انتصار الفاشية

19 اغسطس 2015
المجتمع الدولي يكتفي بإدانات خجولة (فرانس برس)
+ الخط -

"سقوط العالم" ليس مجرد افتراض سوري نابع من يأسٍ بعد سنوات من المطالبة بالحماية الدوليّة. العالم سقط فعلاً. فشل في تأمين الحماية لملايين المدنيين السوريين منذ اندلاع الثورة السورية. يكتفي المجتمع الدولي بإدانات خجولة، أو حتى لا يُدين. فبعد يومين على مجزرة دوما، لم يُبدِ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "قلقه" ولا استنكر هذه المجازر. أمّا مجلس الأمن، فتركّزت إدانته لممارسات "داعش" و"جبهة النصرة"، وجاء في بيانه كلاماً مبهماً عن ضرورة عدم استهداف المدنيين.

تزامنت هذه المجزرة، مع الذكرى الثانية لمجزرة الكيماوي في 21 أغسطس/آب 2013. تلك المجزرة، التي لم يدفع أحد ثمن ارتكابها. المجتمع الدولي فشل في تأكيد أن السلاح الكيماوي سلاح محرّم. وللمفارقة، فإنها تتشارك في الشهر عينه، مع مجزرة رابعة التي اقترفها النظام المصري.

ويفشل المجتمع الدولي أيضاً اليوم في تأمين الأكل ومستلزمات الإغاثة لملايين السوريين الذين لجأوا إلى دول الجوار هرباً من الموت في سورية. هربوا لأن المجتمع الدولي (والعربي ضمناً) فشل بحمايتهم، وفي ترجمة ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد تم تأمين 31 في المائة من المبلغ المالي المطلوب لإغاثة اللاجئين السوريين (مليار و383 مليون دولار من أصل 4 مليارات و533 مليون دولار). وفشلت أوروبا في استقبال اللاجئين لتتركهم فريسة بحر غدار.

يفشل هذا "العالم" من عام 1948 في إيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينيّة. وها هي المنظومة الدوليّة اليوم، تُمهّد لإنهاء اعترافها بمسؤوليّة هذا المجتمع الدولي عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر إدخال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في حالة وفاة سريريّة تمهيداً للتخلص منها ومما تُمثّله. العجز في ميزانية "الأونروا" يبلغ 100 مليون دولار. الرقم بسيط في المقارنة بميزانيات الدول. لكن توفيره صعب للفلسطينيين.

في هذا الوقت، ترسل الولايات المتحدة وأربعون دولة أخرى قواتها الجوية لمحاربة "داعش" في العراق، وتدفع عشرات مليارات الدولارات الأميركية في تمويل "الحرب على الإرهاب".

لم يخطئ السوريون عندما قالوا إن العالم سقط. سقط بشكلٍ مدوٍ. وسيدفع هذا العالم ثمناً غالياً لهذا السقوط. فالسماح للفاشية بالانتصار مرة، سيعني انتصارها مرات أخرى. فاشية عسكرية أم دينية.