جاء إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، عن رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة، وشكره "الشعب العظيم على تضحياته وصبره وإخلاصه والصمود أمام كل التحديات"، بمثابة تدشين لحملته في الانتخابات الرئاسية المتوقعة نهاية العام، على الرغم من أنه يُفترض إجراؤها في النصف الأول من عام 2024.
في المقابل، انتقد سياسيون مصريون، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، حملات التصعيد الأمنية والتضييق على المعارضين قبيل إجراء الانتخابات، ومنها الحكم على الناشر هشام قاسم، السبت الماضي بالحبس 6 أشهر، إلى جانب حملة اعتقال أكثر من 30 مؤيداً من أنصار المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي، في عدد من المحافظات المصرية، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
مناخ انتخابي في مصر لا يبشر بالخير
وفي السياق قال عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس "مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية"، وعضو مجلس أمناء "الحوار الوطني" في مصر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه من الوارد وجود تضييق على المرشحين، معتبراً أن "هذا التضييق يتم حسب طبيعة المرشح".
وأضاف أن ذلك "سيضعف من معادلة الانتخابات التعددية النزيهة"، لافتاً إلى أن "المشكلة ستكون ظاهرة أمام طرفين: الأول هو الناخب في الداخل، والثاني هو القوى الخارجية"، حيث ستظهر الانتخابات مفتقدة للعدالة، ومن دون أن تكون على مسافة واحدة من كل المرشحين، بحسب تعبيره.
وفي وقت اعتبر ربيع أن "الوضع العام ومناخ الانتخابات غير مبشر بالخير"، أشار إلى أنه "لا يوجد نزاهة أو عدالة أو حياد، أو حملات انتخابية من دون سقف، إلا للمرشح الرئيس، وصور وإنجازات له في الإعلام".
تشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية المصرية
من جهته، قال الباحث في العلوم السياسية حسام الحملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يوجد شك في أن الانتخابات المقبلة غير نزيهة، ولكن محاولات الترشح لدى المعارضة الحقيقية هدفها خلق هامش للعمل السياسي الذي دمره السيسي تماماً خلال الـ10 سنوات الماضية". وأوضح أن "القضية ليست في الانتخابات، لأنها محسومة للنظام، لكن القضية في القدرة على انتزاع بعض هذا الهامش".
بدوره، رأى رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، النائب السابق محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن النظام لن يدير هذه الانتخابات بنفس طريقة الانتخابات الرئاسية في 2014 و2018، وقال "إنهم يريدون إخراج هذه الانتخابات بشكل أكثر تنافسية وديمقراطية كي يكون لديها مردود محلي ودولي".
السادات: لدى النظام من الوسائل ما يجعل مهمة أي مرشح حقيقي صعبة للغاية
ولفت إلى أن "هناك استهدافا لبعض المرشحين، بوسائل وسبل كثيرة نسمع منها الآن بعض ما يتعرض إليه المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي، والناشر هشام قاسم، وإن لم يعلن عن ترشحه".
وأوضح أنه "ليس هناك شك في أن لديه (النظام) من الوسائل والطرق ليؤثر فيها، ويجعل مهمة أي مرشح حقيقي صعبة للغاية، ليس لشخصه فقط وإنما لمن يحيطون به أيضاً".
وبانتظار "ما تخفيه الأيام المقبلة"، فقد اعتبر السادات أن "انتخابات 2023 سيتم إخراجها بشكل يختلف عن سابقتها، وسيُسمح لكل من يرغب بالترشح، إلا أننا سنشهد بعض المضايقات للمرشحين الحقيقيين الأكثر استقلالاً، من الذين يخاطبون الناس بحق ويبحثون عن حالة حقيقية من الانتخابات".
تكرار للانتخابات الرئاسية المصرية السابقة
في غضون ذلك قال الرئيس السابق لحزب "الدستور" علاء الخيام، لـ"العربي الجديد" إن "النظام المصري لم يجر عملية انتخابية جادة من قبل، ففي 2014 و2018، لم تكن هناك انتخابات ديمقراطية"، وهو ما يتكرر حالياً.
وأضاف أن "النظام يعتمد دائماً على عدم وجود منافس قوي يأخذ الأمور على محمل الجد، فيما تدير الأجهزة الأمنية العملية كلها".
علاء الخيام: النظام يستبعد المرشحين من المؤسسة العسكرية
ولفت إلى أن "النظام يستبعد المرشحين من المؤسسة العسكرية، وهذا حدث عام 2018، وهناك بوادر تحدث حالياً"، مرجحاً ألا يسمح المجلس العسكري، بترشح أي شخصية بخلفية عسكرية، "لأنه من الممكن أن يحدث انقسام داخل المؤسسة".
وأضاف الخيام أن المرشحين الحاليين، معظمهم غير جديين "فالبعض يحاول الترشح من أجل الوجاهة الاجتماعية، والبعض بأوامر من النظام نفسه لتجميل المشهد أو لوضع بديل لموسى مصطفى موسى"، رئيس حزب "الغد" الذي ترشّح في عام 2018 ثم أعلن تأييده للسيسي.
وأشار الخيام إلى أن المرشحين الجديين "مثل الطنطاوي، الذي استطاع أن يستوعب الدرس منذ البداية، ودرس أخطاء الانتخابات السابقة، وبدأ الحملة مبكراً، ودشن حملة جادة تهتم بالناس، ولديه رؤية وبرنامج، وله أرضية شعبية زادها بشكل جيد آخر فترة، فالموضوع ليس تمثيلية كما يروج البعض".
وأضاف أن الطنطاوي مُنع من الظهور في الإعلام، وتم الهجوم عليه، والقبض على عدد من المتطوعين في حملته في دلالة على أن "النظام لا يرغب في أي مرشح جاد في المنافسة النزيهة"، معتبراً أنه لن تُعطى "أي فرصة لأنصار مرشح بالتحرك والنشاط".
وأشار الخيام إلى أن "الهيئة الوطنية للانتخابات حتى الآن غير قادرة على تحديد موعد الانتخابات الرئاسية، وهي أهم انتخابات في الدولة، وذلك أمر يثير القلق".