انتخابات مجلس الأمة الكويتي... مشهد مكرر وسابقة تاريخية

04 ابريل 2024
من الانتخابات الأخيرة في سبتمبر 2022 (نوفل إبراهيم/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الكويت، 834,733 ناخب شاركوا في انتخابات مجلس الأمة لاختيار 50 نائباً من بين 200 مرشح، بما في ذلك 13 امرأة، تحت حكم الأمير الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وهي الانتخابات الرابعة خلال أقل من أربع سنوات.
- الانتخابات تميزت بكونها الثانية التي تُجرى خلال شهر رمضان والأولى بدون تعيين ولي عهد، مما يُتوقع أن يساهم في ارتفاع نسبة الحضور، وفقاً للتقاليد الدستورية الكويتية.
- يُنظر إلى البرلمان المقبل على أنه سيكون محصناً من الإبطال بفضل تعديل قانوني، مع توقعات بمشاركة عالية وفرصة لإيصال الإصلاحيين، رغم التوقعات بأن تركيبة المجلس لن تختلف كثيراً عن السابق.

يتجه 834 ألفاً و733 ناخباً وناخبة في الكويت، اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع لاختيار 50 نائباً عبر الاقتراع السري المُباشر، من بين 200 مرشح، بينهم 13 امرأة، في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان). وتُجرى هذه الانتخابات للمرة الأولى في عهد حاكم الكويت الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عقب توليه منصب الأمير في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهي الانتخابات الرابعة التي تجرى في البلاد خلال أقل من أربعة أعوام، بعد انتخابات 5 ديسمبر 2020، ومجلس 29 سبتمبر/أيلول 2022، ومجلس 6 يونيو/حزيران 2023، الذي حله أمير الكويت في 15 فبراير/شباط الماضي.

وجاء مرسوم الحل وفق المادة 107 من الدستور الكويتي، وذلك "بناءً على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمّد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة". والمقصود في ذلك، رفض النواب شطب مداخلة تقدم بها أحد زملائهم انتقد فيها ما ورد في خطاب أمير الكويت في جلسة أدائه اليمين الدستورية، في 20 ديسمبر الماضي.

سابقة في انتخابات مجلس الأمة

تُسجّل انتخابات مجلس الأمة سابقة في تاريخ الكويت، التي تُجرى لأول مرة في ظل بقاء منصب وليّ عهد البلاد شاغراً، بينما كان أمراء الكويت السابقون يختارون وليّ العهد إما في غياب البرلمان أو أثناء انعقاده، ولم يسبق أن عُقدت أية انتخابات من بدء التجربة النيابية في الكويت عام 1963 من دون تعيين وليّ للعهد. ووفق الدستور الكويتي، فإن أمير الكويت يختار وليّ العهد في مدة أقصاها عام من تقلّده الحكم، ويستوجب بعد ذلك أن يُبايعه مجلس الأمة في جلسة خاصة بموافقة أغلبية أعضائه، ويملك البرلمان صلاحية رفض المُرشح لمنصب ولاية العهد بالتصويت، وفي هذه الحالة يُزكّي الأمير لولاية العهد ثلاثة أسماء على الأقل، على أن يُبايع المجلس أحدهم وليّاً للعهد.


تُجرى الانتخابات للمرة الأولى بغياب وليّ عهدٍ

أيضاً، من أصل 18 فصلاً تشريعياً في الحياة النيابية الكويتية (من دون احتساب 3 برلمانات مُبطلة)، تُقام هذه الانتخابات العامة للمرة الثانية في تاريخ البلاد خلال شهر رمضان، بعد انتخابات 27 يوليو/ تموز 2013، وسط مقاطعة طيف واسع من المعارضة السياسية، وذلك احتجاجاً على النظام الانتخابي بـ"الصوت الواحد"، ولكن هذه المرة من المتوقع أن يُساهم هذا التوقيت في ارتفاع نسبة الحضور، إذ يُفضل السواد الأعظم من المواطنين البقاء في الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، داخل البلاد.

وينظر إلى البرلمان المقبل على أنه سيكون محصناً من الإبطال، إذ إن المجلس المنحلّ أخيراً كان قد أقرّ تعديلاً على "قانون المحكمة الدستورية"، يقضي بالنظر في مرسومي حلّ البرلمان والدعوة إلى الانتخابات وغيرهما من المراسيم قبل موعد الاستحقاق الانتخابي، ولا يسمح للمحكمة الدستورية النظر في المراسيم التي تتعلق بسلامة الانتخابات بعد موعد إجرائها.

وألغى هذا التعديل أي إمكانية لتكرار إبطال مجلس الأمة كما حدث في مجلسي فبراير وديسمبر 2012، ومجلس 2022. وأقرّ مجلس 2023 هذا التعديل، لأن مجلس 2022، الذي كانت تسيطر عليه أغلبية معارضة، أُبطل من قِبل المحكمة الدستورية بسبب بطلان مرسوم حلّ البرلمان، الذي أثار في حينها موجة غضب في الشارع السياسي الكويتي.

وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وتبلغ مدة مجلس الأمة "أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، ويجري التجديد خلال الـ60 يوماً السابقة على نهاية تلك المدة"، وفق القانون الكويتي. ويبلغ عدد الناخبين 104 آلاف و38 ناخباً في الدائرة الأولى، و95 ألفاً و302 ناخبين في الدائرة الثانية، و143 ألفاً و693 مقترعاً في الدائرة الثالثة، و220 ألفاً و932 مقترعاً في الدائرة الرابعة، و270 ألفاً و768 ناخباً في الدائرة الخامسة.

وتستمر عملية الاقتراع اليوم، مدة 12 ساعة متواصلة، بدءاً من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة 12 من منتصف الليل، ويُدلي الناخبون بأصواتهم في المدارس المخصصة للاقتراع، وذلك وفق عنوان السكن في البطاقة المدنية. ويبدأ فرز الأصوات بعد إغلاق الصناديق مباشرةً، وتُعلن نتائج كل دائرة على حدة من قِبل القاضي المشرف عليها، وبحضور مندوبين عن المرشحين ووسائل الإعلام ومراقبين محليين ودوليين للانتخابات.

توقعات بنسب مشاركة عالية

في السياق، يتوقع الناشط السياسي سعد العبد الحافظ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تشهد انتخابات مجلس الأمة نسبة مشاركة عالية، مُبّيناً أنه "على الرغم من نشر شائعات بأن المشاركة غير مُجدية، والترويج لملل الناس من تكرار الانتخابات، واعتبار أن التوقيت مُزعج لهم خلال شهر رمضان، إلا أنها محاولات فاشلة لن تُوقع اليأس في نفوس المواطنين، لأن الناخبين الكويتيين لن يتخلّوا عن واجبهم الوطني بالحضور، وإثبات أنهم يتكيفون مع مختلف الظروف، وقادرون على التعبير عن إرادتهم بوصول الإصلاحيين حتى تكون رسالة مُدوّية لكل قوى الفساد".

ويوضح الحافظ أهمية انتخابات اليوم، قائلاً إن "البرلمان المقبل من أهم البرلمانات خلال 15 عاماً مضت، لأنه من المُقرر أن يختار أمير الكويت القادم (في إِشارة إلى وليّ العهد)، كون هذا المنصب ما زال شاغراً إلى الآن، وهذا ما يضاعف المسؤولية على الناخبين في هذه الانتخابات من أجل إيصال المُصلحين لاختيار الأنسب في هذا الموقع".

ويضيف الحافظ أنه "لا شك أن هذه المرحلة من المراحل المفصلية التي تمر بها البلاد، لذلك تجري محاولات المُفسدين إرجاع المجالس السيئة السابقة، والحد من وصول عدد كبير من الإصلاحيين، ما يعني مجلساً قوياً يواجه التحديات الداخلية والخارجية، على المستوى الداخلي في ما يتعلق بتراجع الدولة في كافة المؤشرات الدولية، وقضايا الفساد، والتضخم وغلاء الأسعار، وتزايد البطالة، وعلى المستوى الخارجي في التحالفات الجديدة العسكرية والسياسية التي تتشكل في المنطقة بمعزل عن الكويت، في ظل تراجع دورها الإقليمي عمّا كان في السابق".

من جانبه، يقول رئيس "مركز طروس للدراسات"، الخبير في شؤون الانتخابات محمد الثنيان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "نسبة التغيير في تركيبة المجلس المقبل بشكل عام لن تكون مرتفعة عن المجلس السابق، وقد تكون أعلى فقط في الدائرة الرابعة، وذلك بسبب ضيق الوقت بين انتخابات المجلسين، ولو مُنح المجلس السابق مدة أطول لكانت نسبة التغيير أعلى".


محمد الثنيان: نسبة التغيير في تركيبة المجلس المقبل بشكل عام لن تكون مرتفعة مقارنة مع المجلس السابق

وعن حجم المشاركة في انتخابات مجلس الأمة يبدي الثنيان اعتقاده في أنها ستكون مرتفعة، ويُرجح أن تتراوح النسبة بين 55 في المائة إلى 65 في المائة، مُشيراً إلى عامل رئيسي وهو أن "معظم الناخبين داخل الكويت في شهر رمضان، خصوصاً في الليالي العشر الأواخر، وهذا ما يرفع من الحالة الانتخابية".

الانتخابات الأولى في عهد الأمير الجديد

وبرأي الثنيان، فإن "لهذه الانتخابات أهمية كبرى لأنها الأولى من نوعها في عهد أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بالتالي إما أن تكون مُخرجاتها امتداداً للمجلس السابق، أو أن مجلساً جديداً سيدشن علاقة جديدة مع الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ محمد صباح السالم الصباح". ويضيف: "أعتقد أن المجلس المقبل بين خيارين، الأول الجلوس إلى طاولة حوار مع الحكومة لتجاوز نقاط الخلاف، وبالتالي تحقيق مجلس تعاون وإنجاز، أو في حال عدم مبادرة الطرفين إلى مثل هذه الخطوة فنكون أمام الخيار الثاني وهو الصدام بينهما وعدم التعاون وتقديم استجوابات مُبكرة تؤدي إلى العودة مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع".

ويُقدّم الثنيان تصوّره عن المجلس المقبل، بتوقعه أن يكون "مجلساً قوياً ومن المجالس المهمة في تاريخ الكويت السياسي، ولكن مصيره يعود في نهاية المطاف إلى العقلاء من المجلس والحكومة، وذلك من أجل السعي إلى الجلوس إلى طاولة حوار بينهما، ستُحدد وجه المجلس المقبل".

من جهته، يقول الناخب في الدائرة الرابعة حسن العجمي، لـ"العربي الجديد"، إن "المشاركة في انتخابات مجلس الأمة تُعتبر واجباً وطنياً، واستحقاقاً دستورياً لا يمكن التنازل عنه، ومن واجب الجميع المشاركة في اختيار ممثليهم في مجلس الأمة". ويتوقع أن تُسفر نتائج الانتخابات عن "تركيبة تتفوق على مجلس 2023 السابق، الذي قدّم أداءً برلمانياً مُحترماً خلال فترة قصيرة، بعد سنوات من التجاذبات السياسية بين البرلمان والحكومة"، عازياً ذلك إلى "زيادة الوعي عند الناخبين في كل استحقاق انتخابي، وتحقيقهم مخرجات أفضل في كل انتخابات عن الانتخابات التي سبقتها".

ويعرب العجمي عن أمله في أن "تتراجع نماذج النواب التابعين إلى شيخ أو إلى تاجر، وكذلك أعداد النواب الفاسدين أو الانتهازيين، أو حتى نموذج نائب تخليص المعاملات في الجهات الحكومية".