دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، يوم السبت، إلى عدم "التكهّن" بنوايا روسيا حيال أوكرانيا، وذلك بعيد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه مقتنع بأنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتّخذ القرار بغزو الجمهورية السوفييتية السابقة.
وقالت بيربوك، في تصريحات على هامش مؤتمر ميونخ للأمن: "لا نعلم بعد إن اتُّخذ قرار بشن هجوم، لكنّ التهديد لأوكرانيا حقيقي".
كما خالف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يحضر المؤتمر أيضاً، توقعات واشنطن التحذيرية.
وقال زيلينسكي أمام كبار المسؤولين وخبراء الأمن من جميع أنحاء العالم: "لا نعتقد أنّ علينا أن نفزع".
وكان الرئيس الأميركي قد قال، الجمعة، إنّه "مقتنع" بأن بوتين "اتخذ القرار" بمهاجمة أوكرانيا، ما أدى إلى تصاعد المخاوف من اندلاع نزاع كبير في أوروبا.
وأدلت بيربوك بتصريحاتها بعد استضافتها اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة السبع على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، الذي هيمنت عليه الأزمة الأوكرانية.
وقالت بيربوك، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للمجموعة، إنّ الدول أكّدت مجدّداً أنّها "متّحدة" في دعمها كييف، وأنّها مصمّمة على الردّ على أيّ انتهاك لسيادتها.
وقالت في مناشدة لبوتين: "اسحب قواتك وتجنّب إلحاق الضرر بروسيا وأوكرانيا ودعنا نتحدّث".
لكن شابت تلك الرسالة شكوك بسبب قول رئيسة الدبلوماسية الألمانية إنها لا تشاطر واشنطن تحذيراتها المتكرّرة من أنّ موسكو ستغزو أوكرانيا في أيّ لحظة.
وقالت للصحافيين بعدما ضغطوا عليها مراراً للإجابة بشأن ما إذا كانت برلين تشاطر بايدن تقييمه للوضع، إنّه "في الأزمات، أسوأ ما يمكن القيام به هو التكهّن أو افتراض" قرارات الطرف الآخر.
وأضافت "ندائي العاجل للجميع هو أن ننظر عن كثب إلى الحقائق على الأرض"، محذّرة من مخاطر "التضليل المستهدف".
بدوره، قال زيلينسكي إنّه "من الصعب بالنسبة لي الحكم" على المعلومات الاستخباراتية الأميركية التي دفعتها إلى إطلاق هذه التحذيرات، مضيفاً "أثق بالاستخبارات الأوكرانية التي تفهم ما يجري على طول حدودنا".
كما تطرّق زيلينسكي إلى الخسائر والعواقب التي يلحقها التهديد المستمر بالحرب على بلاده، سواء على نفسية الأوكرانيين أو على الاقتصاد، وقال "نحن بحاجة للحفاظ على ثباتنا. نحن بحاجة إلى التزام الهدوء وأن نتصرف برشد".
سجال "نورد ستريم 2"
وبدا الحلفاء الغربيون وأعضاء حلف شمال الأطلسي حازمين في دعمهم لأوكرانيا طوال الأزمة، محذّرين الكرملين من عواقب وخيمة في حالة حدوث أي تصعيد.
وجددت بيربوك في ميونخ تأكيدها على أنّ موسكو ستواجه عقوبات "غير مسبوقة"، ستنتج عن بعضها صعوبات اقتصادية للدول التي ستفرضها.
وقالت إنّ ذلك يشمل احتمال وقف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بين روسيا وألمانيا، الذي لم يدخل الخدمة بعد، وهي قضية أدت في السابق إلى إحداث شرخ في العلاقات عبر ضفتي الأطلسي.
وأثار المشروع، الذي دعمته المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، غضب الولايات المتحدة وشركاء ألمانيا الأوروبيين الذين يعتقدون أن بوتين سيستخدمه كسلاح جيوسياسي.
وأثار تردّد برلين في البداية في وضع "نورد ستريم 2" على قائمة العقوبات المحتملة انزعاج الحلفاء، لا سيّما واشنطن، وخلق شكوكاً بشأن حزم الألمان في الأزمة.
وزار المستشار الجديد أولاف شولتز واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر لطمأنة بايدن بأنه يمكنه الاعتماد على ألمانيا، مشدّداً على أن مشروع خط الأنابيب سيتوقف إذا غزا الروس أوكرانيا.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "زود دويتشه" الألمانية، أشاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالعلاقة التي استعادت حيويتها مع الحلفاء الأوروبيين وبـ"التعاون الوثيق بدرجة كبيرة" مع ألمانيا.
وشدّد الوزير الأميركي على هامش مشاركته في مؤتمر ميونخ، على أنّ الردّ المشترك على أيّ عدوان روسي سيكون سريعاً وحازماً.
وقال "لم أشهد مستوى من التنسيق كهذا من قبل".
(فرانس برس)