الوساطة القطرية مستمرة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

03 فبراير 2023
عند حدود رواندا والكونغو الديمقراطية، نوفمبر الماضي (أليكسيس هوغية/فرانس برس)
+ الخط -

كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري "أنه تم تأجيل التوقيع على اتفاقية سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية، التي كان من المفترض أن توقع في الدوحة الأسبوع قبل الماضي، إلى وقت لاحق لم يحدده".

وقال الأنصاري، في معرض رده على أسئلة "العربي الجديد"، في هذا الصدد: "إن قطر ستبذل جهوداً إضافية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإن مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية محمد الخليفي سيقوم بزيارة كلا البلدين، إذا استدعت الحاجة لذلك".

وأجريت في الدوحة قبل نحو أسبوعين جولة مفاوضات، لم يعلن عنها رسمياً، بين مسؤولين من كلا البلدين، وبمشاركة مسؤولين من كينيا والاتحاد الأفريقي، تمهيداً لتوقيع اتفاق بينهما، والعودة إلى الالتزام باتفاقية لواندا (التي تم توقيعها بين البلدين العام الماضي بعد وساطة الرئيس الأنغولي جواو لورينسو)، إلا أنه تم تأجيل التوقيع على الاتفاقية، لعدم حضور الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.

وهو ما دفع الدوحة لإجراء مزيد من الاتصالات لجسر الهوة بين الطرفين، والسعي مجدداً لتنظيم لقاء بين الرئيس الكونغولي ونظيره الرواندي بول كاغامي في محاولة لتجاوز الخلافات من خلال الحوار.


ماجد الأنصاري: قطر ستبذل جهوداً إضافية لتقريب وجهة النظر بين الطرفين

ونصت "اتفاقية لواندا"، التي أعلنت في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بحضور تشيسكيدي وغياب كاغامي، الذي ناب عنه وزير خارجيته فانسان بيروتا، على وقف إطلاق النار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وانسحاب متمرّدي حركة "23 مارس" من "المناطق المحتلة".

وفي حال رفض المتمرّدون الانسحاب، "تعمد القوة المشتركة التي نشرتها مجموعة شرق أفريقيا في شرق الكونغو الديمقراطية إلى استخدام القوة لإرغامهم على الخضوع".

لكن المتحدث السياسي باسم الحركة لورانس كانيوكا قال لوكالة "فرانس برس"، آنذاك، إن الحركة ليست معنية بالاتفاقية لأنها لم تشارك في الاجتماع. وشدّد على أن "الحركة أعلنت، في إبريل/نيسان (الماضي)، وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، وتعتبره سارياً". وأضاف: "نحن دوماً جاهزون لحوار مباشر مع الحكومة الكونغولية لحلّ الأسباب العميقة للنزاعات".

قطر على خط الوساطة

ووفق مصادر دبلوماسية، فإن دخول قطر على خط الوساطة بين رواندا والكونغو الديمقراطية تم بطلب من الطرفين، وبدعوة من الاتحاد الأفريقي. من جهتها، ردت وزارة الخارجية الأميركية على سؤال لـ"العربي الجديد"، حول مسار المفاوضات بين رواندا والكونغو الديمقراطية، بالتعبير عن القلق العميق إزاء الوضع في شرق كينشاسا، المتاخم للغرب الرواندي.

ولفتت إلى أن تصاعد العنف هناك أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية الهائلة بالفعل، بما في ذلك سقوط مئات القتلى، ونزوح أكثر من 600 ألف شخص، وتصاعد العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلاً عن زيادة انعدام الأمن الغذائي.

ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان أرسل لـ"العربي الجديد"، الثلاثاء الماضي، حركة "23 مارس" إلى "الوفاء بالتزاماتها تجاه عمليات السلام التي تقودها أفريقيا، من خلال الانسحاب الفوري ومن دون شروط إلى المواقع المحددة في اتفاقية لواندا، الموقعة في 23 نوفمبر الماضي".

وحثّ بيان الخارجية الأميركية رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجميع الجهات الفاعلة الأخرى على الوفاء بالتزاماتها، لتأمين حل تفاوضي سلمي للتوترات الإقليمية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ودعا رواندا وجميع الجهات الفاعلة في المنطقة إلى وقف أي دعم أو تعاون مع حركة "23 مارس" والجماعات المسلحة الأخرى.

وكان موقع "أفريكا إنتليجنس" الفرنسي قد كشف عن جهود دبلوماسية تبذلها دولة قطر لتخفيف التوترات بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ولفت إلى أن هناك جهوداً قطرية أميركية لتسهيل الوساطة الدبلوماسية من أجل تحقيق الحوار بين البلدين والحد من التوترات، بعد اتهامات متبادلة بالتخلي عن اتفاق السلام وتبادل البلدين اللوم بشأن دعم المتمردين.

وتصاعدت التوترات بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية منذ العام الماضي، وتبادلتا الاتهامات بدعم المتمردين. وسعياً لاستعادة الهدوء، عقدت قطر والولايات المتحدة محادثات للتقدم نحو السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية.


نيد برايس: على حركة 23 مارس تطبيق اتفاقية لواندا

وأعلنت كينشاسا طرد السفير الرواندي لديها فانسان كاريغا واستدعاء القائم بأعمال سفارتها سيمون ـ أموري ماكانغالا تسينغو، في كيغالي، في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد استئناف حركة "23 مارس" المتمردة هجماتها في شرق الكونغو الديمقراطية، وسيطرتها على بعض المناطق الحيوية هناك، واتهام كينشاسا كيغالي بدعم هجمات المتمردين.

خلافات رواندا والكونغو الديمقراطية

وأنكرت رواندا في بيان رسمي تورطها في دعم المتمردين، ودانت ما وصفته بالتواطؤ بين جيش الكونغو الديمقراطية و"القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، التي تصنفها رواندا "إرهابيةً"، معتبرة أن كينشاسا تقدم الدعم لهذه القوات من أجل استهداف المناطق الحدودية بين البلدين بأسلحة ثقيلة. ولذلك أعلنت كيغالي رفع درجة التأهب بين القوات الرواندية المنتشرة على المناطق الحدودية مع الكونغو الديمقراطية.

وتشكلت حركة "23 مارس" في عام 2012، وهي حركة تمرد تتشكل من عرقية التوتسي، وتمكنت من السيطرة على غوما، في شرق الكونغو الديمقراطية، مدة قصيرة، قبل أن تنجح قوات كينشاسا بمعونة القوات الأممية في دحرها. وتم توقيع اتفاق سلام بين كينشاسا والحركة، بيد أن الأخيرة اعتبرت أن الكونغو الديمقراطية انتهكت الاتفاقية.

وتراجعت أنشطة الحركة على مدار عشر سنوات، بيد أنها عادت منذ نوفمبر 2021 لتشن هجمات متكررة على شرق الكونغو الديمقراطية، كما شنّت، في يونيو/حزيران الماضي، هجمات عدة أدت إلى سيطرتها على مدينة بوناغانا الاستراتيجية المتاخمة للحدود بين الكونغو الديمقراطية وأوغندا.

وتنشط العديد من الحركات المسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية، والتي يتجاوز عددها الـ100 مجموعة مسلحة متمردة، أبرزها، "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، و"المقاومة من أجل سيادة القانون"، و"القوات الديمقراطية المتحالفة" المرتبطة بتنظيم "داعش"، بالإضافة إلى العديد من الجماعات المسلحة القومية، التي تعرف باسم "الماي ماي"، فضلاً عن "التعاونية من أجل تنمية الكونغو" (كوديكو)، وهو ما يؤدي إلى تغذية الصراعات في شرق الكونغو الديمقراطية.

وتوسطت دولة قطر في العديد من الأزمات الأفريقية، آخرها في تشاد، حيث رعت توقيع اتفاق السلام في شهر أغسطس/آب الماضي، بين الحكومة الانتقالية ونحو 54 حركة مسلحة.

اتفاق مهد لإجراء الحوار الوطني الشامل، الذي انتهى بالاتفاق على إجراء الانتخابات بعد فترة انتقالية جديدة، تم الاتفاق عليها بين مختلف الأطراف التشادية. كما سبق للدبلوماسية القطرية أن نجحت في نزع فتيل عدد من الأزمات، أبرزها الاتفاق بين جيبوتي وإريتريا، والصومال وكينيا، وقبل ذلك في دارفور بالسودان.