حذر نواب في البرلمان العراقي، اليوم الثلاثاء، من تنامي ظاهرة تجارة السلاح غير المرخص في البلاد، الذي شمل أخيراً أسلحة متوسطة وقذائف صاروخية استخدمت في اشتباكات عشائرية ونزاعات اجتماعية في مدن جنوب البلاد ووسطها، وسببت نحو 30 قتيلاً وأكثر من 80 جريحاً منذ مطلع العام الحالي.
وشهدت السنوات الأخيرة التي أعقبت اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي، مساحات واسعة من مدن شمال البلاد وغربها، تفاقماً كبيراً في ظاهرة بيع السلاح. ويقول مسؤولون أمنيون في بغداد، إن مليشيات مسلحة متورطة بشكل رئيس في تجارة السلاح خاصة الذي استولي عليه من مخابئ "داعش"، إذ يُباع بأسعار مخفضة للعشائر ولجهات مختلفة في مدن جنوب البلاد ووسطها.
والثلاثاء، قال عضو البرلمان العراقي، حسين العقابي، إن "اتساع ظاهرة بيع وشراء السلاح في العراق باتت تهدد السلم والأمن الوطني في البلاد عموماً"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن السلاح بات يباع ويشترى بالشوارع، وأصبحت هناك ترسانة أسلحة كاملة بالشارع لدى المواطنين من السلاح الخفيف والمتوسط، وحان الوقت لوضع حد لذلك".
وأكد العقابي وجود ما وصفه بـ"انفلات كبير في ظل انتشار سماسرة السلاح في مختلف مناطق العراق، داعياً إلى اتخاذ إجراءات مناسبة، وفرض عقوبات رادعة على متداولي السلاح ومستخدميه".
وسبق لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إطلاق عدة حملات في مدن عدة جنوبي البلاد، أبرزها البصرة وميسان والعمارة وذي قار، أسماها "حصر السلاح بيد الدولة"، لكن لم تنجح أي من تلك الحملات في الحد من ظاهرة السلاح المنتشر أو حتى الحد من المواجهات المسلحة التي تتكرر أسبوعياً بين العشائر المختلفة ولأسباب كثيرة ذات طابع اجتماعي بالعادة.
وفي هذا السياق، ردّ مسؤول أمني في وزارة الداخلية العراقية على التحذيرات التي أطلقها نواب عراقيون، بأن تجارة السلاح تتورط بها فصائل مسلحة معروفة وتجني منها أرباحاً كثيرة.
وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه منذ عام 2015،كان يُفترض أن تسلّم تلك الفصائل مخازن السلاح وتركة "داعش" التي خلفها وراءه للقوات العراقية للتعامل معها، وفقاً للقانون، لكنها بدلاً من ذلك صارت تبيع به وتنقله إلى مدن جنوبية عدة، فضلاً عن بغداد".
واستدرك بالقول: "ليس كل تلك الفصائل، بل عدد منها، وهي ما تعرف بالولائية اليوم تتورط بتجارة السلاح وتمارسه تحت غطاء الدولة، إذ تنقل السلاح من مكان إلى آخر بهويات وسيارات الحشد. ولهذا، المهمة أمام الحكومة والأجهزة الأمنية صعبة للغاية لضرب أسواق تجارة السلاح".
بدوره، قال النائب في البرلمان، علي مانع، إن "تجارة السلاح بهذا الشكل الكبير تؤكد ضعف الدولة". ووفقاً للنائب مانع في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن "جزءاً من السلاح الذي يُتاجَر به، يُهرَّب من دول إقليمية، وإيران لها الحصة الأكبر في ذلك".
وأشار إلى أن الظروف الحالية التي تمرّ بها البلاد وفّرت الفرصة لبعض الأشخاص ليتحولوا إلى تجار سلاح، لأن هذه الظاهرة أصبحت تدرّ الأموال بسهولة، وبعض الجهات تدعم تجارة السلاح، بمن في ذلك سياسيون"، على حد قوله.
إلى ذلك، تحدث عضو مجلس محافظة البصرة الأسبق، محمد الفتلاوي، لـ "العربي الجديد" عن أن "السلاح يباع ويشترى أمام مرأى الجميع ومسمعهم"، مؤكداً أن السلطات المحلية عاجزة عن وقف تجارة السلاح، لكون الكمية الأكبر من السلاح يجري تداولها إما من طريق الفصائل المسلحة، أو أشخاص ينتمون إلى عشائر لها ثقل في المحافظة"، واصفاً المشكلة بأنها "تنزع أمن المدن واستقرارها بالكامل".
وتُعَدّ مدن وسط وجنوب العراق الأكثر اتجاراً بالسلاح، وعادة ما تكون عبر وسطاء، أو من خلال مجموعات تُنشأ على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتفاوت عمليات بيع الأسلحة من مسدسات قيمتها 700 دولار، وصولاً إلى مدافع هاون وقذائف محمولة على الكتف وصواريخ كاتيوشا وأسلحة قنص ورشاشات ثقيلة، غالبيتها روسية وصينية الصنع".