بعد انتهاء محادثات العاصمة الأردنية عمّان بين الحوثيين والحكومة اليمنية بالإعلان، يوم السبت الماضي، عن فشل التوصل إلى اتفاق بشأن فتح طرق رئيسية في مدينة تعز المحاصرة منذ العام 2016، تبادل الطرفان الاتهامات، وسط توقعات بعقد جولة ثانية من المحادثات خلال أيام.
لكن هذا الفشل لم يوقف الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتمديد الهدنة الإنسانية المعلنة لمدة شهرين في 2 إبريل/نيسان الماضي، على الرغم من الاتهامات المتبادلة بالخروقات العسكرية والتحشيد في جبهات القتال، وسط مؤشرات إيجابية تمثلت بالإعلان عن انطلاق مزيد من الرحلات من مطار صنعاء.
اتهامات حكومية للحوثيين بعرقلة التفاهمات في عمّان
وبعد إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، السبت، اختتام جولة أولية من النقاشات بشأن فتح طرق رئيسية في تعز من دون التوصل إلى أي اتفاق، قال عضو لجنة التفاوض في وفد حكومة الشرعية عبد الكريم شيبان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الطرف الآخر (الحوثيين) لم يتجاوب مع المطالب المقدمة.
شيبان: نأمل بأن تجد التصورات التي قدّمناها تجاوباً إيجابياً من الطرف الآخر في الجولة المقبلة
ولفت إلى أن وفد الشرعية حمل معه إلى المحادثات "تصوراً واضحاً ومطالب أكثر وضوحاً، ولكل الطرق الرئيسية التي ستخفف بصورة عملية ومنطقية معاناة أبناء محافظة تعز، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم نجد من الطرف الآخر أي تجاوب ملموس مع هذه المطالب"، وإذ أشار إلى أن الوفد قدّم مقترحاته لغروندبرغ، أمل أن تجد هذه التصورات تجاوباً إيجابياً من الطرف الآخر في الجولة المقبلة التي أعلن عنها المبعوث الأممي، وأشار إلى أنه "من المقرر أن تنطلق هذه الجولة خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل جهود مشكورة يبذلها غروندبرغ لإقناع الطرف الحوثي بالموافقة على فتح الطرق"، آملاً أن يسفر ذلك "عن نتائج تلبي حقوق ومطالب الملايين من أهالينا في تعز".
وشدد شيبان على أن الأولوية يجب أن تكون "لفتح الطرق الرئيسية وفق بنود الهدنة الأممية، والابتعاد عن محاولات الانتقاص من الحقوق الإنسانية لأبناء تعز، عبر فتح طرق لا تفي بالغرض ولا ترفع معاناة السكان المستمرة منذ سبع سنوات".
وكان الحوثيون قد أعلنوا، الأحد، أن وفدهم في محادثات عمّان قدّم عرضاً بفتح كافة المنافذ والطرق في عموم المحافظات اليمنية من دون تمييز بين منطقة وأخرى، وأضافوا، خلال اجتماع للحكومة غير المعترف بها في صنعاء، أن "الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر"، في إشارة إلى الحكومة اليمنية، التي اتهموها بـ"التلكؤ عن فتح الطرق والمعابر".
استمرار رحلات صنعاء
لكن مقابل هذه الأجواء السلبية حول تعز، كانت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، بنسختها التابعة للحوثيين، تعلن أن 150 مسافراً غادروا، اليوم الإثنين، مطار صنعاء الدولي على متن الرحلة التجارية الخامسة إلى مطار الملكة علياء في عمّان. وهذه الرحلة الخامسة من أصل 16 رحلة تضمنتها الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في 2 إبريل الماضي.
150 مسافراً غادروا اليوم مطار صنعاء الدولي إلى مطار الملكة علياء في عمّان
ويُرتقب انطلاق أول رحلة تجارية مدنية من صنعاء إلى القاهرة بعد غد، الأربعاء. إذ أعلن وزير النقل بحكومة الحوثيين عبد الوهاب الدرة، في وقت سابق، أن "مكتب المبعوث الأممي أكد تسيير أول رحلة تجارية مدنية من صنعاء إلى القاهرة والعودة في الأول من يونيو/حزيران المقبل عبر شركة الخطوط الجوية اليمنية". ومنذ 15 مايو/أيار الحالي بدأ تسيير الرحلات الجوية من مطار صنعاء، تنفيذاً لبنود الهدنة الأممية التي أعلنت في 2 إبريل.
بن مبارك يستقبل المبعوث الأممي في عدن
إلى ذلك، استقبل وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، اليوم الإثنين، في العاصمة المؤقتة عدن، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، لبحث جهود إنجاح الهدنة واستكمال بنودها.
وقال بن مبارك، بحسب وكالة" سبأ" التي تديرها الحكومة المعترف بها، إن حكومته بادرت لاستكمال التزاماتها المنصوصة في الهدنة بشأن وقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وأبدت مرونة عالية لإنجاح جهود المبعوث الأممي والحفاظ على تماسك الهدنة، مقابل تعنت وصلف كبيرين من الحوثيين باستمرار انتهاكاتهم وخروقاتهم الهدنة وتعقيدهم ملف فك الحصار عن تعز.
وأكد أن أسس الهدنة وأهدافها إنسانية في المقام الأول، وأن عدم الالتزام بأي من بنودها الأساسية يهدد فرص نجاحها، خاصة أن الحصار على تعز ضاعف المعاناة الإنسانية على ما يُقارب خمسة ملايين مواطن في كافة مناحي الحياة.
كما أكد بن مبارك أن ملف فك الحصار عن تعز كان حاضرا في كافة جولات المشاورات السياسية السابقة، وكان أحد البنود الرئيسية في اتفاق استوكهولم، حيث عمدت حينها مليشيا الحوثي إلى تسييس الملف والتهرب من الإيفاء بالتزاماتها، بحسب ما قال.
وأشار بن مبارك إلى التزام الحكومة بضبط النفس بما يخدم نجاح الهدنة وتخفيف المعاناة الإنسانية التي فرضتها مليشيا الحوثي، مطالبًا المبعوث الأممي والمجتمع الدولي بالضغط على مليشيا الحوثي وضمان استكمال شروط وأسس الهدنة، وبالأخص ملف تعز وإيرادات ميناء الحديدة والعمل على تخصيصها لدفع رواتب موظفي القطاع العام، كما شدد على ضرورة استخدام لغة واضحة وصارمة بشأن عرقلة الهدنة وجهود إحلال السلام في اليمن.
من جانبه، أشاد المبعوث الأممي بموقف الحكومة اليمنية وما أبدته من حرص ومرونة والتزام في سبيل تخفيف المعاناة الإنسانية ونجاح الهدنة، مؤكدًا أن ملف تعز على رأس أولويات عمله، وأن النقاشات ما زالت مستمرة، وأنه سيحرص، وبدعم من المجتمع الإقليمي والدولي، على استكمال شروط الهدنة ونجاحها وتمديدها.