نفت مصادر لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، الأنباء التي تحدثت عن موافقة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ضمن مشاورات التسوية بين العسكريين والمدنيين.
وذكرت المصادر أنّ حمدوك اشترط عدداً من الشروط مقابل تشكيله حكومة الكفاءات، من بينها إطلاق سراح المعتقلين، وعودة الحكومة إلى ممارسة عملها، والعودة للعمل بالوثيقة الدستورية كما كانت، على أن يتخذ هو بعد ذلك وبالتشاور قراراً بحل الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات مع إبعاد حركات الكفاح المسلح عنها، وألا يصدر أي قرار عن قائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتعيينه إنما يستمر كرئيس الوزراء بالتفويض السابق.
وأشارت مصادر أخرى إلى أنّ مبادرة الشخصيات الوطنية، التي يترأسها محجوب محمد صالح حققت تقدماً كبيراً بموافقة عدد من الأطراف على العودة إلى الوثيقة الدستورية، وتشكيل مجلس سيادة مصغر دون عبد الفتاح البرهان، مع تشكيل مجلس أعلى للأمن والدفاع برئاسة البرهان، ويترك لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك اختيار حكومته بالطريقة التي يريدها.
وبحسب المصادر، فإنّ قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان وافق على هذا المخرج، فيما اعترض عليه قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وفي وقت لاحق، أكد مكتب الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، في بيان له، أنّ حمدوك "المحتجز في مقر إقامته بأمر سلطات الانقلابيين متمسّك بشروط إطلاق سراح المعتقلين كافة، وإعادة المؤسسات الدستورية ما قبل 25 أكتوبر/ تشرين الأول، قبل الانخراط في أي حوار". وناشد البيان وسائل الإعلام كافة "توخي الحذر في نقل كل معلومة تخصّ رئيس الوزراء المحتجز بمقر إقامته، والمغيّب عن التواصل مع شعبه وحاضنته السياسية قسراً".
ويؤكد الواثق البرير، الأمين العام لحزب "الأمة القومي" السوداني، لـ"العربي الجديد"، وجود تفاؤل كبير في أوساط حزبه وبقية الأحزاب المكونة لقوى "إعلان الحرية والتغيير"، لتجاوز الأزمة الحالية وتجنيب البلاد المزيد من إراقة الدماء.
وأوضح البرير أنّ "الحزب سيجتمع بعد قليل بممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال السياسي في السودان، فولكر بيرتس، للبحث معه في آخر تطورات مبادرته وتواصله مع كل من قائد الانقلاب ورئيس الوزراء في الفترة السابقة، كما سيلتقي بيرتس بعد ذلك رؤساء الأحزاب في اجتماع مشترك".
من جانبه، امتنع حيدر الصافي شبو، عضو المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير"، وهو عضو في إحدى مبادرات التوسط، عن الإدلاء بأي تصريحات لـ"العربي الجديد" بحجة وجود اتفاق بين أعضاء المبادرة على عدم الإدلاء بتصريحات حالية لضمان نجاح الوساطة، وأكد "السعي بكل جدية نحو تقريب المسافات والتوصل لاتفاق خلال اليوم أو غداً الخميس".
لكن تنظيمات نقابية ومهنية في السودان أعلنت رفضها مبدأ التفاوض مع العسكر الانقلابيين، وأكد بيان صادر عن تجمع الصيادلة المهنيين السودانيين أن "لا تفاوض، لا مساومة، لا وساطة، ولا شراكة مع المجرمين". وشدد البيان على "إسقاط الانقلاب والتأسيس للسلطة المدنية الكاملة لتحقيق الحرية والسلام والعدالة، وهو مطلب غير قابل للتنازل أو المساومة".
وفي السياق ذاته، أعلن تجمع المصرفيين السودانيين، أن "اللجنة الأمنية للنظام البائد متمثلة في القائد العام للقوات المسلحة مارست سطوتها على القطاع المصرفي، مستخدمة سلاح الفصل التعسفي، بإصدار قرار بإنهاء خدمة 3 من العاملين بالبنك الزراعي السوداني لدورهم في إنجاح العصيان المدني".
وعد التجمع في بيان له، تلك القرارات بأنها "محاولات يائسة لقمع وتخويف العاملين"، لكنها لن تثني من أسماهم "شرفاء القطاع المصرفي عن القيام بدورهم الوطني، ودعم التحول المدني الديمقراطي"، مطالباً بعودة المفصولين فوراً.
فيما أعلن تجمع اختصاصي الإنتاج الحيواني، عن عزمه "المواصلة في حملة إسقاط ومحاسبة المجلس العسكري الإنقلابي على سجل طويل من الجرائم والفساد، والتأسيس للسلطة الوطنية المدنية الكاملة للانتقال لسودان الحرية، وتعهد المنتجون بالتمسك بالإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل".
مشاورات سياسية
في غضون ذلك، وصل إلى الخرطوم مبعوث الاتحاد الأفريقي أولسون أبو سانغو، لإجراء مشاورات مع أطراف الأزمة السياسية في السودان.
ومن المنتظر أن يلتقي أبو سانغو بكل من قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مقر إقامته الجبرية بمنزله بضاحية كافوري بالخرطوم بحري.
وكان الاتحاد الافريقي، قد اتخذ قراراً الأسبوع الماضي، علق بموجبه عضوية السودان بعد الانقلاب الذي نفذه البرهان وإعلانه حالة الطوارئ وحله لمجلسي السيادة والوزراء.
وفي تصريحات صحافية، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، إنه "يقوم بتسهيل جهود العديد من مبادرات الوساطة المحلية والدولية في الخرطوم، ويعمل على دعمها وتقديم الأفكار والتنسيق مع الوسطاء حولها"، مشيراً إلى أن أي مبادرة "لن تذهب للأمام، إذا لم تستصحب عبد الله حمدوك كرئيس للوزراء".
من جهة أخرى، أكد مكتب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أن منصاته الرسمية التي تعبر عن مواقف رئيس الوزراء، هي صفحة مكتب رئيس الوزراء الموثقة على فيس بوك وتويتر، ورئيس الوزراء، منوهاً إلى أنه وفي ظل الأجواء المهيئة للإشاعات ونشر وتداول المعلومات غير الدقيقة، فإن حمدوك ومكتبه، ومكتبه غير معنيين بأي معلومة تصدر من أي منصة أخرى.
ميدانياً، يسود الهدوء شوارع العاصمة الخرطوم، بالتزامن مع المفاوضات التي تُجرى لحل الأزمة السياسية، وأصدر عدد من لجان المقاومة بيانات اليوم الأربعاء، وأمس الثلاثاء، وضعت فيها جداول للتصعيد الثوري خلال الأسبوع المقبل بما يشمل مواصلة العصيان المدني والإضراب السياسي، والمخاطبات، والتظاهرات الليلية وتسيير مواكب مركزية.
إلى ذلك، توعدت السلطات الأمنية في ولاية الخرطوم، بأنها "ستتعامل بحزم مع أي تفلتات أمنية من خلال تنفيذ خطة انتشار الشرطة في كل محليات الولاية".
وأوضح والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، أنّ سلطاته زادت القوة المشتركة لتأمين انسياب الخدمات بالولاية، مجدداً العمل بروح الفريق الواحد خلال هذه الفترة التي تلت قرارات القائد العام للقوات المسلحة لتصحيح مسار، حسب تقديره.