- بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، يسعى لـ"التئام الجراح" الناتجة عن محاولة الانفصال في 2017 بإصدار عفو عن المسجونين والمطلوبين، مما أثار جدلاً واحتجاجات من المعارضة.
- الحركة الانفصالية تواجه انقساماً وتراجعاً في الدعم، مع تحول محتمل في المشهد السياسي بكتالونيا يشير إلى إمكانية تشكيل تحالفات جديدة قد تؤثر على مستقبل العلاقة بين كتالونيا والحكومة المركزية.
خسرت الأحزاب الانفصالية التي حكمت كتالونيا مدة عشر سنوات أغلبيتها في الانتخابات الإقليمية الأحد، مع تقدّم واضح للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وبعد فرز 98% من الأصوات، تمكن حزب "معاً من أجل كتالونيا" (JxCat) المتشدد بزعامة كارليس بوتشيمون، وحزب الإصلاح الدستوري المعتدل بزعامة الزعيم الإقليمي المنتهية ولايته بيري أراغونيس، وحزب اليسار الجمهوري الأصغر، من الحصول على 59 مقعداً فقط من مقاعد البرلمان الإقليمي البالغ عددها 135 مقعداً؛ أي أقل بكثير من 68 مقعداً اللازمة لتشكيل أغلبية.
وحصل الاشتراكيون الكتالونيون بقيادة سلفادور إيلا على 42 صوتاً، وهو ما يزيد قليلاً عن المتوقع في استطلاع للرأي نشر بعد انتهاء التصويت، ما يعني أنهم سيحتاجون أيضاً إلى إقامة تحالفات لتشكيل أغلبية حاكمة. ورغم حصد الاشتراكيين غالبية الأصوات في الانتخابات الإقليمية السابقة لعام 2021، إلا أنهم لم يتمكنوا من تشكيل أغلبية، فيما وصل الانفصاليون إلى السلطة بائتلاف مكون من 74 مقعداً.
ونجح الاشتراكيون بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في إظهار تراجع المشاعر الانفصالية في كتالونيا، بعد أكثر من ست سنوات من محاولة الانفصال في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وهي واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدتها إسبانيا المعاصرة. لكن مرشحهم سلفادور إيلا، وزير الصحة السابق خلال جائحة كوفيد، سيتعين عليه العثور على شركاء لتشكيل أغلبية، وهو ما عجز عنه عام 2021.
والفرضية التي يرجحها المحللون هي التحالف مع اليسار الراديكالي الذي يحكمون معه على المستوى الوطني، ومع الحزب الأكثر اعتدالاً بين الانفصاليين الذي خسر الكثير من المقاعد في هذه الانتخابات. وفيما بينها، بالكاد تحصل هذه الأحزاب الثلاثة على أغلبية مطلقة تبلغ 68 مقعداً.
"التئام الجراح" إثر أزمة كتالونيا
منذ أن أصبح رئيساً للوزراء في 2018 بعد نحو تسعة أشهر من المحاولة الفاشلة للانفصاليين في كتالونيا، عمل سانشيز على "التئام الجراح" التي تسببت بها الأزمة السياسية غير المسبوقة. وأصدر في العام 2021 عفواً عن الذين سجنوا على خلفية محاولة الانفصال.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، دفع نحو إقرار قانون للعفو عن أولئك الذين ما زالوا مطلوبين، مقابل دعم الانفصاليين له بشكل يمنحه ولاية جديدة من أربعة أعوام في رئاسة الحكومة. ولا يزال مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ، ومن المقرر أن يُصادَق عليه خلال أسابيع. وسيتيح ذلك عودة بوتشيمون (61 عاماً)، الزعيم الذي قاد محاولة الانفصال قبل أن يفرّ إلى بلجيكا لتفادي الملاحقة القانونية.
ودفع العفو المثير للجدل المعارضة اليمينية واليمينية المتطرفة للنزول الى الشارع في احتجاجات ضخمة. وقد اتهمت سانشيز بالسماح للانفصاليين بأخذه "رهينة" للبقاء في السلطة. بالنسبة إلى سانشيز، يعدّ إبعاد كتالونيا عن الانفصاليين، الذين حكموا الاقليم نحو عقد من الزمن، انتصاراً كبيراً في جهوده لطي صفحة الأزمة التي أشعلتها محاولة الانفصال. كما يسمح له بإعادة إطلاق ولايته التي بدأت في نوفمبر. وطغت على الولاية الجديدة حتى الآن تحركات المعارضة اليمينية المتطرفة، وتحقيق يطاول زوجة سانشيز بشبهات فساد، لوّح بسببه باحتمال الاستقالة.
كان بوتشيمون يأمل في تحقيق أداء قوي في الانتخابات، بشكل يتيح له العودة منتصرا
ورغم نيل الاشتراكيين أكبر عدد من الأصوات خلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة في فبراير/ شباط 2021، إلا أن مرشحهم إيلا فشل في جمع غالبية حاكمة، بينما شكلت الأحزاب الانفصالية ائتلافا من 74 مقعداً. وكان بوتشيمون يأمل تحقيق أداء قوي في الانتخابات، بشكل يتيح له العودة منتصرا بصفته زعيماً إقليمياً لكتالونيا بمجرد إقرار العفو.
وقال بوتشيمون في ختام حملته الانتخابية في جنوب فرنسا: "دعونا نملأ صناديق الاقتراع بأوراق التصويت ونبدأ في التحضير لعصر جديد". وخاض الزعيم الكتالوني السابق حملته الانتخابية في جنوب فرنسا على مقربة من الإقليم، نظراً لأنه غير قادر على دخول إسبانيا بسبب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه ولا تزال نافذة.
وحالياً، تعاني الحركة الانفصالية الكتالونية انقساماً حاداً في ظل تباين بين "معاً من أجل كاتالونيا" وحزب اليسار الجمهوري.
(فرانس برس)