بايدن يتعثر في تحقيق التسونامي الأزرق

05 نوفمبر 2020
انتزع بايدن أريزونا من الجمهوريين (وين ماكنامي/Getty)
+ الخط -

كذّبت الانتخابات الرئاسية الأميركية، نتائج أسابيع طويلة من استطلاعات الرأي، على الصعيد الوطني والولايات. واعتماداً على ما صدر حتى مساء اليوم، مع بقاء اسم الفائز بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن معلقاً حول بضع ولايات متأرجحة لا سيما في الوسط الغربي، لم يحقق الديمقراطيون الـ"تسونامي" الأزرق الذي حلموا به، فيما جاء أداء ترامب، أكثر من المأمول منه، بعدما كانت الاستطلاعات تؤكد تراجعه نتيجة كورونا. وفي بلد منقسم بشدة حول الاقتصاد والأزمة الصحية والتمييز العنصري، تشي النسب التي صدرت بتعزز هذا الانقسام. وفيما لم يحقق بايدن اختراقات ضخمة، وفوارق واسعة مقارنة بانتخابات 2016 حين خسرت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في وجه ترامب، بإمكان رصد فوز نائب الرئيس الأسبق بولاية أريزونا، كأحد أهم إنجازاته، بعدما كانت خسرتها كلينتون، وكذلك باراك أوباما في 2012. وإذا حسمت نتائج ويسكونسن لصالحه، يكون بايدن قد استعاد أيضاً ولاية تميل تاريخياً للديمقراطيين، وكانت ساهمت بشكل كبير، مع بنسلفانيا وميشيغن، بفوز ترامب في 2016. غير ذلك، فإن ترامب تمكن على عكس المتوقع من تثبيت قوة الجمهوريين في بنسلفانيا، ورفع شعبيته في ولاية أساسية في الجنوب الأميركي، هي فلوريدا، كما تمكن من الحفاظ على معقل قوة جمهورية وازنة في الوسط الغربي الأميركي الأعلى، وفي الولايات الصناعية السابقة التي كانت يوماً ما معقلاً للديمقراطيين.

استمرار الاقتصاد لاعباً حاسماً في توجهات الناخبين، لا سيما في الشمال الأميركي، ولدى الناخبين البيض غير المتعلمين

ومن دون مفاجآت، فاز المرشحان سريعاً بالولايات المحسومة لكلا الحزبين، في الجنوب والشمال الأميركيَين. وقد يفوز بايدن، في النهاية، كما حصل في العام 2016 مع كلينتون، بالأصوات الشعبية، علماً أن 100 مليون أميركي صوتوا في التصويت المبكر، سواء عبر البريد أو شخصياً، فيما قد تصل نسبة التصويت العام إلى 67 في المائة.

لكن أداء الديمقراطيين ظلّ متواضعاً، بالنظر إلى حجم التحشيد الذي سبق يوم الاقتراع، وحملة بايدن، التي تحلقت حولها أطياف الحزب كافةً. ويسمح ذلك بالعودة إلى سببين، أولهما استمرار الاقتصاد لاعباً حاسماً في توجهات الناخبين، لا سيما في الشمال الأميركي، ولدى الناخبين البيض غير المتعلمين. وتعتقد هذه الشريحة بأن الحزب الديمقراطي تخلى عنها لصالح العولمة. إلا أن الفارق الذي تقلّص بالمقارنة بين ترامب وهيلاري، يدل على استعادة البيض المتعلمين، والذين يميلون للتصويت ديمقراطياً، حماستهم. لكن المفارقة تكمن، إذا خسر الديمقراطيون معاقل في الشمال مجدداً، في أن الأقليات، لا سيما من أصول أفريقية، لم تظهر بقوة لصالح بايدن في ولايات مثل بنسلفانيا أو ميشيغن، على الرغم من الحراك الرافض للعنصرية وميل السود للتصويت للحزب الأزرق.
وحصل بايدن ليل الثلاثاء - الأربعاء على أول انتصار متوقع له في كاليفورنيا (55 صوتاً للهيئة الناخبة)، وبفارق أكثر من 30 نقطة مئوية عن ترامب. وفيما كانت تكساس، التي فاز فيها ترامب سريعاً، منطقة اعتبر الديمقراطيون أن "لهم حظوظاً فيها"، إلا أنها أثبتت ثقلها الجمهوري. وتعد الولاية الجائزة الثانية من حيث أصوات الهيئة الناخبة (38)، وكان ترامب فاز فيها على كلينتون في 2016 (52.2 مقابل 43.3 في المائة)، كما فاز فيها ميت رومني بفارق 15 نقطة مئوية عن باراك أوباما في 2012. واستطاع بايدن تقليص الفارق (52 في المائة لترامب مقابل 46 له).

أداء ترامب مع الأقليات اللاتينية في فلورديا فاق ما حصل عليه عام 2016

إلا أن أولى النكسات الديمقراطية، خرجت من ولاية فلوريدا. وعلى الرغم من ميل معظم الجنوب الأميركي إلى الجمهوريين، إلا أن أداء ترامب مع الأقليات اللاتينية فيها فاق ما حصل عليه عام 2016، حين فاز على كلينتون بفارق نقطة مئوية واحدة، إذ تراجع بايدن عنه هذا العام بفارق 4 نقاط وفق فرز 96 في المائة من الأصوات. ويعود السبب في هذا الإخفاق، إلى إيلاء حملة بايدن اهتماماً بهذه الولاية وأقلياتها، متأخراً، لا سيما أولئك من أصول كوبية. وتقدمت شعبية ترامب لدى الأقليات اللاتينية بشكل مفاجئ هذا العام، علماً أنه كان يضمن أصوات البيض من الطبقة الوسطى فيها. وكان أوباما فاز بالولاية في 2012 بفارق 0.5 في المائة عن ميت رومني.
في الوسط الغربي، حيث الولايات المتأرجحة، لا سيما في حزام الصدأ، خسر بايدن، كما كلينتون أيضاً، الأصوات الشعبية في أوهايو، وبفارق مماثل تقريباً عن 2016. وظلّت بنسلفانيا حتى مساءاليوم عصية على الديمقراطيين لدورة إضافية، بعدما أظهرت النتائج غير النهائية توسع الفارق إلى حدود 9 نقاط مئوية عن عام 2016 (خسرت كلينتون بفارق 1.3). وأظهر فرز 78 في المائة من الأصوات حتى عصر اليوم، أداءً أفضل لترامب في الضواحي والمدن المتوسطة من 2016، حيث دار الصراع الانتخابي حول عمليات "التكسير الهيدروليكي" (الغاز الصخري)، وحيث كان متوقعاً تصويت أكبر لصالح الديمقراطيين والقلق البيئي. وفاز أوباما بهذه الولاية في 2012 بفارق 5 نقاط.
في المحصلة، لم تظهر أي مؤشرات حول نجاح بايدن في إعادة خلْق حزب ديمقراطي قادر على المنافسة، كما فعل بيل كلينتون عندما حرم الرئيس جورج بوش الأب من ولاية ثانية في 1992، أو خلْق "تحالفٍ ديمقراطيٍ" كبير كما فعل أوباما في 2008 و2012.

المساهمون