انقسام شديد داخل البرلمان التونسي حول قانون تجريم التطبيع

03 نوفمبر 2023
متظاهرون ينادون بتجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

شهد البرلمان التونسي انقساماً حاداً، يوم الخميس، حول مقترح قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه"، حيث عرفت النقاشات جدلاً شديداً منذ ساعات الصباح رافقتها دعوات لتأجيل النظر في مقترح القانون، قبل أن يتم رفض التأجيل بعد نقاش كبير.

ونقل رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، للنواب المتمسكين بمواصلة مناقشة القانون مساء اليوم، موقف رئيس الجمهورية، قيس سعيّد قائلاً "أكد لي بالحرف الواحد أن مقترح القانون هذا سوف يضر بالمصالح الخارجية لتونس وأن الأمر يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي وأن المسألة اتخذت طابعاً انتخابياً لا أكثر ولا أقل، وهذا موقف رئيس الجمهورية صرح به بحضور نائبي رئيس البرلمان سوسن مبروك وأنور المرزوقي".

وأضاف بودربالة "عاهدت نفسي أن أكون أميناً معكم، فما يهمني المصلحة العليا للوطن ومصلحة المسار ومصلحة هذا المجلس ولكي نتحاشى إدخال البلاد في المجهول"، حسب قوله.

ورغم نقل بودربالة لموقف الرئيس التونسي، الذي طالما تشدق بالدفاع عن القضية الفلسطينية، فقد تمسك غالبية البرلمانيين بمواصلة مناقشة القانون وأسقطوا لائحة تطالب بإرجاء الجلسة بواقع 68 صوتاً.

واحتج عدد من نواب البرلمان مساء اليوم إثر نهاية النقاش العام، مطالبين رئيس البرلمان بالمرور مباشرة إلى التصويت على البنود ورفضهم أي تغيير على جدول أعمال الجلسة العامة.

وهدد المحتجون بالاعتصام تحت قبة البرلمان حتى يتم تمرير القانون، رافعين شعارات منددة بخرق القانون الداخلي للبرلمان وسط صيحات مطالبة باستعجال تمرير القانون.

وعقد النواب المحتجون من كتل "الخط الوطني السيادي" و"الوطنية المستقلة" و"الأحرار'' و"لينتصر الشعب" وعدد من النواب غير المنتمين، مؤتمرا إعلاميا أكدوا خلاله "وجود مناورة لإفشال تمرير قانون تجريم التطبيع وتعطيل المصادقة عليه تحاك في غرف مظلمة"، محذرين من "وجود مؤامرة ضد إرادة الشعب".

وانقسم نواب البرلمان بين مطالبين بالشروع في مناقشة بنود قانون تجريم التطبيع اليوم، وبين دعاة التريث وإرجاء النظر فيه للاستماع إلى رأي السلطة التنفيذية وخصوصاً ممثلين عن رئاسة الجمهورية، ووزارات الخارجية والعدل والداخلية.

واعتبر المنادون بتأجيل مشروع القانون أن دعم القضية الفلسطينية ليس موضوعاً للنقاش والاختلاف، وأن تجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي هو مطلب شعبي جامع لكل النواب والكتل، مؤكدين أن القانون المعروض على التصويت اليوم يتضمن العديد من الأخطاء ويحتاج إلى مزيد المراجعة وتجويد الصياغة كما يفترض الاستماع إلى الأطراف الرسمية المعنية بهذا القانون وفي مقدمتها رأي وزارة الخارجية.

وتقدمت مجموعة نواب من كتلتي "صوت الجمهورية" و"الأمانة والعمل" وعدد من غير المنتمين، بعريضة إلى رئاسة البرلمان، للمطالبة رسمياً بتأجيل النظر في مشروع القانون المعروض مطالبين بإعادته إلى لجنة الحقوق والحريات حتى استكمال الإجراءات والاستماع وتقديم تقرير جديد يكون متناغماً مع دستور 25 يوليو/ تموز 2022 (فرضه سعيّد)، لكنه تم إسقاط العريضة.

وتساءل بعض النواب في مداخلاتهم حول مدى تأثير القانون على علاقات تونس مع بعض البلدان المطبعة مع الكيان الصهيوني، وإن كانت تونس بموجب هذا القانون ستقطع علاقاتها الدبلوماسية معها، كما تساءلوا عن وضع التونسيين المقيمين في المهجر ومدى ملاءمة القانون مع وضعياتهم المهنية وتنقلاتهم، كما طرحوا وضع اليهود التونسيين.

وفي كلمتها، قالت النائبة فاطمة المسدي "لا أحد يشكك في دعمنا الكامل لفلسطين" معتبرة أن "الجلسة سابقة خطيرة، وشكلياً غير معقولة، فكيف يناقش النواب بمفردهم ويصوتون بمفردهم دون استماع لأي طرف من أطراف الدولة، لا وزير خارجية ولا وعدل ولا من رئاسة الجمهورية فهذا مرفوض وكأننا في دولة النواب".

في المقابل دعا رئيس "الكتلة الوطنية المستقلة"، عماد أولاد جبريل إلى "الكف عن المزايدات ومحاولات الالتفاف على مشروع القانون"، معتبراً "أي محاولة لتعطيل مناقشته خيانة عظمى وأن الكتلة التي ينتمي إليها لا تقبل أي نقاش حول الموضوع في الغرف المظلمة وفي الكواليس ومن يريد أن يدلي برأيه في الجلسة العامة".

وأمام مقر البرلمان تتواصل وقفة احتجاجية، من تنظيم الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ الصباح، تطالب بضرورة المصادقة على القانون وتهدد بسحب الوكالة من النواب الذين يصوتون ضد تمرير المشروع.

ويجرّم مشروع القانون التواصل بأي شكل من الأشكال مع الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء فلسطينيي الداخل، بالإضافة إلى المشاركة بأي أنشطة تقام على أراض يسيطر عليها الاحتلال.

ويوجه مشروع القانون تهمة الخيانة العظمى إلى كل من "تخابر مع إسرائيل" ويعاقب مرتكب جريمة التطبيع بالسجن مدى الحياة أو لمدة تتراوح بين 6 و12 عاماً، وبغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار (حوالي 30 ألف يورو).

المساهمون