بايدن يخطط لـ2024: رغبة في ولاية ثانية

22 نوفمبر 2021
تثار الكثير من الأسئلة حول وضع بايدن الصحي (نيك أنتايا/Getty)
+ الخط -

ارتفع الحديث في واشنطن، خلال الأسبوع الماضي، حول نوايا الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن بشأن انتخابات الرئاسة لعام 2024، بعدما كشف أكثر من موقع إعلامي محلي، عن إطلاع بايدن المقربين منه على عزمه إعادة الترشح. وعلى الرغم من أن صحيفة "واشنطن بوست" اعتبرت، أمس الأحد، أن أي رئيس أميركي لا يستطيع القول في العام الأول لولايته بأنه لن يسعى إلى ولاية ثانية، ما سيجعله رئيساً ضعيفاً، إلا أن مسألة إعادة ترشح بايدن، البالغ من العمر 79 عاماً، بعدما دارت الكثير من الأسئلة حول وضعه الصحي لدى ترشحه العام الماضي في وجه دونالد ترامب، تحتمل أكثر من نقاش، لا سيما أن انطلاقة عهده لم تحصل بالزخم المتوقع لها، سواء على الصعيد الداخلي، أو الخارجي، ما جعل مستوى التأييد الأميركي الشعبي له سريع الهبوط. وبرز اسم نائبة بايدن، كامالا هاريس، في كل التقارير الجديدة التي تحدثت عن نوايا الرئيس بالنسبة إلى عام 2024، لكنها بحسب مطلعين لم تعد الخيار الأنسب لخلافته. في موازاة ذلك، أظهر استطلاع أخير للرأي أجرته مؤسسة "ريدفيلد وويلتون للاستراتيجيات"، تقدّم ترامب على بايدن وهاريس في نوايا التصويت بعد ثلاثة أعوام. وقال 44 في المائة من المستطلعة آراؤهم إنهم سيصوتون لترامب، الذي كان ألمح إلى أنه سيكون مرشحاً للرئاسة في 2024، ولا يزال يملك سطوة كبيرة على الحزب الجمهوري، فيما حظي بايدن بدعم 39 في المائة. أما إذا كانت المنافسة بين ترامب وهاريس، فإن الأول قد حصل في الاستطلاع على 45 في المائة، فيما حصلت نائبة الرئيس على 36 في المائة.

تدنت شعبية بايدن أخيراً إلى ما دون 45 في المائة

وتنشغل ماكينة التبرعات للحزب الديمقراطي حالياً، في الانتخابات النصفية للكونغرس في خريف العام المقبل، على أن يعلن بايدن رسمياً عن نواياه النهائية بالنسبة إلى إعادة الترشح، بعد ذلك، بحسب "واشنطن بوست". وأكدت الصحيفة أن الفحوصات الطبية الأخيرة التي أجراها الرئيس أفادت بأن صحته جيّدة. إلا أن "بديهية" إعادة ترشحه، ليست بالمستوى الذي كانت عليه مع الرئيسين السابقين، باراك أوباما وترامب. ويأتي ذلك في وقت يتعزز القلق لدى الديمقراطيين، من تقدم الجمهوريين عليهم، في ظلّ علامة إنذار مبكرة مع فوز الحزب المحافظ بانتخابات حاكمية فيرجينيا، وتراجع شعبية بايدن، مع نسبة تضخم عالية تعاني منها البلاد، وتسجيل أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أكبر زيادة سنوية لها منذ 31 عاماً، مدفوعة خصوصاً بارتفاع أسعار النفط. وتعد هذه النقطة أساسية بالنسبة إلى توجهات الناخبين الأميركيين.

وتساهم عوامل أخرى كثيرة في تدنّي شعبية بايدن، التي وصلت، بحسب استطلاع "سي أن أن"، إلى 44 في المائة، كمعدل وسطي لآخر 5 استطلاعات لها، فيما وصل التأييد له في ما خص تأمين الوظائف إلى 36 في المائة (استطلاع لجامعة كوينيبياك)، وإلى 41 في المائة بحسب "ريل كلير بوليتيكس". من هذه العوامل، عدم تحقق بعض تعهدات بايدن، لا سيما في ما يتعلق بتحدي فيروس كورونا، الذي كان ساهم في خسارة ترامب، وانقلاب بعضها عليه، كإنهاء أطول الحروب الأميركية في أفغانستان. ووسط ذلك أيضاً، تستعر الخلافات والانقسامات السياسية في واشنطن (حتى بين الديمقراطيين أنفسهم)، فيما ينظر الحلفاء الخارجيون للولايات المتحدة إلى بايدن، بأنه رئيس ضعيف، على الرغم من استمرار ارتياح الأوروبيين خصوصاً لرحيل الملياردير الشعبوي من البيت الأبيض. وإذا كان استحقاق أفغانستان قد خلّف موجة كبيرة من الاستياء لدى حلفاء واشنطن، من انسحابها الفوضوي، وعدم استشارتهم، يقف الرئيس الديمقراطي اليوم أمام استحقاق آخر، مع عودة المفاوضات النووية مع إيران، إثر توقف دام منذ يونيو/حزيران الماضي، بعد فوز المحافظ إبراهيم رئيسي برئاسة إيران. وتتوجس إسرائيل من استعادة واشنطن التفاوض بطريقة غير مباشرة مع طهران في فيينا، بعدما لم تحصل على الضمانات المطلوبة من الحليف الأميركي بشأن التشدد في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، كما لم تلمس وجود أي خطة أميركية بديلة تتعلق بإيران إذا ما فشلت المفاوضات. ويرى حلفاء لواشنطن في المنطقة، بأن الولايات المتحدة تبتعد عن الشرق الأوسط بشكل متسارع، وأن عليهم العمل منفردين لحلّ مشاكلهم. ويجعل ذلك من روسيا، في بعض الأوقات، بديلاً عن واشنطن بالنسبة إلى بعض هذه الدول، حيث يسود التشكيك بمواصلة التزام أميركا بحماية مصالحها.

وعلى الرغم من أن وضع بايدن الداخلي ليس بأفضل حالاته، فقد خرجت التسريبات أخيراً عن عزمه إعادة الترشح للرئاسة. وكان السيناتور الديمقراطي السابق كريس دود، وهو صديق لبايدن، أول من أكد ذلك، قائلاً إن الشيء الوحيد الذي سمعه من الرئيس "هو أنه يخطط لإعادة الترشح، وأنا مسرور لذلك". وبحسب "واشنطن بوست"، فإن بايدن أكد لمجموعة صغيرة من المانحين خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عندما كان يشارك بشكل افتراضي في اجتماع لجمع التبرعات، أنه سيسعى لولاية ثانية، لكنه أضاف أنه "لم يتمكن يوماً بالتأكيد من وضع خطط لما بعد ثلاثة أعوام ونصف العام، أو أربعة أعوام". وتعليقاً على ذلك، قال حاكم ولاية بنسيلفانيا السابق، إد رينديل، الذي حضر الاجتماع، إن الرئيس "يقول في العلن ما يؤمن به، سوف لن يترشح في 2024 إذا شعر بأنه لن يستطيع أداء مهامه، لأسباب جسدية أو نفسية". لكن بحسب مقابلات الصحيفة مع 28 مسؤولاً واستراتيجياً داخل الحزب الديمقراطي، فإن تأكيدات بايدن لم توقف الجدل الداخلي في الحزب حول إمكانية ترشحه، حتى أن بعضهم، ومن المقربين من الرئيس، وتحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم، قالوا إنهم لم يجدوا شخصاً واحداً تحدثوا معه حول المسألة أخيراً، رأى في فرضية إعادة ترشح بايدن أمراً واقعياً. وقال المحامي من ولاية فلوريدا، جون مورغان، الذي كان من كبار المانحين لحملة بايدن 2020، إنه ليس أكيداً أن الأخير سيسعى لولاية أخرى، متسائلاً: "ماذا سيكون وضعه الصحي بعد ثلاثة أعوام؟ عليكم أن تنظروا إلى جداول الوفيات في الولايات المتحدة، لتفهموا ماذا أقصد".

يعتزم الرئيس الإعلان عن نواياه بعد الانتخابات النصفية

وكان بايدن حتى اللحظة قد رفض القيام بما قام به سلفه، والإعلان مبكراً، أي في أول أشهر له في البيت الأبيض، عن عزمه إعادة الترشح، حيث إنه من المتوقع أن يفصح رسمياً عن نواياه في هذا الشأن بعد الانتخابات النصفية للكونغرس. وبحسب أشخاص مطلعين على المسألة، تحدثوا للصحيفة، فإنه إذا ما قرّر بايدن فعلاً الترشح، فإن المسؤولين في الحزب الديمقراطي عازمين على الوقوف إلى جانبه، على الرغم من الإحباط الذي قد يصيب أسماء أخرى في الحزب، بدأت العمل بذهنية أنها قد تكون على لائحة المرشحين للرئاسة.
وفي مقابل ترشحه، تخلق الفرضية المعاكسة أزمة أيضاً بالنسبة للحزب الأزرق، الذي يخشى من حملة تمهيديات للرئاسة قد تكون مشوشة ومفتوحة جداً، لاسيما أن كامالا هاريس، قد فقدت حماسة عدد من الديمقراطيين الذين لم يعودوا ينظرون إليها كخليفة لبايدن. ومن الأسماء المرشحة، وزير النقل بيت بوتيجيج، والسيناتورة إليزابيت وارن، والسيناتوران شيرود براون (أوهايو) وجيف ميركلي (أوريغون). وكان حاكم فيرجينيا السابق تيري ماكوليف قد أعرب عن رغبته في الترشح للرئاسة إذا ما تراجع بايدن عن ذلك، لكن خسارته في انتخابات الحاكمية أخيراً قد تضعف ورقته. ويحظى بايدن، كما يبدو، حتى الآن، بدعم الجناح التقدمي لدى الديمقراطيين، والذي يواصل مراكمة النفوذ داخل الحزب، ويعتبر أن أجندة الرئيس الداخلية واعدة ومتقدمة.

المساهمون