23 نوفمبر 2020
+ الخط -

يعتزم الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الإعلان غداً الثلاثاء عن الأسماء التي ستشغل بعض المناصب الرئيسية بإدارته، وبالتحديد حقائب السياسة الخارجية.
وحسب الترجيحات التي سربتها مصادر قريبة من الحزب الديمقراطي بولاية دالاور، رسا خياره على توني بلينكن كوزير للخارجية وجاك سوليفان كمستشار لشؤون الأمن القومي وليندا توماس غرينفيلد لتكون سفيرة في الأمم المتحدة وهو منصب بمنزلة وزير. 
الأول كان نائباً لوزير الخارجية السابق جون كيرى. أما الثاني فسبق وعمل في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض. والسفيرة شغلت مواقع دبلوماسية عالية في وزارة الخارجية. وكلهم عملوا في إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.

ويضاف إليهم رون كلاين الذي اختاره بايدن الأسبوع الماضي كمدير عام للبيت الأبيض (كبير الموظفين)، علماً أنه سبق وشغل الموقع نفسه مع بايدن يوم كان نائباً للرئيس أوباما. كلهم من زمن أوباما وينتمون، خاصة بلينكن، إلى مدرسة السياسة الخارجية الموروثة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية والتي تعول على التحالفات والاتفاقيات الدولية في مجالات السياسة الخارجية والتجارة والتحديات الدولية مثل الاحتباس الحراري وغيرها. 
ويبدو أن بايدن أراد من افتتاح تشكيل إدارته باختيار طاقمه الخارجي هذا، إرسال إشارة مبكرة إلى من يهمه الأمر بأن ملف السياسة الخارجية يحتل الأولوية لديه بالرغم من أكوام المشكلات الداخلية العاتية التي تنتظره وأنه يعتزم الانقلاب على توجهات الرئيس الخاسر في الانتخابات، دونالد ترامب في هذا الحقل. 
كما بدا أنه أراد من خياراته هذه التوكيد على أن عودته إلى تجربته السابقة لا تعني الاستعانة فقط بوجوه من إدارة أوباما، بل أيضاً الرجوع إلى الخطوط الرئيسية لسياستها الخارجية ولو مع التعديلات التي توجبها المستجدات. فليس من غير مغزى أن يغرف بايدن من مخزون زمن أوباما أول أربعة تعيينات هامة في إدارته. فالخبرة لوحدها لا يبدو أنها كانت المقياس، بقدر ما كان التوجه والرمزية. ثمة أسماء أخرى كانت متداولة لا تقل خبرة، خصوصاً لحقيبة الخارجية، مثل وليام بيرنز والسيناتور الديمقراطي كريس كوون، لكن القرار استقر، إذا صحت المعلومات، على بلينكن الذي يعتبر إلى حدّ بعيد صورة عن جون كيري.
وبذلك بدأت ترتسم ملامح إدارة بايدن المشغول بمتاعب أزمة الانتخابات أكثر من انشغاله بتركيب إدارته. صحيح أن رئاسته صارت بحكم المسلّم بها على نطاق واسع بدأ يشمل قيادات من الجمهوريين الذين ما عاد قسم كبير منهم يخفي تأففه وضيقه من مماطلة البيت الأبيض في التنازل والاعتراف بفوز بايدن. السناتور الجمهوري باتريك تومي خرج أمس الأحد عن صمته لينضم إلى معترضين جمهوريين آخرين على موقف الرئيس معرباً عن تهانيه للرئيس المنتخب. 
كذلك فعل حاكم ولاية نيوجرسي السابق كريس كريستي الذي دعا إلى وقف مهزلة الطعون القانونية "المخجلة". لكن ترامب لم يتزحزح قيد أنملة حتى الآن عن رفضه. وثمة خشية بأن يكون قد انتقل الآن إلى لعب ورقة حرق الوقت لغاية 14 ديسمبر/ كانون الأول، بحيث إذا جرى تأجيل تصديق بعض الولايات على نتيجة التصويت وبالتالي عدم تسليم نتائج كافة الولايات إلى المجمع الانتخابي في هذا التاريخ المحدد بالدستور، فعندئذ تنشأ عقدة دستورية غير مسبوقة. 

مسار تعامل البيت الأبيض مع النتائج يؤشر في هذا الاتجاه، حيث تدرّج من تهمة "التزوير" إلى طلب وقف فرز الأصوات، ثم رفع الشكاوى التي وصل عددها حوالي 36، في عدة ولايات للطعن في فوز بايدن. تلت ذلك محاولة دفع كونغرس هذه الولايات حيث تسيطر عليه غالبية جمهورية، للتدخل وحسم الخلاف بشطب نتيجة الانتخاب وتعيين حصة الولاية في المجمع حسب مشيئته الحزبية.

وبعد فشل كل هذه المحاولات طالب فريق الرئيس بتأجيل التصديق على التصويت لمدة 14 يوماً. ومن المقرر أن يجري اليوم هذا التصديق في ولايتي ميشيغين وبنسلفانيا. في الأولى، العملية قد لا تمر إذا رفض الجانب الجمهوري (2) في هيئة التصديق المؤلفة من 4 أعضاء. وفي ذلك بداية مشكلة يخشى البعض أن تتمدد إلى ولايات أخرى بحيث يصبح موعد 14 ديسمبر/كانون الأول مهدداً لو تفاعل المأزق. ولا يخفي الجانب الديمقراطي قلقه ولو أن الاعتقاد السائد بأن المسألة لن يسمح لها بالوصول إلى هذه المحطة. ولكن لا ضمان في هذا الزمان.

المساهمون