انتخابات مجلس الجهات والأقاليم بتونس: تشكيك في مآلات مسار قيس سعيّد

13 مارس 2024
أنصار قيس سعيد اعتبروا أن نسب الإقبال الضعيفة في الانتخابات لن تؤثر على البناء (Getty)
+ الخط -

جرت صباح اليوم الأربعاء عملية انتخاب أعضاء مجالس الأقاليم الخمسة في تونس، في سياق استكمال تركيبة مجلس الجهات والأقاليم، الغرفة التشريعية الثانية.

وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في نقطة إعلامية، ظهر اليوم الأربعاء، عن نتائج انتخابات مجالس الأقاليم، أكد خلالها رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أن "عملية التصويت جرت من طرف أعضاء المجالس الجهوية لانتخاب ممثليهم في مجالس الأقاليم"، مضيفا أنه "جرى تأجيل التصويت لانتخاب ممثل عن محافظة جندوبة وتوزر، حيث لم يتم تسجيل أي ترشح من طرف أعضاء المجالس الجهوية"، وشدد على أن "باب الترشح سيفتح مرة أخرى".

وأضاف بوعسكر أنه "لم يتم أيضا اختيار ممثل في مجلس الأقاليم عن محافظة المنستير، بعد تسجيل طعنا في أحد المترشحين"، مؤكدا تأجيل الاختيار إلى حين البت في الطعن. وقال إنه "سيتم دعوة هذه المجالس إلى عقد جلستها الأولى على أن تفتح الهيئة لاحقا باب الترشح لعضوية مجلس الجهات والأقاليم (يضم ممثلا عن كل مجلس من مجالس الأقاليم و3 ممثلين عن مجالس الجهات)".

وينتخب أعضاء كلّ مجلس جهويّ ثلاثة أعضاء، من بينهم لتمثيل جهاتهم بالمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم ( يتألف من 24 محافظة)، يضاف إليهم الخمسة الذين سيتم انتخابهم اليوم ليكون المجموع 77.

ويعتبر أنصار الرئيس قيس سعيد أن نسب الإقبال الضعيفة والعزوف عن التصويت في الانتخابات المحلية والتشريعية السابقة في تونس، أو الشغورات الحاصلة في بعض الجهات، عوامل لن تحول دون استكمال البناء الجديد الذي جاء به مسار 25 يوليو 2021، مشددين على أن "احترام خريطة طريق الرئيس والالتزام بمواعيد الانتخابات ومقاومة المال السياسي الفاسد في تونس مكسب يجب تثمينه".

من جانبه، أكد أستاذ القانون الدستوري، صغير الزكراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "انتخابات مجالس الأقاليم والجهات هي تنفيذ تصور البناء القاعدي عبر التصعيد من المجالس المحلية إلى الجهات ثم الأقاليم، ثم مجلس الجهات والأقاليم الذي يُعد الغرفة الثانية كما أراده الرئيس في مسار لم يستشر فيه أحدا، وهذا تصوره للغرفة الثانية كما صاغها في دستوره، وما نراه الآن هذا هو البناء القاعدي، وسنرى في النهاية ماذا سيفرز".

وتابع الزكراوي أن "نسب التصويت الضعيفة في المحليات والبالغة 11 بالمائة، وهي نفسها تقريبا التي انتصبت بها الغرفة الأولى (البرلمان)، لا يمكن أن نبني عليها مشروعية"، مشددا على أنه "لا يوجد مثيل لهذا البناء والمجالس في التجارب المقارنة، فهناك تجارب في ألمانيا في العشرينات، وفي أميركا اللاتينية، واللجان الثورية في ليبيا، وهي تجارب محتشمة أو انتهت، ولا يمكن البناء عليها"، وأضاف أن "التجربة الليبية ربما هي الأقرب، بمعنى الشعب يحكم نفسه بنفسه بالانتخاب على الأفراد في دوائر صغيرة لتكوين لجان شعبية".

وأشار إلى أن "نتائج انتخابات المجالس المحلية المباشرة كانت ضعيفة جدا، ثم انتقلت إلى انتخابات غير مباشرة عبر القرعة، وهو نموذج غير ديمقراطي يقوم على انتخاب كبار الناخبين لغيرهم، بما لا يضمن كفاءة من يتم اختياره"، مستنتجا بأن "هذه التجارب لن تنجح، وهذه المجالس لن تعمر، فهي قائمة على تذويب وتفكيك المؤسسات وتعويضها بهذه المجالس الجديدة، وهو ما يفسر حل البلديات وتعليق الانتخابات البلدية وتأجيلها وإجهاض التجربة المحلية".

وبين أستاذ القانون الدستوري أن "نسب الإقبال في الانتخابات المباشرة أثبتت أن الشعب الذي يتحدث عنه رئيس الجمهورية لم ينخرط في مشروعه وشكّل من المقاطعة برنامجه"، مستغربا من "العبث بمؤسسات الدولة وتعويضها بمؤسسات هشة ترشح لعضويتها أشخاصا ليسوا بالكفاءة المطلوبة".

وشدد على أن "هناك ضبابية وغموضا في دور هذه المجالس التي لا يوجد لديها قانون ينظمها ويرتب علاقتها مع باقي السلطات"، لافتا إلى أنه "جرى إجهاض تجربة الحكم المحلي في دستور 2014"، واعتبر أن "ما يحدث مضيعة للوقت ومغامرة غير قابلة للاستمرار والديمومة، وأي نظام سيأتي بعد سعيد سيلغيها لأنها غير موجودة في التاريخ وفي الأنظمة الديمقراطية المقارنة". 

وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أن "هذه المنظومة فيها تقويض للمؤسسات في تونس دون تعويضها بما أنجع وأفضل، فهي تجربة غير مدروسة العواقب لن تعمر كثيرا، وهي مرتبطة بالعمر السياسي لقيس سعيد".

المساهمون