باكستان: تغييب حزب رئيس الوزراء السابق عمران خان عن الانتخابات

27 يناير 2024
رُفض ترشيح خان ومعظم قادة حزبه للانتخابات (عامر قريشي/فرانس برس)
+ الخط -

يغيب نجم الكريكت الباكستاني السابق عمران خان، والذي شغل منصب رئيس الوزراء، عن الملصقات السياسية في الشوارع، رغم أنه يحظى بشعبية كبيرة في دائرته الانتخابية وموطن أجداده في ميانوالي، والسبب حملة قمع تنسب إلى الجيش الباكستاني القوي لمحو عمران خان وحزبه "حركة إنصاف" تقريباً من الحملة الانتخابية قبل التصويت.

وتنظّم الدولة الواقعة في جنوب آسيا، والتي يتخطى عدد سكانها 240 مليون نسمة، انتخابات عامة في الثامن من فبراير/ شباط، لكن منظمات حقوقية تشكك في مصداقيتها على خلفية الحملة ضد حزب خان.

ورُفض ترشيح خان ومعظم قادة حزبه للانتخابات. ومُنع الحزب من تنظيم مسيرات، وقيدت وسائل الاعلام الخاضعة لرقابة شديدة في تغطيتها للمعارضة، ما دفع حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الإنترنت تقريباً، ورفضت مفوضية الانتخابات أوراق عشرات من مرشحي الحزب على مستوى البلاد.

ويقول جمال إحسان خان (61 عاماً) المرشح عن "حركة إنصاف" في ميانوالي، "يواجه العاملون في حزبنا مضايقات، وأنا شخصياً تلقيت تهديدات بالقتل"، مضيفاً: "طوال حياتي، لم أشهد قط انتخابات بهذا القدر من الشدة والتهديد".

وكغيره من مرشحي الحزب، توارى إحسان خان عن الأنظار تقريباً كل الفترة التي تسبق الانتخابات، ولم يكن قادراً على عقد اجتماعات أو توزيع منشورات.

ويقول لـ"فرانس برس": "من المؤسف أنني كمرشح للحزب السياسي الرئيسي في باكستان، لا أستطيع إدارة حملتي بطريقة مجدية".

وبقي أسبوعان على الانتخابات، لكن تغيب الحماسة التي تميز الحملات الانتخابية في هذه البلاد.

وانطلقت مسيرة خان السياسية من ميانوالي، المنطقة الريفية في مقاطعة البنجاب الوسطى، وانتخب ثلاث مرات نائباً في البرلمان.

ويلقى عمران خان الذي وصل إلى السلطة عام 2018، وأطيح بموجب مذكرة حجب ثقة في إبريل/ نيسان 2022، دعماً شعبياً واسعاً في باكستان.

وخان، نجم الكريكت السابق، ملاحق في إطار أكثر من 200 قضية منذ إطاحته، ويعتبر أن هذه الملاحقات مدفوعة باعتبارات سياسية.

واتهم الجيش الذي سانده للوصول إلى الحكم في 2018 لكنه فقد دعمه لاحقاً بحسب محللين، بالسعي إلى منعه من العودة إلى السلطة.

"بطل"

وفي المنطقة التي بنى فيها خان مستشفى وجامعة، فإنه "ليس مجرد شخصية سياسية، بل بطل"، على قول رنا أمجد إقبال، رئيسة تحرير صحيفة نوى شرار المحلية.

وأوضحت الصحافية أن "السبب الرئيسي والأكثر أهمية لمكانته السياسية الدائمة يكمن في موقفه المناهض للمؤسسة" العسكرية.

ويؤكد خان من جهته أن الجيش متواطئ منذ سنوات مع الأسر التي حكمت باكستان لسحق حركته الشعبية ومنعه من الترشّح للانتخابات المزمع إجراؤها في فبراير/شباط.

واعتُقل آلاف من مؤيدي عمران خان، وهناك نحو مائة منهم، نصفهم من ميانوالي بانتظار محاكمتهم أمام محاكم عسكرية. واعتُقل كبار قادة الحزب وأُجبروا على العمل بسرية قبل انشقاق عشرات منهم.

ورأى المدرّس المتقاعد إعجاز خان أن عمران "لا يزال يحظى بشعبية لدى الجمهور، لكنه غير مقبول" بالنسبة للجيش.

وخسر الحزب في وقت سابق هذا الشهر معركة أساسية في المحكمة العليا في البلاد للاحتفاظ برمزه الانتخابي وهو مضرب الكريكت، في انتخابات الشهر المقبل.

ولطالما استخدم حزب "حركة إنصاف" المنتمي إليه نجم الكريكت الدولي السابق مضرب الكريكت رمزاً انتخابياً لتمكين الناخبين من الاقتراع له في بلد يبلغ فيه معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين 58% فقط، وفق بيانات البنك الدولي.

وبات يتعين على مرشحي حركة إنصاف اختيار رموز فردية.

وفي مينوالي، أمرت لجنة الانتخابات، مرشح "حركة إنصاف" إحسان خان باستخدام زجاجة كرمزه الانتخابي، وهو رمز ينظر إليه بازدراء في المناطق الريفية لارتباطه بالكحول.

أما منافسه، المرشح عن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نواز شريف، فيعقد اجتماعات علنية مع القرويين الذين يؤكد زعماؤهم دعمهم الكامل له، أملاً بخدمات مستقبلية.

وكان شريف، الذي شغل منصب رئيس وزراء باكستان ثلاث مرات، أقيل من منصبه كرئيس للحكومة في العام 2017 بأمر من المحكمة العليا بسبب قضية فساد.

وأودع نواز شريف السجن لعشرة أشهر قبل الإفراج عنه لأسباب طبية وذهابه إلى لندن لتلقي العلاج في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، حيث بقي حتى عودته إلى باكستان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويرى محللون سياسيون أن شريف توصل إلى اتفاق مع قادة الجيش للتمكن من العودة، وأنه قد يعيد حزبه الرابطة الإسلامية الباكستانية، إلى السلطة.

وعلى الرغم من تغييبه، يبدو أن شعبية عمران خان ما زالت قوية لدى الناخبين.

وسيشارك حنظلة بن شكيل (23 عاماً)، الطالب في علوم الحاسوب في الانتخابات للمرة الأولى في حياته، قائلاً: "سأصوت لصالح عمران خان لأنه الوحيد الذي يهتم حقاً بهذه البلاد. الآخرون يقدمون مصالحهم الشخصية".

(فرانس برس)