برّرت اليونان، اليوم الخميس، توقيعها صفقة تسلح دفاعية ضخمة مع فرنسا، وشراءها منها فرقاطات لبحريتها، مؤكدة أنها لا تنوي الدخول في سباق تسلح مع تركيا، في ظلّ الصراع بين البلدين في شرق المتوسط، بل الدفاع عن سيادتها.
واشترت اليونان 18 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز "رافال"، وتعتزم شراء ست طائرات أخرى في إطار برنامج لتحديث قواتها المسلحة، وهو ما وضعه رئيس وزرائها كيرياكوس ميتسوتاكيس في خانة التحالف الاستراتيجي بين أثينا وباريس.
وقال ميتسوتاكيس إنه لا ينوي الدخول مع تركيا في سباق تسلح، آملاً حلّ الخلافات بين أثينا وأنقرة من خلال الحوار، لكن أضاف أنه "يجب على اليونان الدفاع عن أراضيها وسيادتها".
اشترت اليونان 18 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز "رافال"، وتعتزم شراء ست طائرات أخرى
وبعد يومين من توقيع اليونان على صفقة دفاعية مع فرنسا بقيمة حوالي 3 مليارات يورو (3.5 مليارات دولار)، من ضمنها شراء ثلاث فرقاطات فرنسية للبحرية اليونانية، رأى ميتسوتاكيس، خلال مؤتمر منتدى الديمقراطية في أثينا، أنه "لا يمكننا تجاهل حقيقة أننا نعيش في منطقة معقدة للغاية. إنها حقيقة جغرافية لا يمكننا تجاهلها"، مضيفاً: "لا أنوي الدخول في سباق تسلح مع تركيا، وأنا دائماً أمدّ يد الصداقة إلى تركيا. لدينا خلافات كبيرة حول العديد من القضايا، ولكن يجب أن تكون هناك طريقة لحل هذه الخلافات من خلال الحوار".
لكن رئيس الوزراء اليوناني لفت إلى أنه "في نفس الوقت، سندافع عن أراضينا، سوف ندافع عن سلامة أراضينا وسيادتنا وحقوقنا السيادية. ومن أجل القيام بذلك، نحتاج إلى قوة ردع".
وفي شأن الصفقة التي تتضمن اتفاقاً على المساعدة المتبادلة في حال تعرض أي من البلدين (فرنسا أو اليونان) لهجوم من دولة ثالثة، أشار ميتسوتاكيس إلى أن الفرقاطات الفرنسية التي ستشتريها اليونان هي سفن "سوف تقود البحرية إلى عصر رقمي جديد، وستمنحنا قدرة ردع قوية للغاية للعام المقبل، وعلى مدى العقود المقبلة. لدينا التزام للتأكد من أن لدينا القدرة على الدفاع عن أنفسنا".
وفي ما يتعلق ببند "المساعدة المتبادلة"، شرح ميتسوتاكيس أنه "يقول بشكل أساسي، إنه إذا تعرضت أي من الدولتين للهجوم، إذا تعرضت أراضي أي منهما لأمر صعب، وفرض التحدي على سيادة أي منهما، فعندئذ يكون هناك التزام من قبل الطرف الآخر بالمساعدة"، مشدداً على أن "هذه شراكة استراتيجية تتخطى في رأيي بنود المساعدة المتبادلة المشمولة حالياً في المعاهدات الأوروبية".
تتضمن الصفقة اتفاقاً على المساعدة المتبادلة في حال تعرض أي من البلدين لهجوم من دولة ثالثة
وارتفعت حدة التوترات بين اليونان وتركيا، وكلاهما عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، خلال السنوات الأخيرة الماضية، بسبب حقوق التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط. وكان البلدان الجاران على خلاف منذ عقود حول سلسلة طويلة من القضايا، بما في ذلك الحقوق الإقليمية في بحر إيجه الذي يقع بين البلدين، والحدود البحرية والجوية، وحقوق الأقليات.
ويعد مبدأ الدفاع الجماعي أحد المبادئ الأساسية وراء إنشاء حلف الـ"ناتو"، الذي يضم كلاً من اليونان وفرنسا في عضويته. وتنص المادة 5 من معاهدة الحلف على أن الهجوم على دولة عضو يعتبر هجوماً على الجميع.
ولدى سؤاله عن السبب وراء حاجة اليونان لاتفاقية تحالف إضافية، سأل ميتسوتاكيس: "هل تنطبق المادة 5 في حال هجوم من قبل عضو في الناتو؟ لست متأكداً، فالحلف لم يكن واضحاً بشأن هذه المسألة على الإطلاق".
وأضاف أن "واجبي هو الدفاع عن بلدي وتشكيل التحالفات اللازمة، علاوة على الترتيبات الأمنية التي لدينا بالفعل"، مؤكداً أن الاتفاق "لم يكن في منافسة مع الناتو أو أي تحالفات أخرى".
ولفت إلى أن لدى بلاده أيضاً "شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة تسير من قوة إلى قوة. نحن على وشك التوقيع على اتفاقية دفاع وتعاون جديدة مدتها خمس سنوات مع واشنطن"، مضيفاً أن "اليونان وفرنسا والولايات المتحدة أعضاء في الناتو، لذلك لا توجد منافسة حقيقية هنا. نحن نتحدث عن مبادرات تكميلية". غير أنه قال إنه "يمكن أن تكون هناك مواقف قد تعتبر أوروبا المشاركة فيها من مصلحتها، بينما لا ترغب الولايات المتحدة في الانضمام إليها".
وتوسع رئيس الوزراء اليوناني، متطرقاً إلى مسألة القوة الأوروبية، والحاجة إلى تعزيزها وجعلها أكثر استقلالية، بحسب ما ينادي خصوصاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتساءل ميتسوتاكيس: "هل نحتاج إلى تحالف منفصل داخل الناتو؟ أود أن أجادل بالقول إن أوروبا كقارة تحتاج إلى مواءمة قوتها الاقتصادية مع طموحاتها الجيوسياسية. نعم، قد تكون هناك مهام تهتم بها أوروبا، خاصة في منطقة الساحل وفي الشرق الأوسط وفي شرق البحر المتوسط، ولا يرغب حلف الناتو في المشاركة فيها".
وأضاف: "لذلك أرى هاتين المبادرتين مناسبتين تماماً، لكن أيضاً كبيانٍ واضح جداً من جانب أوروبا، إذا تمكنا من الوصول إلى هذه النقطة، بأننا مستعدون وقادرون على اتخاذ مبادرات حتى من دون موافقة حلف شمال الأطلسي. فهذا يعني، أن نكون منفتحين للغاية، من دون موافقة الولايات المتحدة".
(أسوشييتد برس)