تصاعدت وتيرة الرشى الانتخابية في محافظات الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري، لا سيما مع اقتراب غلق باب التصويت في التاسعة من مساء اليوم (الأحد)، إذ كثف مرشحون مستقلون، ومنتمون لحزب "مستقبل وطن"، من ضخهم لـ"المال السياسي" بوفرة مقابل الحصول على أصوات الناخبين، وذلك على مسمع ومرأى من الجميع، وبمباركة من قوات الجيش والشرطة المسؤولة عن عملية التأمين.
وبرز اسم المرشح المستقل عن دائرة الجيزة والدقي والعجوزة، رجل الأعمال محمد أبو العينين، بقوة في "بورصة" شراء أصوات الناخبين، ما يرجح فوزه بأحد المقعدين المخصصين للدائرة من دون الحاجة إلى جولة الإعادة، بعدما كلّف أنصاره بتوزيع مبالغ مالية تتراوح بين 100 و200 جنيه عن الصوت الواحد، فضلاً عن استغلاله مؤسسته للنشاط الاجتماعي والخيري في إرغام المستفيدين من خدماتها على التصويت لصالحه.
وحاول المرشحان عن الدائرة نفسها، الإعلامي عبد الرحيم علي وأحمد مرتضى منصور، نجل رئيس نادي الزمالك، مجاراة أبو العينين في عملية شراء الأصوات، إلا أنهما خصصا مبالغ مالية أقل مقابل الصوت الانتخابي، ما دفع الفقراء والمعدمين في الدائرة إلى التصويت لصالح الأخير، خصوصاً أن أنصاره يوزعون سلعاً غذائية و"حلوى المولد" في بعض المناطق (بخلاف المبلغ المالي).
أما في دائرة العمرانية والطالبية بمحافظة الجيزة، فقد تفوق المرشح محمد علي عبد الحميد على أبو العينين، بعدما رفع سعر الصوت الانتخابي إلى 300 جنيه، كونه يملك مجموعة كبيرة من الأبراج السكنية المخالفة لقانون البناء في مناطق الهرم وفيصل، ويسعى جاهداً للاحتفاظ بحصانته البرلمانية التي اكتسبها في انتخابات عام 2015، ومنعت الأجهزة المختصة من التعرض إلى "أبراجه" بالمخالفة للقانون.
وتقدّم عدد من أهالي شارع سيد جويلي في الهرم ببلاغات متكررة إلى قسم شرطة العمرانية، تفيد بوجود اشتباكات وتراشق بالأيدي بين المواطنين، والمسؤولين عن جمعية 25 يناير الخيرية، بسبب خلافات مالية حول ثمن أصوات المواطنين الانتخابية، لصالح التصويت للمرشحين محمد علي عبد الحميد، وروماني أبو ذكرى، الأمر الذي تسبب في إزعاج كبير للمواطنين من قاطني الشارع.
من جهتها، قالت "البعثة الدولية لمتابعة الانتخابات"، في تقرير لها عن الدعاية الانتخابية، إن عدداً من المرشحين تجاوزوا سقف الإنفاق الانتخابي المحدد في قانون مجلس النواب بمليوني جنيه، وسط اتهامات متبادلة من بعض المرشحين لمنافسيهم باستخدام "المال السياسي" في الدعاية بشكل يخالف القانون، وقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي الشكاوى التي لم تحقق فيها الهيئة حتى الآن.
وانتقدت البعثة عدم وجود آلية للمواطنين، ومنظمات المجتمع المدني، لتقديم ما ترصده من مخالفات بشكل سريع للهيئة الوطنية للانتخابات للتعامل معه، ومعاقبة المخالفين وفق العقوبات المقررة قانوناً، والتي تكفلها المواثيق الدولية، مستطردة بأن "تفعيل إجراءات الهيئة يستلزم أن تقوم اللجنة المشكلة بقرار من الهيئة بمراجعة إنفاق المرشحين بشكل كامل، وتوسيع عمل الخبراء في هذا الشأن".
وشددت البعثة على ضرورة التأكد من حجم الإنفاق الذي قام به المرشح، وأنصاره، وعدم تجاوزه للحد الأقصى المحدد للدعاية الانتخابية، معتبرة أن اقتصار دور اللجنة على رصد وإعداد تقرير عما تراه من وقائع "فتح الباب أمام المرشحين، وأنصارهم، للتلاعب في الكثير من الوقائع الخاصة بالدعاية، من خلال التحايل على القانون، وإنفاق أموال طائلة في الدعاية خارج الحساب البنكي المخصص للإنفاق".
ولليوم الثاني على التوالي، تشهد انتخابات مجلس النواب انتهاكات جسمية من أنصار المرشحين عن حزب "مستقبل وطن"، المدعوم بدوره من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشمل حث المواطنين على الانتخاب عبر مكبرات الصوت، وتوزيع مبالغ مالية عن طريق (أكشاك) موزعة على الشوارع الرئيسية، وسط تواطؤ من الهيئة الوطنية للانتخابات، التي أشاد بعض أعضائها بـ"نزاهة العملية الانتخابية"، و"عدم رصد أي خروقات لسقف الدعاية".