بريطانيا… كيف بدت المناظرة الأولى بين ريشي سوناك وكير ستارمر؟

05 يونيو 2024
سوناك وستارمر أثناء المناظرة، سالفورد 4 يونيو 2024 (جوناثان هوردل/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في المناظرة البريطانية الأولى استعدادًا للانتخابات البرلمانية، تبادل زعيما حزب المحافظين، ريشي سوناك، وحزب العمّال، كير ستارمر، الانتقادات حول الهجرة، الضرائب، والخدمات الصحية، مع تركيز ستارمر على إخفاقات المحافظين واتهام سوناك لستارمر بالسعي للسلطة.
- استطلاعات الرأي بعد المناظرة أظهرت آراء متباينة لكن حزب العمّال يتقدم، وعودة نايجل فاراج كزعيم لحزب الإصلاح تضيف تحديًا للمحافظين، خاصة بخطابه حول الهجرة.
- الجدل حول تجنب النقد الحقيقي لموقف الزعيمين من غزة في المناظرة، ومحاولات كل من سوناك وستارمر لجذب الناخبين المترددين برسائل مختلفة، مع تأكيد ستارمر على خطة عملية لتغيير بريطانيا.

في أول مواجهة مباشرة بين زعيمي حزب المحافظين وحزب العمّال البريطانيين استعداداً للانتخابات البرلمانية المقررة في يوليو/تموز المقبل، تبادل ريشي سوناك وكير ستارمر الانتقادات والاتهامات في مناظرة مشحونة أمام الجمهور، في استوديوهات قناة "آي تي في" في سالفورد مساء أمس الثلاثاء، دارت رحاها حول قضايا الهجرة والضرائب والخدمات الصحيّة.

ويبدو أن المناظرة، التي كان يصرّ عليها زعيم المحافظين ورئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك ودعا نظيره كير ستارمر في بداية الحملة الانتخابيّة لإجرائها، جاءت لمصلحة ستارمر؛ إذ شهدت تصفيقاً له أكثر من مرّة بينما لاقى بعض تصريحات سوناك ضحكاً من قبل الجمهور في الاستوديو، لكن استطلاعات رأي لاحقة أظهرت نتائج مختلفة.

وسعى الزعيمان خلال المناظرة لرسم حدود فاصلة بين الحزبين؛ حيث ركّز زعيم العمّال على سجل المحافظين خلال 14 سنة من الحكم متهماً سوناك بالفشل في تحمّل المسؤوليّة الشخصيّة عن إخفاقاته، خصوصاً في قضايا ارتفاع تكلفة المعيشة في بريطانيا وقضية الأوقات الطويلة التي تحتاجها الخدمات الصحيّة. بالمقابل، بدا سوناك غاضبًا في أكثر من موقف، واتّهم ستارمر بأنه سياسي غير موثوق به وهدفه الوصول للسلطة فقط، قائلًا في أكثر من مرّة خلال المناظرة أن سياسات حزب العمّال سوف تؤدي إلى زيادة ضريبيّة قدرها 2000 جنيه إسترليني للعائلات، وهو هجوم يستخدمه المحافظون ضد العمّال بشكل متكرر في الحملة الانتخابيّة، ومما قاله سوناك: "حزب العمال سيرفع الضرائب. إنه في حمضهم النووي. عملك، سيارتك، معاشك، كل هذا سيفرض عليه حزب العمّال ضرائب".

بدوره، قال ستارمر إن دعوة رئيس الوزراء لانتخابات مبكّرة تثبت أن خططه حول الهجرة والاقتصاد لن يكون لديها تأثير، وأضاف: "تخيل كيف ستشعر إذا استيقظت في 5 يوليو على خمس سنوات أخرى من المحافظين. خمس سنوات أخرى من التراجع والانقسام. مشعلو الحرائق تُعاد إليهم أعواد الثقاب". أمّا قضية رفع ضريبة الدخل أو التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة فتعهد الزعيمان بعدم رفعها، فيما دافع ستارمر عن سياسته في فرض ضريبة القيمة المضافة على المدارس الخاصة، قائلاً إنها "خيار صعب" لكنه ضروري وحظي بتصفيق من الجمهور.

وفي قضية الهجرة، تعهد رئيس الوزراء الحالي بمواصلة خطته لترحيل اللاجئين إلى رواندا، وهي الخطّة التي صاغها المحافظون في قانون جدلي من الناحية القانونيّة قبل أشهر كونه يتناقض مع اتفاقية حماية اللاجئين وترفضه المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان، فيما قال ستارمر أنه "منفتح" على إرسالهم إلى دولة ثالثة وفقاً للقانون الدولي. وحاول سوناك تضخيم أعداد اللاجئين القادمين إلى بريطانيا بطريقة "غير شرعيّة" قائلاً خلال المناظرة إن "عشرة آلاف شخص عبروا على متن قوارب في العام الماضي" وكررها أكثر من مرّة، مع العلم أن هذا الرقم يشكل فقط 5% من إجمالي الهجرة في بريطانيا. ولم يبد أي منهما انفتاحاً على فكرة حصول المهاجرين على اللجوء داخل بريطانيا.

وبدا المقربون من سوناك في اليوم التالي للمناظرة مرتاحين لها بحسب ما نقلته صحيفة ذا غارديان، إذ يعتقدون أن سوناك أحرز نقاطاً رئيسيّة في قضايا الهجرة والضرائب. فيما أظهرت استطلاعات الرأي الفورية التي أجرتها مؤسسة YouGov أن 51% من الناس يعتقدون أن سوناك كان الأفضل أداءً بشكل عام في المناظرة المباشرة، بينما صوت 49% لمصلحة ستارمر.

ومع ذلك، ما زال حزب العمّال بقيادة ستارمر متقدماً بشكل كبير على المحافظين في جميع استطلاعات الرأي بفارق كبير وهو الأمر الذي يقلق المحافظين من تعرّضهم لهزيمة تاريخيّة، خصوصاً مع التحدي المستجد بعد عودة نايجل فاراج زعيماً لحزب الإصلاح اليميني الشعبوي يوم أمس الثلاثاء، وهو الحزب الذي ينافس بقوة على استقطاب شرائح من مصوّتي المحافظين ويطرح خطاباً أكثر يمينية في قضايا الهجرة واللجوء.

أمّا بخصوص الموقف مما يحصل في غزة من إبادة جماعيّة، فقامت مديرة قناة "آي تي في" جولي إيتشنغام، التي أدارت المناظرة، بإعفاء الزعيمين من مواجهة نقد حقيقي حول موقفهما المنحاز لإسرائيل، حيث أعادت صياغة سؤال حول "المشاهد المروّعة في غزة" ليصبح "حول الفظائع الإرهابيّة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر وما حدث بعد ذلك"، ولم يتم استخدام مصطلح العنف مع ما تعرّض له الفلسطينيون منذ أكتوبر الماضي فيما استخدمت هذه الكلمة لوصف ما تعرض له الإسرائيليون في السابع من أكتوبر. وكان المدح الوحيد الذي كاله سوناك لستارمر بسبب وقوف الأخير وراء المحافظين في الموقف من "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" ما لاقى تصفيقاً من الجمهور.

فيما تساءل الكاتب والصحافي البريطاني الذي أعلن استقالته من حزب العمال أخيراً، أوين جونز، في صحيفة ذا غارديان "هل يمكن لديمقراطيتنا حقاً ألا تستجوب حزبي الحكومة لدعمهما الهجوم الذي أدى إلى الأزمة الدولية؟" مضيفًا: "بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بقدسية الحياة البشرية، كان الجزء الخاص بغزة من المناظرة هو اللحظة الأكثر كآبة. العنف الإسرائيلي المدعوم من الغرب ضد عدد أكبر بكثير من المدنيين الفلسطينيين تم محوه، وجُردت حياتهم، كما كانت دائمًا، من المعنى".

وفي المداخلة الختاميّة للمناظرة، ناشد سوناك الناخبين المترددين بين حزب المحافظين والإصلاح في المملكة المتحدة قائلاً "إما أن أكون أنا رئيساً للوزراء أو كير ستارمر، والتصويت لأي شخص آخر يزيد من احتمالية أن يكون هو"، كما قال للناخبين: "أنتم لا تعرفون ما الذي ستحصلون عليه" إذا اختاروا حزب العمّال. أما ستارمر فختم قائلاً: "أنا لا أقدّم لكم الحِيل أو الوعود غير الممولة التي يقدمها ريشي سوناك. أنا لا أدّعي أن هناك عصا سحريّة ستصلح كل شيء بين عشية وضحاها. بدلاً من ذلك، أقدّم خطّة عمليّة منطقيّة لتغيير بريطانيا".

وأصدر حزب العمّال، صباح اليوم الأربعاء، بياناً دعا فيه سوناك للاعتذار بعد "الكذب 12 مرّة" خلال المناظرة حول الاتهامات بأن العمّال سيزيدون الضرائب بسبب خطة إصلاح نظام الخدمات الصحيّة، فيما قال موقع بي بي سي إن خبراء تدقيق الحقائق يقومون بفحص ادّعاءات سوناك هذه للتحقق من صحتها ولم تنشر النتائج بعد. فيما أظهر استطلاع رأي لمؤسسة "سافانتا" صباح اليوم أن ستارمر تفوق بالأداء على سوناك بواقع 44% لمصلحة ستارمر فيما حصل سوناك على 39% ولم يحدد 17% موقفهم.

المساهمون