعض الدول خلال قمة دول الكومنولث المقبلة. فقد أعرب المرشحون الثلاثة لخلافة باتريشيا سكوتلاند كأمين عام لمنظمة الكومنولث عن دعمهم لتعويض الدول المتضررة من العبودية والاستعمار. وذكرت صحيفة ذا غارديان أن قرار حزب العمال البريطاني التمسك بموقف الحكومات المحافظة السابقة بأن التعويضات ليست قضية مطروحة للنقاش قد يثير استياء بعض دول الكومنولث، خاصة مع اقتراب القمة التي ستشهد اختيار أمين عام جديد خلفاً لسكوتلاند.
في المقابل، صرّح خمسة نواب من حزب العمال للصحيفة ذاتها بأنّ المملكة المتحدة يجب أن تكون مستعدة لفتح حوار حول العدالة التعويضية لمستعمراتها السابقة. ومن المتوقع أن تمارس مجموعة الكاريكوم، التي تضم 15 دولة من منطقة الكاريبي، ضغوطاً على ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي خلال القمة في ساموا بشأن هذه القضية.
وقالت عضوة البرلمان عن حزب العمال، بيل ريبيرو-آدي: "تتحمل المملكة المتحدة مسؤولية أخلاقية وقانونية لمعالجة الظلم الذي حدث في الماضي. إذا كانت التعويضات على جدول أعمال دول الكومنولث، فيجب أن تكون الحكومة البريطانية على استعداد لمناقشتها. رفضنا الحديث عن دورنا في الماضي يعكس مستوى الاحترام الذي نوليه لمن لا يزالون يعانون من آثار العبودية والاستعمار".
بدورها، قالت عضوة البرلمان عن حزب العمال لنوتنغهام الشرقية، ناديا ويتوم: "علينا أن نتحمل المسؤولية الكافية لمواجهة تاريخ أمتنا والإرث الذي لا يزال يؤثر حتى اليوم. يجب أن نبدأ بفتح حوار مع الدول التي استُخرجت ثرواتها، لبحث تأثير الاستعمار والعبودية على مجتمعاتها، وكيف يمكننا تصحيح أخطاء الماضي".
من جانبه، قال عضو البرلمان عن حزب العمال لنورويتش ساوث، كلايف لويس: "عشية اجتماع الكومنولث، من الممكن أن نتصور أن حكومة حزب العمال الجديدة ستسعى لبناء علاقات أفضل وأوثق مع تلك البلدان... ديفيد لامي، وهو ابن منطقة الكاريبي، تحديداً من غيانا، وسيكون هناك توقعات كبيرة بشأن دوره في هذا الاتجاه".
وفي سياق آخر، خلال مناظرة استضافتها مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية في لندن، اعتبرت وزيرة خارجية غانا شيرلي بوتشوي أن التعويضات المالية فكرة "جيدة"، مضيفة أن دور الكومنولث سيعتمد على توجيهات رؤساء الحكومات. وأيّد جوشوا سيتيبا، وزير التجارة السابق في ليسوتو، فكرة "العدالة التعويضية"، مشيراً إلى أن الكومنولث لديه تاريخ طويل في تسهيل مناقشات القضايا الصعبة. كما عبّر وزير خارجية غامبيا، مامادو تانجارا، عن تأييده الكامل للعدالة التعويضية، مؤكّداً أن الكومنولث يمكن أن يستخدم نفوذه لدفع الحوار وتحقيق هذه الأهداف.
وتواجه بريطانيا ضغوطاً متزايدة من الداخل والخارج لبحث هذه القضية. ففي العام الماضي، عقدت المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب للتعويضات الأفريقية مؤتمراً في لندن لوضع نهج مستقبلي لتعزيز قضية التعويضات.
في عام 2018، دعا وزير الخارجية الحالي في بريطانيا، ديفيد لامي، إلى دفع التعويضات لدول الكاريبي، وهو ابن مهاجرين من غيانا وكان مناصراً قوياً للعدالة لجيل "ويندراش" في المملكة المتحدة. أكد لامي في السابق أن "الحقائق الصعبة" حول العبودية يجب أن تُقال. وعندما طُلب التعليق الاثنين، أوضح، وزير العلوم والابتكار في حزب العمال، بيتر كايل، أن تصريحات لامي السابقة سُجلت قبل توليه دوره الحالي، وقال كايل لشبكة LBC: "هذه تحديات دبلوماسية بالغة التعقيد تواجهها بريطانيا نتيجة إرثها التاريخي. علينا التعامل معها بحساسية كبيرة".
من جانب آخر، بدأت بعض المؤسسات معالجة إرث العبودية بمبادرات فردية، فقد تعهدت كنيسة إنكلترا بجمع مليار جنيه إسترليني لمعالجة دورها في تجارة العبيد بأفريقيا. وفي العام الماضي، قدمت صحيفة ذا غارديان اعتذاراً علنياً عن الدور الذي لعبه مؤسسوها في العبودية عبر الأطلسي، وأعلنت عن برنامج للعدالة التصالحية بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني (ما يعادل 12,983,000 دولار أميركي).