برنامج لتعاون عسكري بين لبنان وفرنسا.. وبكركي محور لحراك سياسي

02 يناير 2023
من لقاء لوكورنو وسليم (المكتب الإعلامي لوزير الدفاع اللبناني/تويتر)
+ الخط -


أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو أن "لديه تكليفاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصياغة برنامج تعاون عسكري بين لبنان وفرنسا للمرحلة المقبلة، وكيفية تطويره، بما يزيد من قدرات الجيش اللبناني، خصوصاً في مجال رفع قدرة القوات البحرية اللبنانية"، وذلك وفق ما ذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزير الدفاع اللبناني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم.

وقال البيان إن وزير الدفاع الفرنسي ركز خلال لقائه نظيره اللبناني موريس سليم، اليوم الإثنين، على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، ولفت إلى الاهتمام الذي يوليه الرئيس ماكرون للوضع في لبنان، كما حمل رسالة دعم للقوات المسلحة اللبنانية. 

كذلك، تحدث الوزير الفرنسي عن أهمية التعاون لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، واستمرار الدعم الفرنسي للبنان وتطلّع بلاده لنهوضه.

وترتفع وتيرة الهجرة غير الشرعية في لبنان عبر البحر في ظلّ الانهيار المالي المستمرّ منذ عام 2019، وسجّل شهر سبتمبر/أيلول الماضي العدد الأكبر للضحايا، فبلغ 102 بعد غرق مركب قبالة جزيرة أرواد في طرطوس السورية، انطلق من لبنان باتجاه أوروبا وعلى متنه مهاجرون من جنسيات مختلفة، بينهم لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، وفق تقرير لـ"الدولية للمعلومات" (شركة دراسات وأبحاث علمية مستقلة).

اختتم عام 2022 أيضاً بتسجيل غرق مركب على متنه 232 شخصاً، يوم السبت، وتم انتشال جثتين خلال عملية الإنقاذ.

دعم عسكري فرنسي 

والتقى وزير الدفاع الفرنسي اليوم رئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الدفاع موريس سليم، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وذلك في إطار زيارته لبنان، التي بدأها أول من أمس السبت لمناسبة الأعياد من أجل "تفقّد الكتيبة الفرنسية العاملة ضمن قوات يونيفيل في الجنوب".

وشرح الوزير اللبناني لنظيره الفرنسي المهام الموكلة إلى الجيش على الحدود وفي الداخل، لافتاً إلى إنجازاته في مواجهة الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، كما تطرّق إلى أهمية انتخاب رئيس للجمهورية من أجل انتظام عمل المؤسسات الدستورية.

وقال مصدرٌ دبلوماسيٌّ فرنسيٌّ، لـ"العربي الجديد"، إن "لوكورنو حمل معه رسالة دعم فرنسية للبنان في المجالات كافة، على رأسها العسكرية، وأكد خلال لقاءاته أن الدعم المالي الدولي للنهوض الاقتصادي مساره أصبح معروفاً، يبدأ بإتمام الاستحقاقات الدستورية من رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وقيام المجلس النيابي بدوره التشريعي، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة".

وحول وضع الدعم الفرنسي للمؤسسة العسكرية في لبنان في إطار تأييد وصول قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، أشار المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن "دور الجيش اللبناني أساسي في هذه المرحلة الدقيقة للحفاظ على الاستقرار، من هنا يأتي دعم القوات المسلحة".

ولفت إلى أن "فرنسا لا تطرح أسماء رئاسية أو تضع فيتو على شخصيات معينة، بل تبدي استعدادها لتقديم أي مساعدة من شأنها أن تخرق الجمود، كما وتشجع على انتخاب رئيس يوحّد اللبنانيين ويؤسّس لعلاقات متينة مع الخارج، الذي سيكون لديه دور في نهضة لبنان".

"حزب الله": لا "فيتو" على عون ونقبل بالتوافق

على صعيدٍ آخر، تتواصل الحركة السياسية في لبنان تجاه بكركي، مقرّ البطريرك الماروني بشارة الراعي، قادها اليوم وفد من "حزب الله"، أكثر "المستهدفين" من عظات رأس الكنيسة المارونية التي صوّبت في الفترة الأخيرة على سلاحه رغم عدم تسميته مباشرة. 

وانتقد الراعي شروط "حزب الله" لانتخاب رئيس "لا يطعن المقاومة في ظهرها"، معتبراً أن "الشعب يريد رئيساً يحمي ظهر لبنان وصدره لا ظهر هذا أو ذاك، رئيساً لا يخونه مع قريب أو بعيدٍ ولا ينحاز إلى المحاور، ورئيساً يطمئنه هو ويحمي الشرعية لتضبط جميع قوى الأمر الواقع".

يتمسّك البطريرك الماروني بمبدأ الحياد الإيجابي الناشط أساساً للعلاقات اللبنانية مع الخارج، وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، كما يعبّر عن رفضه بدعة الاتفاق المسبق لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وهي عناوين تتباين مع مقاربة "حزب الله"، الذي أكد وفده أن اللقاء اليوم ركّز على الاستحقاق الرئاسي الذي يبقى أولوية، بينما الملفات الأخرى، يمكن تأجيل البحث بها.

واستقبل الراعي اليوم رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" إبراهيم أمين السيد على رأس وفدٍ أكد أن الصفحة دائماً مفتوحة مع البطريرك الماروني، كما لا تباين معه، إنما تبادل لوجهات النظر انطلاقاً من الحرص على انتخاب رئيس يحصل على الحدّ المعقول من الوفاق لأجل النهوض بالبلد.

وقال السيد بعد اللقاء: "بادرنا بسرعة إلى التجاوب مع دعوة رئيس البرلمان نبيه بري إلى الحوار لأنه الطريق الصحيح، وقد يكون الوحيد أمامنا، للوصول إلى انتخاب رئيس يستطيع أن ينهض وينهض معه الجميع، لأن البلد يحتاج إلى أن تتكاتف كل الجهود"، ولفت إلى عدم وجود فيتو على قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، واستعداد الحزب لقبول نتيجة طريق التوافق.

يفضّل "حزب الله" حتى الآن عدم إعلان ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية رسمياً للرئاسة، خصوصاً في ظلّ رفض رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل دعمه، وأشار السيد أن رأي الحزب رئاسيا سيكون في خضم الحوار الجدي، مستدركاً أن باسيل ليس تحت مظلة "حزب الله" ولم يكن هناك يوماً مظلات، فـ"التيار" حزب سياسي كبير، وله حيثيته، ومن حقه أن يكون لديه رأيه، ونحن سعيدون بما أنجز من تفاهم معه.

مبادرة بكركي لإنهاء الشغور الرئاسي

وأعادت الحركة السياسية المكثفة باتجاه بكركي، من جميع الأطياف والتلاوين السياسية، الحديث عن مبادرة رئاسية قد يحملها البطريرك الماروني لخرق جدار التعطيل، بيد أن مصدراً مقرّباً من الراعي فضّل الاكتفاء بالتعليق على هذا الموضوع بالإشارة، لـ"العربي الجديد"، إلى "جهوزية بكركي للعب أي دور من شأنه أن يقرّب المسافات بين القادة السياسيين، وهي على تواصل مستمرّ مع رئيس البرلمان نبيه بري لضرورة التحرّك سريعاً ووضع حدٍّ للشغور الرئاسي". 

وقال المصدر إن "الراعي يؤيد الحوار بين الجميع وليس فقط بين طائفة واحدة، فالاستحقاق وطني، وهو لا يحمل لائحة بأسماء رئاسية أو يدعم مرشحاً على آخر، بل يتوقف عند مواصفات تتطلبها المرحلة الراهنة، اقتصادياً وسياسياً، وخارجياً، كما ألا يكون الرئيس الجديد مستفزّ لأي طرف"، لافتاً إلى أن "اللقاء مع وفد حزب الله كان إيجابياً، ومن المفيد استمزاج جميع الآراء حول الاستحقاق الرئاسي".

تجدر الإشارة إلى أن عطلة الأعياد في لبنان، التي شملت جلسات انتخاب الرئيس، تنتهي اليوم، لتتجه الأنظار إلى الموعد الجديد الذي سيدعو فيه الرئيس بري المجلس النيابي لعقد جلسة تحمل الرقم 11، التي يتوقع أن تنتهي إلى التعثر نفسه في ظل غياب التوافق، علماً أن باسيل يتجه قريباً لإعلان مرشحه الرئاسي، في خطوة جديدة تتعارض مع مسار حليفه "حزب الله".